|


صالح الصالح
ماجد وجيل النخبة
2013-01-20

قديماً قيل “التاريخ يكتبه المنتصرون”، لكن في وقتنا الحالي لم يعد التاريخ يقبل رغبات الأقوياء في تركيعه لصالحهم، بات التاريخ ملكاً للجميع، عصيّ على التطويع، أصبحت مصادره في متناول من يريد الحقيقة الخالصة، وفي المقابل لم يعد الوقت الحالي يقبل محاولات التزييف والتشويه، وإبراز معلومات وأحداث وأرقام وإخفاء أخرى. وحدها التقنية الحديثة من فوّتت الفرصة على من يريد قول غير الحقيقة، بات سهلاً العودة لمواجهات مضى عليها أكثر من 5 عقود، ومشاهدتها كاملةً، والتحقق من أحداثها صوت وصورة من دون الحاجة إلى العودة إلى الأرشيف الذي تعرض إلى التزييف. ـ بضغطة زر تستطيع معرفة تاريخ أي لاعب كان، وعدد أهدافه، ومواجهاته ومنجزاته، ومن مصادر دولية معتمدة من دون العودة لمصادر محلية مكتوبة بحبر ملون حسب ميول من يكتبها. ـ تستطيع الآن وبالاستعانة بجهاز كومبيوتر متصل بشبكة الإنترنت، ومن أي مكان كنت معرفة البطولات الرسمية التي شارك فيها خبير الاتحاد الدولي لكرة القدم وكبير هدافي آسيا ماجد عبدالله، وبإمكانك معرفة كم كأس قارية حملها قائد المنتخب السعودي صالح النعيمة، وتضيف إلى معلوماتك عدد الأهداف التي سجلها فهد الهريفي في كأس آسيا في نسخة 1992 محققاً لقب الهداف، وقبلها مساهمته في تحقيق الكأس القارية في 1988، وسترى التاريخ المميز ليوسف الثنيان وعدد الأهداف التي صنعها في أكثر من مسابقة آسيوية محققاً لقبها لمرتين، هؤلاء نجوم النخبة وغيرهم كثير ممن شاركوا في كتابة تاريخ ميلاد الكرة السعودية الذي توقف قارياً منذ 17 عاماً وتحديداً من 1996 وحتى الآن، وهو أيضاً من سجل المشاركة الأبرز في كأس العالم في 1994، ومنذ عقد ونصف و”الأخضر” يتخبط في “سكة التايهين”، وبجيل “النكبة” الحالي الذي خرج من التصفيات للمونديال مرتين متتالية، وهي من تصنف على أنها الأسهل في تاريخ “الأخضر”، فضلاً عن خروجه من التصفيات الأولية لكأس آسيا وأخيراً الخليج، ويكفي مرتبة الــ126 في التصنيف الأخير لمعرفة الفرق بين جيل النخبة وجيل النكبة. ـ أعتقد أن جميع مناسبات الخيبة الأخيرة منحتنا من الدروس المجانية ما عجزنا عن تقبلها وفهمها والعمل بها، وظللنا في مكابرة لم ننجح في التوقف عنها، وبالتالي رياضتنا تترهل يوماً بعد آخر، حتى باتت لا تقوى على الحركة فضلاً عن التقدم إلى الأمام، وبعضنا يتفنن في الانتصار لناديه ونجومه على حساب سمعة وطن ونجوم تاريخيين من أجل تحقيق بطولات خاصة، أو التحول إلى أبطال مدرج. ـ في دول العالم المتقدمة رياضياً احترام النجوم الكبار أمر غير قابل للمساومة، والإساءة إليهم تتحول إلى قضية رأي عام، تاريخهم يشفع لهم بالدفاع عن محاولات اللاحقين تشويهه، لذا لا تثريب عليهم إن قسوا على الجيل الحالي الذي لا يعرف للبطولات الكبرى طريقاً وللأسف حتى الصغرى لأنها قسوة محب، وممن يخشى على سمعة رياضة وطن أسهموا في صناعتها على مدى سنين طويلة، ونجحوا في تخليد أسمائهم لأنهم قادوا “الأخضر” للمنجزات بخلاف جيل حالي أذاقنا الخيبات والإنكسارات، والتاريخ لا يكذب ولا يتجمّل أيضاً.