|


صالح الصالح
“الرئيس المديونير”
2012-07-29

بين الأندية الكبيرة وشركتيها الراعيتين علاقة قوية مبنية على تحقيق مصالح مشتركة لكلا الطرفين، وبالتالي حرص من قبل كل طرف على الاستفادة من إمكانات الآخر بالشكل الأمثل، وهذا ما تحقق بشكل نسبي في السنوات الثلاث الماضية من عمر الشراكة الإستراتيجية بينهما، والتي شهدت متغيرات متسارعة بشكل كبير جداً يفرض حالياً إعادة النظر في قيمة الرعاية السنوية للأندية. كان مقبولاً جداً أن تتم رعاية أي ناد رياضي بمبلغ 40 مليون ريال قبل ثلاثة أعوام، وكان يمثل هذا المبلغ حينها فتحاً عظيماً في مسيرة الأندية الرياضية المحلية لكن أعتقد أن الوضع الآن مختلف كلياً، وبات هذا الرقم محتاجا للمضاعفة في ظل وجود التزامات إضافية تشكو منها خزائن هذه الأندية التي لديها أكثر من لعبة، ورغم ذلك يذهب الجزء الأكبر من مبلغ الرعاية -إن لم يكن جميعه- لكرة القدم كونها واجهة النادي الرئيسية، وهي اللعبة التي لا تبقي ولا تذر من موازنة النادي، وتشير بعض الأخبار الخاصة إلى عزم الشركات الراعية الحالية على تخفيض مبلغ الرعاية في العقود المقبلة، وتخصيصه بشكل رسمي للفريق الكروي فقط، وهنا ستدخل الأندية في نفق مظلم ليس من السهل الخروج منه. أعتقد أن مجرد الالتفاف إلى بعض تجارب الدول الأخرى وخصوصاً المتقدمة منها يجد أن الوقت حان لتوسيع دائرة الرعاية بحيث يتم تمكين النادي من توفير موارد إضافية في حال رفض الشركات الراعية زيادة المبالغ التي تمكنها من تسيير أمورها بشكل جيد. أفترض أن من المقبول جداً -وهو إجراء معمول به دولياً- أن تتم إعادة النظر في عقود الرعاية الحالية بحيث يتم إجبار الرعاة الاستراتيجيين على رفع قيمة عقود الرعاية أو السماح بوجود رعاة مشاركين مقابل امتيازات أقل من الراعي الاستراتيجي. إذ أصبح من المتعذر حالياً أن تسد قيمة الرعاية مرتبات اللاعبين الشهرية على مدار العام فضلاً عن أن تسهم في تجديد العقود للمحليين وغير السعوديين، والأجهزة الفنية والإدارية والطبية، فمثلاً أحد الأندية مرتبات لاعبيه الشهرية، وكذلك الجهاز التدريبي تقترب من حاجز الأربعة ملايين ريال، وبحسبة بسيطة خلال 10 أشهر فقط سيكون إجمالي المرتبات المدفوعة 40 مليون ريال، وهو ما يوازي 90 % من عقد الرعاية كاملاً، وبذلك سيوجد عجز لمدة شهرين، إضافة إلى عدم القدرة على التعاقدات المختلفة، ومرتبات العاملين في النادي، وكذلك الألعاب المختلفة، وأخيراً وليس آخراً التزامات إضافية لا يغطيها إلا التسول من أعضاء الشرف، أو عقود النقل التلفزيوني أو إعانة الاحتراف ـ الضعيفة في الأصل ـ. أزعم أن الوقت بات مناسباً ليحاول مسيرو الأندية الضغط بقوة على شركائهم الاستراتيجيين من أجل ضمان رفع قيمة عقود الرعاية أو السماح بوجود رعاة مشاركين مثل الخطوة التي أقدمت عليها هيئة دوري المحترفين التي لم تمنعها رعاية شركة “زين” للدوري السعودي من البحث عن رعاة مشاركين لزيادة مواردها، وهو ما تحقق أخيراً مع أكثر من شركة. هذا التوجه الاستثماري يجب أن يكون في ذهن كل إدارة تؤمن بضرورة الاعتماد على قدراتها، وتستثمر إمكانياتها الخاصة، وهو أحد الموارد المهمة التي تحتاج القليل من التفعيل، إضافة إلى تفهم الشريك الاستراتيجي بأهمية المرحلة، وضرورة اللجوء إلى هذه الخطوة التي تفرضها المتغيرات التي ربما سيؤدي تجاهلها إلى تحويل كل رئيس ناد من “مليونير” إلى “مديونير”.