|


صالح الصالح
جوارديولا في زمن (الهياط)
2011-09-27
يقول مدرب برشلونة بيب جوارديولا قبل عدة أيام ـ في أحد أعمق تصاريحه الإعلامية التي تحتاج إلى توقف ـ: إنه لم يسبق له طوال مشواره التدريبي أن تعهد بالفوز بأية بطولة، وأنه يكتفي فقط بوعد الجماهير بتقديم مستوى جيد، وشدد المدرب الشاب خلال مؤتمر صحفي قبل رابع جولات الدوري المحلي على أنه لن يعد بالتتويج ببطولات هذا الموسم، إلا أنه ولاعبيه سيجتهدون كعادتهم لضمان تحقيق أفضل النتائج الممكنة.
انتهى حديثه ولم تنته أفعاله التي قدمته كواحد من أنجح المدربين الجدد، بل تفرد بتقديم أكثر فريق إمتاعاً في تاريخ كرة القدم، هذه ممارسة الكبار الابتعاد عن الوعود، والعمل الجاد لتحقيق المنجزات، هذه الممارسة فشل الكثير ممن يتصدرون مشهدنا الرياضي في الإتيان بها، إذ بات الأكثر قدرة على إطلاق الوعود هو المتصدر لقائمة «لم ينجح أحد».
مثلاً قدم بعض المسؤولين في وزارة الإعلام والقناة الرياضية وعوداً بتقديم تغطية تلفزيونية احترافية غير مسبوقة مدعومة بخبرات أجنبية عقب الأمر السامي الكريم بمنحها الحقوق الحصرية للمسابقات الكروية السعودية، لكن ذلك لم يحدث ميدانياً على الرغم من مضي الجولة الثالثة للدوري، والأصوات الغاضبة من النقل ـ وهي الأغلب ـ لا تزال هي الأعلى، ولم يفلح اجتهاد منسوبيها حتى الآن في تغيير قناعات جمهور لا يطلب كثيراً.
على مستوى الأندية أشغل رئيس النصر جمهور ناديه بقائمة وعود تاهت طريقها نحو أرض الواقع، إذ إن وعده بتحقيق البطولات في ثالث عام من رئاسته لناديه لا توجد له حتى الآن أية مؤشرات، وبالتالي يعفيه من وعده بجعل النصر أفضل فريق في آسيا وهو غير قادر على جعله أفضل فريق في العاصمة الرياض، خلاف الوعد بـ200 مليون ريال من جيبه الخاص انتهت بعدم قدرة الفريق على التعاقد مع محترف آسيوي لافتقار خزانة النادي لمبالغ كافية.
جميع التجارب تؤكد أن الواثقين بقدراتهم لا يتحدثون كثيراً، يتركون لعملهم فرصة التحدث نيابة عنهم، وعندما يجدون أن الظروف لا تساعدهم على الاستمرار أو أنه سيضر ولا ينفع يقدمون الاستقالة رافعين شعار «الكيان أولاً».
متى نتعلم من مدرب برشلونة ثقافة عدم «الهياط»، والمفردة الأخيرة اختراع شبابي محلي خالص يوصف به من يدّعي القدرة على القيام بعدة أمور مختلفة وهو لا يملك أدواتها، أو بمعنى آخر من يصور نفسه «سوبر مان» في زمن الواقعية.
الحقيقة أن وسطنا مليء بجيش ممن يمارسون «الهياط»، شاهدوهم في رئاسة بعض الأندية، في مجالس إداراتها، في بعض اللاعبين والإداريين، حتى في الوسط الإعلامي.
وحده الوقت القادر على إسقاط أرواق التوت عن هؤلاء، الأيام فقط من تستطيع كشف سوءاتهم وتعريتهم، هناك من سقط من أعين الجمهور، وفقد القبول تماماً، والبقية في الطريق.. فقط انتظروا.