|


عبد الغني الشريف
الذكريات القديمة
2011-09-03
أطل علينا عيد الفطر المبارك بعد أن منَّ الله علينا بصوم شهر رمضان شهر الخير والكرم، واسأل الله أن يجعله عيد خير وسعادة للمسلمين، وأرجو من الله أن يجعلنا من الفائزين بالعتق من النار، ها هو العيد يطل علينا ونحن نفتقد أناساً نحبهم ونجلهم خطفهم الموت منا قبل أن يشعروا معنا بطعم وفرحة العيد، أتذكر والدي (رحمه الله)، ولعل آخر من رحلوا عنا الأمير محمد العبدالله الفيصل والشيخ عبدالرحمن بن سعيد (رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته وجميع موتى المسلمين). العيد له بهجة جميلة افتقدناها الآن عن السابق، أتذكر عندما كنت في الصغر في مدينتي ضباء كيف أننا نستعد للعيد من الليل بشراء الملابس والثوب الجديد، وكيف كانت والدتي (حفظها الله) وأخواتي يجهزون البيت ويشترون الأثاث الجديد، وكنت من لهفتي للعيد أضع ملابس العيد بجانبي أثناء النوم من كثر خوفي عليها، وفي الصباح أذهب مع شقيقي عبدالله وأولاد أخواتي للعيد لدى الجيران وكل يسعى لجمع أكبر مبلغ من العيدية وسط تنافس كبير، ونستمر في زيارة البيوت والأهل حتى صلاة الظهر.
أما الآن، فأعتقد أن بهجة العيد اختفت حتى لدى الأطفال، لم يعد البحث عن فرحة العيد بل الآن التنافس بين الناس والأهل في شراء أفخر الحلويات واستعراض البوفيهات في الإفطار، وأنا الآن في جدة افتقد لجمال العيد، فهنا بعد صلاة العيد يذهب الجميع لزيارة الأهل وتناول الفطور، بعدها كل يتجه إلى بيته.. وهكذا ضاعت بهجة العيد. والعيد في جدة هو عيد المكاسب المادية لأصحاب (الملاهي والاستراحات والكبائن)، وهنا أتمنى من هيئة السياحة أن تتدخل للحد من ارتفاع الأسعار وخاصة لمتوسطي الدخل من أهالي جدة وحمايتهم من جشع رجال الأعمال وملاك (الكبائن والشاليهات)، هل يعقل أن عائلة تدفع 20 ألف ريال لقضاء إجازة العيد في الشاليهات لمدة عشرة أيام وهي أجرة سكن فقط؟ فهل هذا يشجع السياحة الداخلية؟ وبصراحة من الأفضل أن يتوجه رب الأسرة إلى دبي أو بيروت أو القاهرة لقضاء إجازة العيد ولن يدفع نصف هذا المبلغ، وللأسف أن أمانة جدة حرمت أهالي جدة من مشاهدة البحر بعد أن قامت بتأجيره لرجال الأعمال، ولم يجد المواطن في جدة غير أن يذهب إلى التلفزيون ليشاهد البحر من خلاله بعد أن حرم من الاستمتاع به.
العيد فرحة حتى لو اختلفت أشكال الفرح بعد أن طغت الماديات على جمال الحياة، ومع ذلك سنحتفل بالعيد لأنه عيد المسلمين وفرحتهم، واسأل الله أن يجعله عيد خير، وأن نكون جميعاً فيه من الفائزين، وأن يعود فيه الخير والقوة للمسلمين، ويبعد الله عنا الفتن، ويحفظ لنا والدنا وقائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي العهد والنائب الثاني، وأن يديم على بلادنا نعمة الأمن والاستقرار، وأن يكون موسمنا الرياضي الذي أصبح على الأبواب موسم حب بعيداً عن الإثارة والإساءة كما كان في الموسم الماضي.