|


عبدالله الضويحي
القضية أكبر من كأس مفقودة
2012-05-08

 


   العثورعلى كأس خادم الحرمين الشريفين لبطولة السوبرالسعودية المصرية التي فاز بها فريق الاتحاد عام 2002 أمام الأهلي المصري بـ 2/3 تباع في الحراج كأي قطعة أثرية بعد الإعلان قبل أكثرمن سنتين عن فقدها مع ثلاث كؤوس أخرى تم استعادة اثنتين منها وهذه هي الثالثة فيما لاتزال الرابعة مفقودة، وإن دارت إشاعات في المنتديات وبعض وسائل الإعلام على أنها موجودة لدى إحدى الفنانات الخليجية المشهورة.


   هذا الحدث يجب أن يقودنا إلى حديث أكثر خطورة وأهمية.


 القضية ليست كأسا مفقودة وتم العثور عليها.. ولاقطعة أثرية ..لكنها في الواقع (عبث بالتأريخ) و(إهمال إداري) وبعض مما تعانيه الأندية لدينا.


  دعونا في البداية نأخذ الموضوع من زاويتين :


الأولى:


نادي الاتحاد..


  الاتحاد ناد عريق له تأريخه ومكانته في الكرة السعودية وهوعميد أنديتها، ولايمكن أن نذكربدايات الكرة لدينا دون المرورعليه كواحد من أساسات هذا البناء ..وبالتالي فله مكانته عند كل منصف.


  وبغض النظرعن بطولاته يظل رمزا من رموزالكرة السعودية على مدى تأريخها، وقدم العديد من نجومه للمنتخب الوطني منذ أول منتخب مثل المملكة وحتى الآن، وهو من خير من يمثل الأندية المحلية على المستوى الخارجي.


  هذا النادي .. لايمكن لأي منصف عاقل أن يرضى العبث بتأريخه ومكانته وسرقة ممتلكاته سواء كان ذلك سرقة حقيقية بمفهومها ودلالاتها أوالتصرف فيها كممتلكات شخصية من واقع إهمال إداري، فالنادي ليس ملكية فردية بقدرماهومؤسسة اجتماعية، وإن كان ملكا للدولة بصفة رسمية إلا أنه ملك لأبنائه ومنسوبيه وللمجتمع عموما بصورة معنوية وعملية.


الثانية:


حالة عامة ..


  وهي أننا كنا ولانزال نعاني من العبث بتأريخنا الرياضي توثيقا، وقد تحدثنا في ذلك كثيرا وهذا له حديث قادم (بإذن الله)، وأصبح العبث الآن برموزأخرى من هذا التأريخ وبعض أدواته.


   أن توجد كأس لبطولة كبرى ملك لأحد الأندية تباع في الحراج ضمن خردوات أو تحف أو مصنوعات قديمة فتلك مصيبة.


  وأن تحمل هذه الكأس إسم (خادم الحرمين الشريفين) رمزهذه البلاد فالمصيبة أعظم.


القضية هنا ..


  ليست في سرقة مجموعة من الكؤوس أو فقدها من أحد الأندية أوالعثورعلى إحداها تباع في سوق الحراج.. خاصة إذا عرفنا شخصية البائع والثمن البخس الذي قبضه مقابل ذلك .. لكنها تتمحور حول نقطتين هامتين :


أولاهما :


  أنها المرة الأولى في تأريخ الرياضة السعودية وبطولاتها الذي يمتد لأكثرمن خمسة عقود وقوع مثل هذه الحادثة (أعني سرقة كؤوس).


قد يحصل اعتداء على النادي أو العبث ببعض ممتلكاته وهي حالات نادرة لكنها لم تصل إلى سرقة (الكؤوس) أو فقدها .. حيث الحراسة الأمنية المشددة على النادي أو لاعتبارات أخرى لدى من يفكر بالإقدام على مثل هذه الخطوة تتعلق بصعوبتها وخطورتها.


الثانية :


  الإهمال الإداري واللامسؤولية .. فما حدث لايمكن أن يتعدى أحد أمرين:


ــ إما ..


  أنها سرقت من خلال اعتداء على ممتلكات النادي، وهذا يعني إهمال النواحي الأمنية وطريقة حفظ ممتلكات النادي.


ــ أو ..


  أنها فقدت بسبب إخراجها من النادي لسبب أو لآخروبطريقة غيررسمية وتصرف لامسؤول ..


  وفي كلا الحالين لابد من التوقف والمساءلة.


ففي الأولى تسيب وإهمال ..


وفي الثانية عبث واستهتار ..


على أننا يجب أن نتوقف هنا عند عدد من الحقائق.


أولا:


   الأسلوب الذي تتم من خلاله نقل المسؤولية أو السلطة من إدارة إلى أخرى في أنديتنا.


  وهل يتم تطبيق النظام عليها كما يحصل في أي جهة حكومية أخرى  أو أي قطاع آخر؟


  المعروف أنه عند انتفال المسؤولية من جهة لأخرى أو من فرد لآخر لابد أن تمر بما يسمى بعملية (الجرد) للأشياء العينية ومحاضر بالاستلام والتسليم وإخلاء مسؤولية الطرف الخلف ونقلها للسلف.


 وهنا وفي حالتنا هذه أو حالات مشابهة نتساءل عن مدى إشراف الجهات المسؤولة ممثلة في مكاتب رعاية الشباب في المناطق على ذلك.


 أشك أن هذا يحصل في جميع الأندية لدينا.. وإن تم فهو إجراء روتيني لايتجاوز التوقيع على محاضر جاهزة .. بل ربما تم التوقيع عليها بالتمرير.


  لو كان هذا الأمر يتم لما فقد الاتحاد هذه الكؤوس، لأن الإدارة التي ستكشف ذلك عند الجرد والاستلام والتسليم سترفض استلام النادي أو على الأقل التوقيع على محضر يخلي مسؤوليتها ويحدد على من تقع المسؤولية في فقدها وفي أي عهد كانت .. وتحت أي إدارة.


ثانيا:


   كان على الإدارة التي فقدت هذه الكؤوس في عهدها التبليغ عنها في حينه، أو على الأقل الإدارة التي تلتها عند استلام النادي لدى الجهات الرسمية لإخلاء المسؤولية في وقتها وتحديدها واعتبارها في حكم المسروقات أو المفقودات عند العثورعليها بدلا من بيعها بهذه الصورة وبدلا من أن يأتي التبليغ عبرعضو شرف في النادي (الأمير خالد بن فهد) الذي خاطب الرئاسة العامة لرعاية الشباب حول هذه المفقودات قبل سنتين تقريبا بعد اكتشاف ذلك، في حين لم يتحدد تماما أو يعلن الوقت أو التاريخ الذي تم فقدها فيه.


وهو ما يعني الإهمال الإداري الذي تحدثت عنه قبل قليل ويطرح علامة استفهام كبرى.


وهذا يؤكد أن الإدارة التي فقدت في عهدها هذه الكؤوس أحد أمرين :


ــ إما ..


أنها لاتعلم عن فقدها وتلك مصيبة.


أو ..


أنها تعلم مصيرها وتكتمت على الموضوع .. وتلك أعظم.


ثالثا:


   وصول الكأس إلى يد هذا الشخص البائع (وهو من جنسية عربية) بعد هذه المدة من فقده يخفي وراءه العديد من الأسئلة والألغاز ويطرح سؤالا أكثر أهمية.


  ماذا لو أن هذا الشخص لم يبع الكأس أو تصرف فيها أو أنها وصلت لشخص آخر فضل الاحتفاظ بها، أو أن الذي اشتراها غير أحمد الزهراني الذي اكتشفها بعد تنظيفها ويعرف قيمتها.


أو كما قال (أي الزهراني) :


إنه معدن عادي ولو كان ذهبا خالصا لأمكن صهره والاستفادة منه، مما يعني (تذويبه) وتذويب القضية معه وضياعه.


رابعا:


  أن إدارة الاتحاد الحالية مع احترامي وتقديري لها لم تتعامل مع الحدث بما يتناسب وأهميته، فاستدعاء الرجل ــ كما يقول ــ إلى النادي لتسليم الكأس وإعطائه خطاب شكر ووعد بإبرازه إعلاميا.. أمورلاتغري كثيرين وتشعره وكأنهم أصحاب الفضل والمنة بينما العكس هوالصحيح في نظره.


  كان المفروض أن تبادر الإدارة بالوصول إليه في مكانه والتعامل معه بأسلوب أكثر رقيا فهم أصحاب الحاجة.


  لو تم ذلك .. أثق أن الموضوع قد ينته بما يرضي كل الأطراف وتطوى صفحته وقد لايصل إلى الإعلام.. وإن وصل فلن تتم مداولته والتعاطي معه بهذه الصوة.


   إننا نقدر لسعادة الأستاذ أحمد مسعود الرئيس الأسبق لنادي الاتحاد الذي تم في عهده الفوز بهذه الكأس، وغيرها جهوده ورقي تعامله في سبيل استعادتها وحرصه على ذلك.


  كما نقدر للواء محمد بن داخل رئيس النادي حرصه هوالآخرعلى ممتلكات النادي وتأكيده على وجود نظام أمني يحمي هذه الممتلكات .. لكن هذا لايعني عدم وجود بعض الثغرات والأخطاء في التعامل مع الحدث.


خامسا:


  أن الموضوع يجب أن لايتوقف عند العثور على هذه الكأس وإعادتها للنادي، بل يجب أن يكون البداية لما هو أكبر.


 المفروض أن يتم التحقيق من خلال الجهات الرسمية مع كل الأطراف ومساءلتهم للوصول إلى الحقيقة إذا ماكانت سرقة بمعناها ودلالتها اللغوية والإصطلاحية.. أو غير ذلك مما تتداوله المنتديات وتتحدث به الإشاعات.. لأنها (الخيط) الذي من خلاله سيتم الوصول إلى (الكأس الرابعة) وإلى السرالكامن وراء فقد الكؤوس السابقة واستعادتها.


  فالمفقودات ليست ملكية فردية بقدر ماهي ممتلكات عامة ورمزلبطولات ولقيادات، وإذا ماتم التعامل معها بحزم قد تكون البداية لإهمال إداري أوعبث آخر.


أعرف أنه ..


  بعد ذلك الخطاب الذي رفعه الأميرخالد بن فهد وحصر المفقودات من جوائز وكؤوس وشهادات، تم تشكيل لجنة من إمارة منطقة مكة المكرمة وأجرت تحقيقات موسعة مع بعض الإداريين والمسؤولين في النادي .. لكن أيا من نتائج ذلك التحقيق لم تعلن حتى الآن رغم مضي أكثر من سنتين عليها.


  وأشارت أيضا مصادر اتحادية بأنه بعد العثورعلى الكأس الثالثة قبل أسبوع أو أسبوعين فإن الكأس الرابعة توجد لدى شخص ما .. وقد طلب فيها 50 ألف ريال لإعادتها ولازالت المفاوضات جارية معه .. مما يطرح علامة استفهام حوله؟


بقيت نقطة هامة:


  أننا ونحن نتحدث هنا عن (سرقة كؤوس نادي الاتحاد).. فإننا لانعني بهذا الإهمال وهذه المطالبة نادي الاتحاد فقط.


  ولا نعني التقليل من شأنه أو قيمته أو تأريخه التي لايمكن أن يخدشها تصرف فردي أو حادثة فردية. بقدرما هي رسالة لوضع قد يحدث في أي ناد من أنديتنا إذا لم يتم التعامل مع هذه الحادثة بما يتناسب وأهميتها وخطورتها ومايترتب عليها من تداعيات.                                 والله من وراء القصد