|


عبدالله الضويحي
الأمان بين تايلاند وعُمان
2011-11-15
بعد انتهاء مرحلة الذهاب في المرحلة الأولى من التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم وخروجنا منها بالمركز الثالث بنقطتين أمام عمان وتايلاند خاصة الأخيرة حيث كانت المباراة على أرضها وكانت مفصلية خرجنا منها بالتعادل .. وقبل ذلك خسارتنا من أستراليا على أرضنا ..
بعد هذه النتائج وتصدر أستراليا المجموعة بتسع نقاط وتايلاند ثانيا بأربع وبعد أن بات وضعنا حرجاً .. تعالت الكثير من الأصوات حتى أنها ربطت مصيرنا بتايلاند وتحدثت كثيرا عن المدرب ... إلخ
في تلك الفترة وقبل أسابيع من الآن كتبت مقالا هنا يوم 18ـ10ـ2001 وتحت عنوان (المنتخب .. مأكول مذموم) تركز حول نقطتين هامتين:
الأولى ..
أننا أشبه ما نكون بإضاعة بوصلة النقد سواء على مستوى الإعلام أو حتى الجماهير الرياضية التي هي صدى لما يطرح في الإعلام.. تارة نقول إن المهم النقاط الثلاث بغض النظر عن المستوى .. وأخرى نتساءل عن فائدة هذه النقاط إذا لم نقدم مستوى يتناسب معها ..
الثانية ..
أنه إذا كان الخطأ في تأخر وصول المدرب .. فإن الخطأ الأكبر في نقده وتحميله المسؤولية فهو يحتاج لوقت كي يتعرف على إمكانات الفريق والتعامل معه .. ناهيك من أن تزامن بدء التصفيات مع بداية الموسم أو قبله كان له أثره السلبي .. فاللاعب عائد لتوه من إجازته ويحتاج فترة من التأهيل لاستعادة حساسيته على الكرة ولياقته الذهنية والبدنية .. مشيرا في هذا الصدد وعطفاً على هذين السببين إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد بإذن الله تغييرا إيجابيا في عطاء المنختب ومتفائل بإمكانية تفوقه وتأهله ..
ما تحدثت عنه في ذلك المقال تمثل بكل وضوح وجلاء في مباراتنا الأخيرة أمام تايلاند في بدء مرحلة الإياب والتي كسبناها بثلاثة أهداف للاشيء وجددت أملنا في التأهل حيث تعالت بعض الأصوات مقللة من الجدارة بهذا الفوز ومصادرة الفرحة به والبعض تناول أمورا أخرى لا علاقة لها بالنواحي الفنية ومنهم من استبق ذلك بين شوطي المباراة وكأنما الأمر قد تم حسمه وغادر المنتخب التصفيات..
لا أقول هنا ..
بأنني أدعي علماً وفهماً أكثر من غيري .. لكنها الحقيقة التي لا تخفى على المتابع ومن ينظر إلى الأمور بواقعية ..
وقبل الدخول في التفاصيل تجدرالإشارة هنا إلى أن أي مباراة لابد أن تندرج تحت ظرفين أحدهما أو كلاهما ..
الأول .. عام:
وهو تصنيف المباراة ودرجتها وموقع كل من الفريقين وأهمية المباراة بالنسبة له من حيث الفوز والخسارة ورصيده النقطي وتحديد موقفه إن كانت بطولة أو تصفيات ... إلخ
الثاني .. خاص:
يتعلق بالمباراة نفسها وظروف كل من الفريقين ومدى انعكاسها عليه والظروف المحيطة به وبالمباراة قبلها وعلاقة ذلك بالمباراة ومدى تأثره بها وأثرها عليه ..!!
مباراتنا أمام تايلاند كانت تندرج تحت هذين الظرفين .. وبالتالي يجب أن ننظر لها من زاوية مختلفة ..
أولاً ..
أن المنتخب وصل (قبل هذه المباراة) إلى مرحلة من الإحباط سواء فرضناها عليه أو أنه هو الذي وضع نفسه فيها وساهمنا في مضاعفة العبء عليه ..
وعلى هذا الأساس ..
فقد كان الفوز أمام أي فريق كان وبأي نتيجة كانت مطلباً ضرورياً ليستعيد اللاعب وبالتالي الفريق ككل بعضاً من ثقته في نفسه وقدرته على التفوق بعد أن أنهى مرحلة الذهاب بنقطتين وهدف وحيد من ضربة جزاء .. وهو ما اتضح جلياً في المباراة خاصة في شوطها الأول حيث أضاع العديد من الفرص نتيجة استعجال التسجيل والرغبة الملحة به.. وكان مجرد تسجيل هدف كفيلاً بتسجيل غيره وهو ما حصل بالفعل عندما توالت الأهداف وفي فترة لا تتجاوز ثلث العمر الزمني للمباراة ..
ثانياً ..
إن الفوز لم يأت من عنق الزجاجة أو بالصدفة أو ساهم الحظ في ذلك .. وإنما جاء عن جدارة وبعد مستوى جيد وبنتيجة جيدة.. بل إن الحظ وقف حائلا أمام مضاعفة النتيجة ..
والتفوق لم يكن فقط في الأهداف بل إن المتابع للمباراة يدرك ذلك من خلال مقارنة بسيطة بين عدد الكرات أو الهجمات التي قادها الفريق ووصل من خلالها إلى مرمى تايلاند وبين الهجمات المضادة حتى في شوط المباراة الأول ..
ثالثاً ..
وهذا هو المهم ..
أن الفرحة التي استكثرها البعض لم تكن لأن الفريق فاز على تايلاند .. فالفوز والخسارة واردة في عالم كرة القدم .. ولكن لعودة روح الفريق واستعادته لثقته بنفسه .. فمنذ فترة طويلة لم نشاهد المنتخب السعودي بهذه الصورة سواء أمام فرق ضعيفة أو فرق أخرى تفوقه مستوى ونتيجة
المنتحب التايلاندي ليس منتخباً ضعيفاً .. وإنما هو أحد الفرق المتطورة آسيويا ولديه لاعبون محترفون وقد أحرج المنتخب الأسترالي على أرضه وبين جماهيره في مرحلة الذهاب وخرج خاسرا بصعوبة 1ـ2
والمنتخب السعودي كمتسيد سابق للكرة الآسيوية كغيره من المنتخبات الأخرى يمر بمرحلة هبوط أو تبذب في المستوى كما حصل للكرة الكويتية أو الإيرانية على مستوى آسيا أو البرتغال وفرنسا على مستوى أوروبا وكأس العالم ..
فالبرتغال تصارع في الوصول إلى نهائيات أوروبا عبر الملحق أمام البوسنة والهرسك وتعادلت معها في مباراة الذهاب .. والحال نفسه مع إيطاليا وإنجلترا وهولندا في بطولات سابقة .. وفرنسا بطلة مونديال 2006 تأهلت لمونديال 2010 عبر الملحق وبهدف غير شرعي أمام أيرلندا وخرجت من الدور الأول في النهائيات وبصورة مذلة ..

اليوم نقطة تحول
اليوم تقام الجولة قبل الأخيرة من هذه التصفيات التي تأكد وصول أربعة منتخبات منها من أصل 10 تصل لنهائيات آسيا يتأهل منها أربعة منتخبات ونصف إلى كأس العالم ..هذه المنتخبات الأربعة هي الأردن والعراق واليابان وأوزبكستان
ومن المتوقع أن تتحدد معالم الكثير من المجموعات هذا اليوم .. خاصة مجموعتنا التي ربما تم حسمها اليوم بصورة نهائية ..
فوز عمان على أستراليا لخبط حسابات المجموعة وأحدث انقلابا كبيرا فيها حيث أصبحت جميع الفرق مرشحة للتأهل للمرحلة المقبلة بعد أن كان بعضها على وشك المغادرة ..
هذا الفوز سيكون له انعكاسه ولاشك على جولة اليوم ..
ـ فوز أستراليا على تايلاند أو تعادلها معها في ملعب تايلاند وفوز منتحبنا على عمان يعني حسم المجموعة لصالح كل من أستراليا والسعودية ..
ـ تعادل منتخبنا (لا سمح الله) في مباراة اليوم يدخله في عالم الحسابات ولا يفقده الأمل ..
ـ أما خسارته فتعني الدخول إلى النفق المظلم وصعوبة التأهل إن لم تكن المغادرة ..
فوز عمان ـ كما قلت ـ ألقى بظلاله على مباراتي اليوم إلى جانب فوز السعودية على عمان ولمصلحة منتخبنا ..
أستراليا ــ تايلاند
خسارة أستراليا أدخلتها مرحلة الحسابات مما يعني حرصها على تجاوز هذه المرحلة بالإصرار على الفوز أمام تايلاند على اعتبار مباراتها المقبلة ستكون مع المنتخب السعودي وهي لا تدرك كيف ستكون ظروف المباراة؟ .. وإقصاء تايلاند سيكون في مصلحتنا تحسباً لأي نتائج ـ لا سمح الله ..
السعودية ــ عمان
فوز منتخبنا على تايلاند أعطاه دفعة معنوية كبرى وثقة بالنفس بالقدرة على الفوز وبالتالي التأهل للمرحلة المقبلة ..
وفوز عمان وتجدد أمله يحعله أكثر حرصاً على الفوز اليوم مما يضعه تحت ضغط نفسي كبير ..
منتخبنا مطالب اليوم بأن يحسن التعامل مع ظروف المباراة خاصة من الناحية النفسية التي أرجو ألا تنعكس على أداء الفريقين ومن ثم على المباراة خاصة من جانب المنتخب العماني الشقيق..
هذا إلى جانب تصحيح بعض الأخطاء في الفريق التي يجب ألا نغفل عنها في ظل الفوز السابق على تايلاند ..
فالفريق العماني لديه من الإمكانات والقدرات واختلاف الأسلوب في الأداء ما يمكنه من الاستفادة من تلك الأخطاء والتعامل معها لصالحه ..

المكافأة والثلاثي المحروم
إذا كنا نتحفظ على مضاعفة المكافآت أو ننتقد حجمها وأسلوبها في بعض الأحيان .. فإن مضاعفة مكافأة لاعبي المنتخب بعد فوزهم على تايلاند لها ما يبررها دونما دخول في تفاصيل ذلك .. لكن لا يمكن فصلها عن الوضع المسبق للاعبين والمنتخب ليس قبل هذه المباراة وإنما لفترة خلت ..
ويأتي حرمان الثلاثي نواف العابد وحسن معاذ وأحمد عطيف من هذه المكافأة على خلفية تصرفهم في نهاية المباراة دليلا على أن تلك المكافأة لم تكن ردة فعل آنية بقدر ما تعود للأسباب التي ألمحت إليها .. وأنه لابد من التفريق بين اللاعب المحسن واللاعب المخطئ ..
تصرف هذا الثلاثي لم يكن له ما يبرره خاصة نواف .. فالفريق متقدم بثلاثة أهداف
وفي قمة روحه المعنوية ..
والمباراة تلفظ أنفاسها الأخيرة ..
ولم تكن المخاشنة التي ارتكبها اللاعب التايلاندي مع نور تستدعي هذا كله فأمرها متروك للحكم ..
هذا التصرف من هؤلاء اللاعبين الثلاثة يؤكد ناحيتين:
ـ الضغوط النفسية على اللاعبين عموما وعلى الفريق ككل قبل المباراة .. مما انعكس بأثره على تصرفهم في أول لحظة اختبار ..
ـ قلة خبرتهم وعدم إدراكهم لأبعاد مثل هذه التصرفات ..
والشيء الذي يجب أن يدركه هؤلاء أن تصرفهم محسوب عليهم كما هو محسوب على المنتخب وأن تصرفاً كهذا يجعلهم تحت طائلة العقاب وربما أدى إلى الضرر بهم وباتحاد بلادهم .. وقد يتسبب في إيقاف لاعبين في وقت حرج وأحوج ما يكون فيه المنتخب لخدماتهم ..
الحكم والاختبار الحقيقي
حكم المباراة متواضع الخبرة في المباريات الدولية والذي كان مصدر تخوف .. نجح في إدارة المباراة لأن الفريقين ساعداه في ذلك بحرص كل منهما على اللعب والفوز .. لكنه ــ أي الحكم ــ أخفق في أول اختبار حقيقي له وذلك في دقائق المباراة الأخيرة من ناحيتين:
الأولى ..
ضربة الجزاء لصالح منتخبنا بإعاقة محمد نور كانت صحيحة لكن كان من المفروض إنذار اللاعب لأنه أعاق نور في حالة هجمة خطرة مواجهة للمرمى إلى جانب دخوله من الخلف واكتفى باحتساب ضربة الجزاء دون قرارات أخرى ..
الثانية ..
أعتقد أنه السبب المباشر فيما حدث في نهاية المبارة من احتكاك بين الفريقين ..
فالوقت بدل الضائع كان 3 دقائق .. ولم يكن هناك وقت ضائع خلال هذه الدقائق الثلاث ومع ذلك امتدت المباراة إلى 5 دقائق إضافية وجاءت الأحداث قبل نهاية الدقائق الخمس بعشر ثوان ..
ولو أنه تصرف بحكمة ومن خلال خبرة وأنهى المباراة بعد انتهاء الدقائق الثلاث أو على الأقل 4 أو 4 وبضع ثوان .. كل هذه كانت كفيلة بمنع ما حدث ولا تصل بالمباراة لهذه المرحلة خاصة وأنها كانت محسومة سلفاً ..
واضح أن أي تمديد في الوقت كان يشكل ضغطاً نفسياً على الفريق التايلاندي خاصة عندما يكون التمديد غير مبرر والفريق في هذا الوضع وهو ما حصل بالفعل...

الرقم 16 كشفهم ..
معلق المباراة يفترض أن يكون أكثر تركيزاً ومتابعة للمباراة وأن يتعامل معها بدقة واهتمام بعيداً عن الثقة المفرطة والإعتداد بالنفس أو الخبرة مهما كانت .. وكذلك المحللين..
أما أن يقع هؤلاء وخاصة المعلق ضحية مكالمة أو ملحوظة عابرة من مشجع غير متابع بأن الحكم منح لاعباً ما (اللاعب رقم 16) إنذارين دون أن يطرده من الملعب . فأعتقد أن هذا الأمر غير مقبول على الإطلاق . . بالذات من المعلق الذي يفترض أن يكون أكثر حرصاً ومتابعة وخاصة أن اللقطة تم إعادتها بين الشوطين وتم التأكد منها أثبتت صحة قرار الحكم ومع ذلك يأتي ليتحدث عنها في الشوط الثاني ويثير بعض الجدل حولها .. مع غياب التنسيق بينه وبين المخرج وهو الواضح من خلال هذه الحالة.
والله من وراء القصد.