|


عبدالله الضويحي
أنا وابن عمي على ابن همام والقرار التاريخي
2011-05-24
هل أخطأ القطري محمد بن همام عندما رشح نفسه لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) منافسا لرئسيه الحالي جوزف بلاتر على هذا المنصب؟ أم أنه أخطأ التوقيت؟
أم أخطأ في أسلوبه في إدارة المعركة؟
وإذا كنا نتفق أنه لم يخطئ في ترشيح نفسه باعتبار ذلك حق من حقوقه وهو حق مكتسب ومكفول لكل شخص تنطبق عليه شروط الترشح لهذا المنصب، ناهيك عن أن ابن همام لديه طموحات كبيرة يسابق بها الزمن، وقد وضح ذلك جليا في قيادته للكرة الآسيوية. كما أن قطر الشقيقة كدولة ينتمي لها ابن همام تملك هي الأخرى طموحات كبرى في العديد من المجالات وأبرزها كرة القدم..إذا اتفقنا على ذلك.. فإن كثيرين لايختلفون على التساؤلين الآخرين أو على أحدهما على الأقل.
شخصيا..
احترم ابن همام وأقدر له طموحه هذا، وأتمنى أن يكون لكثير من القيادات الرياضية العربية مثل هذا الطموح.
وقد كتبت عنه كثيرا وفي مناسبات مختلفة وعن قيادته للكرة الآسيوية، مؤكدا على النجاح الكبير الذي حققه معها وعلى الحراك الذي أوجده في هذه الكرة، وأعتقد أن أي منصف مهما اختلف مع محمد بن همام لابد أن يعترف بما قدمه للكرة الآسيوية وتغيير خارطتها في زمن قياسي، وكان من الواضح لأي متابع لخطواته في الكرة الآسيوية وغيرها أن طموحاته تتجاوز ذلك بكثير.. وأعني التطلع لقيادة المنظمة العالمية للكرة (فيفا).
ولا أرى أنني أخفي سرا.. بل إنني أعلنها صريحة وأجهر بها، وهي أن أمنيتي بأن يصل ابن همام لهذا المقعد، وأعتقد أنها أمنية كثيرين حتى لو اختلفوا معه.. إن لم يكن لذاته فعلى الأقل لانتمائه لهذه المنطقة ولهذا العالم الثالث تنمويا وكرويا، لكن ليس بهذه السرعة وهذا التوقيت وهذه الطريقة.. كما يرى البعض وأرى شخصيا، مما يدعونا للتوقف عند السؤالين الماضيين المتعلقين بالتوقيت وإدارة المعركة ــ إن جاز التعبير ــ أو الحملة الانتخابية على الأصح.
التوقيت..
مع حلول موعد الانتخابات يوم الثلاثاء المقبل الأول من يونيو يكون ابن همام قد أكمل عامه الـ 62 (متعه الله بالصحة والعافية).. وهو عضو في فيفا منذ عام 1996 ورئيس للاتحاد الآسيوي لكرة القدم منذ مايقارب عشر سنوات وتحديدا منذ عام 2002 ويملك روحا شابة ويتمتع بحيوية الشباب وطموحه وتطلعاته، وهي الورقة التي كان يعول عليها كثيرا في حملته الهادفة إلى التغيير في عصر يتسارع إيقاعه في سباق مع الزمن.
في المقابل يبلغ منافسه بلاتر من العمر 75 عاما، وهو عضو في فيفا منذ 1975 (36 عاما) كمدير للبرامج والتطوير، ثم أمينا عاما في 1981 ومديرا تنفيذيا في عام 1990 ثم رئيسا لفيفا في 1998 ولازال حيث تم انتخابه في 2007لولاية ثالثة، ومن هذا المنطلق أرى لو أن ابن همام أجل ترشيح نفسه إلى الدورة المقبلة 2016 ووقف إلى جانب بلاتر في هذه المرحلة أو على الأقل دخل السباق كنوع من جس النبض ورمي الحجر في بركة الماء الراكدة، فإذا ما أدرك أن الأمور تسير في غير صالحه انسحب لمصلحة بلاتر دون ضجيج ودون هذه الإثارة والاتهامات المتبادلة، كما فعل الأوروبي يوهانسون في الانتخابات السابقة عندما أدرك أن الأمور لاتسير لصالحه بناء على تقارير مستشاريه فانسحب في الجولة الأخيرة وبارك لبلاتر، ومن ثم الترشح لانتخابات 2016واللعب على ورقة تنظيم قطر لمونديال 2022 بعد أن يكون قد اكتسب المزيد من الخبرات وترتيب العلاقات داخل هذه المنظومة ليكون على رأسها عندما تنظم بلاده كأس العالم.
أعتقد لو تم ذلك..
فإن فرص فوزه ستكون كبيرة جدا.. بل ربما ينسحب بلاتر ويتقاعد بعد أن يصل الـ79 بعد عقود من العمل داخل فيفا، ويدعم ابن همام تقديرا له وردا لجميله في هذه الدورة، إلا إذا كان أبوجاسم يعتقد أن الفرصة ستكون أكثر صعوبة لدخول منافسين آخرين وجدد، وفي كل الأحوال أرى أنه لم يوفق في إدارته للحملة لأنه حتى لو فاز بهذه الدورة فإن التساؤل المطروح: هل سيجلس على الكرسي ثلاث دورات متتالية ليضمن رؤية بلاده من هذا المقعد العالي وهي تنظم المونديال؟
المشكلة..
في تجاوز الطموح سواء كأفراد أو ككيانات.. واستعجال الوصول، وقد يكون هناك من دفعه لهذا دون تفكير في إبعاد ذلك ودراسته من كافة الجوانب.
إدارة المعركة..
واسميها معركة تجاوزا.. لكنها هي التسمية المناسبة والمعروفة (معركة انتخابية)، وأعتقد أنها أشرس وأعنف معركة في السباق على هذا المنصب في تاريخ فيفا من حيث تبادل الاتهامات والمواقف بين المتنافسين.
وإذا كان ابن همام قد أخطأ في دخوله المعركة في هذا التوقيت، أولنقل قد قررالدخول إليها فقد أخطأ في أسلوب إدارتها.
وابن همام يدرك تماما أو كان عليه أن يدرك أن دخوله على هذا الخط بهذه الصورة وترشيح نفسه لقيادة فيفا هو سلاح ذو حدين :
فإما..
أن يعتلي هذه الإمبراطورية بكل قوتها وجبروتها وأمجادها..
أو..
أن يغادر الساحة الرياضية.. (وهذا ما سيتضح من خلال الأسطر المقبلة)، لقد أخطأ التقدير في الأصوات الآسيوية والأفريقية التي تمثل نسبة كبيرة في فيفا خاصة الأصوات العربية المنتمية لهاتين القارتين وبعض الأصوات من هنا أو هناك.. ناسيا في هذا الصدد نقطتين أساسيتين أولنقل فاتت عليه نقطتان :
الأولى..
أن الأصوات الآسيوية انقسمت حوله قبل سنتين عند الترشيح لمنصب نائب رئيس فيفا عن آسيا مع منافسه آنذاك الشيخ سلمان آل خليفة وفوزه بفارق ضئيل، بمعنى أن هناك بعض الأصوات غيرراغبة فيه حتى وإن وجد بعض التطمينات من أصحاب التأثير.
الثانية..إن العلاقات الشخصية لاتكفي في بعض الأحيان في ظل مجتمعات ترتبط بالقرار السياسي في كل أموها وتتأثر به، بحيث تنعكس علاقات الدول ومواقفها على مواقف الأفراد بغض النظرعن علاقاتهم الشخصية، وأقربها الاتحاد المصري الذي تغير موقفه بعد أن أعطى الضمانات لابن همام، معيدا للأذهان دون أن يصرح بموقفه من ترشيح مصر لاستضافة مونديال 2010 وقوله إنها لاتستحق ذلك.. وغيره من الاتحادات.
كما أن محمد بن همام نفسه له مواقف مع آخرين عند ترشحهم لمقاعد فيفا ممن كان يعول على اتحاداتهم الكروية أن تكون معه وتأثرت مواقف هذه الاتحادات بذلك، وهناك شعوب أو أفراد لا يحفظون الود في بعض الأحيان، فكيف بمن ينتظر المواقف لتصفية الحسابات أو الرد على مواقف مضادة، ويبدو أن أباجاسم كان يتحرك بصورة فردية في رسم سياساته واتخاذ قراراته، أو أن مستشاريه ــ إن وجدوا ــ ليسوا على درجة من الكفاءة والقدرة على قراءة الأحداث والسيناريوهات المحتملة.
الخطأ الأكبر في نظري..
هو أن ابن همام بدأ معركته الانتخابية بأسلوب (الهجوم خير وسيلة للدفاع)، وهو أسلوب لم يعد مجديا في هذا العصر وفي (معركة الانتخابات) بالذات، وهو خير من يدرك اللعبة الانتخابية وكيفية ترتيب الأوراق، فهي أشبه ماتكون بالقمار في بعض الأحيان وإخفاء الأوراق واعتمادها على الورقة الأخيرة.. وربما احتاجت بعض الحظ والدعوات.
تحتاج للصوت الأقوى وليس الأعلى، وقد سبق أن امتدحت ابن همام في مقال سابق تحت عنوان قريب من هذا، مؤكدا أن صوته هو الأقوى وليس الأعلى، لكنه هذه المرة مارس الصوت الأعلى مما أضعف قوة صوته، حيث اتهم فيفا وبلاتر بالفساد الإداري والمالي وهو جزء من هذه المنظومة وأحد أعضائها منذ ترؤس بلاتر لها قبل أكثر من عقدين من السنوات.
هذا الهجوم المتوالي.. والتبشير بأنه قادم لتطهير فيفا أدى إلى فتح ملفات هو في غنى عنها.. وقطر أيضا.. وأبرزها ملفها لاستضافة مونديال 2022 الذي كان شائكا وتم غلقه رغم الحديث عنه، ووجدها بلاتر فرصة لاستخدامه كورقة ضغط بل ونقطة ضعف بعد أن فتحته صحيفة الصندي تايمز البريطانية ما أدى إلى توحيد الموقف الأوروبي ودول أخرى، حتى أفريقيا التي كان يعول عليها كثيرا وبسبب مواقف معينة تحولت بكاملها إلى صف بلاتر ودولا عربية أخرى وبعض الدول الآسيوية.
ـ أوروبا..
وفي هذا الوقت بالذات لايمكن أن ترضى أن يقودها رجل من العالم الثالث كرويا وبهذا الأسلوب والمنطق، خاصة أن بلاده لم تخرج بعد من إرهاصات استضافة مونديال 2022 الذي تقف ضده، كما أنها تطمع في استمرارية قيادة هذه المنظومة.. وربما كان بلاتيني نائب بلاتر الآن الرجل القادم لقيادتها ورغبة في عودة فرنسا لقيادة هذه المنظمة كما بدأتها أول مرة، وكانت أول كأس باسم مواطنها جول ريميه.. رغم أن بلاتيني على خلاف مع بلاتر وعدوه اللدود.. وكان قد رشح نفسه لهذه الدورة كآخر المرشحين ثم سحب ترشيحه بعد 24ساعة تاركا الساحة لبلاتر وابن همام.. مما طرح تساؤلا كبيرا حول الهدف من هذه الخطوة، إلا أن المصلحة تحتم ذلك وعلى حد تعبير المثل العربي (أنا وأخوي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب)، في ظل هذا الوضع والتقارير التي تشير إلى أن بلاتر جمع حتى الآن مايزيد عن 170 صوتا هي أصوات أوروبا وأمريكا الجنوبية والكونكاكاف وإفريقيا وبعض الاتحادات الآسيوية بما فيها الاتحادات العربية المنتمية لهاتين القارتين، في حين أن ابن همام جمع حتى الآن مايقارب العشرين صوتا وهي بعض الاتحادات الآسيوية، وقد يفقد أصواتا أخرى بعد موقفه الأخير من الكرة الإيرانية وتصرفاتها تجاه دول المنطقة وتجاه الكرة السعودية ودفاعه عن الاتحاد الإيراني لكرة القدم في وضع لا يقبل المناقشة.
في ظل هذا كله فإن ابن همام أمام أحد أمرين :
ــ إما الاستمرار في خوض الانتخابات والخروج منها بموقف لا يحسد عليه.
ــ أو..
الانسحاب.. وهو الأقرب لأن مصالح معينة تفرض عليه ذلك. وربما كانت هذه بداية النهاية لعهد ابن همام الذي ربما يفقد منصبه آسيويا أيضا أو ينسحب من المشهد الرياضي.. ويكتب نهاية رجل شجاع نتمنى حقيقة أن لاتخسره الكرة الآسيوية، فرجل مثله مهما اختلفنا حوله إلا أنه يظل جديرا بالاحترام..والله من وراء القصد.

الانضباط.. والقرار التاريخي
بغض النظر عن الأطراف المتضررة أو المستفيدة من القرار.. وما سيترتب عليه فيما بعد من استئناف أوعدمه وما يترتب على ذلك أيضا، وفي الوقت الذي انتقدنا فيه لجنة الانضباط أكثر من مرة على قراراتها ومواقفها، إلا أننا في هذه المرة يجب أن نشيد بها ونصفق لها طويلا لجرأتها واتخاذها هذا القرار التاريخي في الكرة السعودية، الذي تمثل في حسم ثلاث نقاط من كل من فريق الوحدة وفريق التعاون وتغريم كل منهما 300ألف ريال بسبب ما حدث في مباراتهما في الجولة الأخيرة من دوري زين للمحترفين من تواطيء على النتيجة (على حد تعبير القرار)، كون التعادل هو النتيجة الوحيدة التي تبقي الوحدة ضمن الدوري وتؤهل التعاون للمسابقة الكبرى على كأس الملك للأندية الأبطال، وما ترتب على هذه القرارات من هبوط للوحدة إلى مصاف الدرجة الأولى وخروج التعاون من التأهل للمسابقة، هذه القرارات حفظت للرياضة عموما ولكرة القدم على وجه الخصوص وجهها المشرق وحفظت لها تنافسها الشريف.
لنترك هذه جانبا ونحلل الموقف وما حدث بالتفصيل..
عندما قرر الاتحاد السعودي لكرة القدم كعادته في كل موسم وكما هو معمول به في كل دول العالم وكل المسابقات الرياضية أن تنطلق مباريات الجولة الأخيرة في وقت واحد كان يهدف بالدرجة الأولى لغلق الباب أمام كل التأويلات وجعل الفرص متساوية والبعد عن أي مجال لإثارة الشكوك حول التلاعب بالنتائج، بل إن الاتحاد هذا الموسم جعل مباريات الجولتين الأخيرتين تبدأ في وقت واحد إمعانا في حرصه على تكافؤ الفرص.
وعلى هذا الأساس فإن أي محاولة أو أي مخالفة لذلك لابد أن تثير الشكوك من الوهلة الأولى، وقد تعودنا أن تتأخر بعض المباريات لسبب أو لآخر بضع دقائق.. لكن أن تتأخر ربع ساعة وهو ما يعادل 16% من زمن المباراة وهو وقت كاف جدا للتعرف على نتائج الآخرين والتسجيل أو تعديل النتيجة.. إلخ. فإن هذا مايدعو للريبة..
الأمر الثاني..
إن مبررات الوحداويين غير منطقية ولايمكن قبولها ناهيك من تناقضاتها، فرئيس النادي عزا ذلك إلى تأدية اللاعبين الصلاة..
والسؤال الآن..
ماذا عن الـ 25 مباراة الماضية في الدوري.. هل كان اللاعبون لايؤودون الصلاة فيها؟
ولماذا في هذه المباراة بالذات تأخروا في تأدية الصلاة؟
والأكبر من ذلك الادعاء أن المباراة أقيمت في وقتها.
فيما عزا مدير الفريق ذلك التأخر إلى حاجة المدرب لمزيد من الوقت لشرح خطة المباراة.
هذا التبرير أكثر قبولا من تبرير الرئيس، لكن مع احترامي وتقديري له إلا أنه يذكرني بالطالب الذي يتأخر عن الدخول إلى قاعة الاختبار بعد ضرب الجرس بحجة المراجعة النهائية.
والسؤال..
ماذا كان يعمل المدرب طوال الأيام الماضية؟
وهل اللاعبون لم يستوعبوا الخطة، وما هو مطلوب منهم حتى يمدد الشرح؟
هذا التصرف من قبل الوحدة يفتح عليه الباب ويعيد فتح ملفات سابقة لم يتم غلقها بعد حول مواقف مشابهة تتعلق بالهروب من شبح الهبوط.
وحتى تبرير التعاونيين مع احترامي لهم بأن تأخرهم جاء بناء على طلب (أحد المنظمين) للنزول برفقة الوحدة.. من هو هذا المنظم؟ وإذا كان صحيحا.. يجب أن ينال جزاءه هو الآخر..ثم إذا كان المنظم على خطأ.. هل نجاريه؟
لماذا لم ينزل الفريق؟
لو نزل التعاون أرض الملعب في الوقت المحدد لاضطر الوحدة للنزول هو الآخر، لأن تأخره ربع ساعة سيعرضه للانسحاب وشطب نتائجه.. الخ
من قرارات في هذا الخصوص.. لست ضد التعاون أو الوحدة.. لكنني مع كل ما يحفظ للرياضة قدسيتها وقيمها النبيلة وروحها المثالية والرياضية.. والله من وراء القصد.