|


عبدالله الضويحي
( مرحلة رجل ).. و .. ( رجل مرحلة )
2011-02-01
يأتي تكريم الأمير سلطان بن فهد بن عبد العزيز الذي سيتم مساء اليوم عقب انتهاء فترة عمله كرئيس عام لرعاية الشباب , بعد أن قدم استقالته من هذا المنصب ومناصبه الشبابية والرياضية الأخرى ليؤكد على حقيقتين :
الأولى :
أن هذا التكريم لا يأتي من كونه موظفا أنهى فترة خدمته أو تقاعد من عمله.. بقدر ما هو تقدير من الشباب والرياضيين عموما ممثلين في “رعاية الشباب” على ما قدمه سموه طيلة فترة عمله من أعمال جليلة.. ونجاحات على هذا الصعيد، وما حققته الحركة الشبابية والرياضية في عهده من انجازات سواء على صعيد الكوادر.. أو التنظيمات.. أو النتائج الفنية.
الثانية :
أصالة الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب صاحب الفكرة.. وسمو فكره من خلال تقديره للعطاءات والوفاء لهم.. فكيف إذا كانت هذه الكفاءة بحجم وعطاء “سلطان بن فهد”..؟ والأمير نواف هو الأكثر معرفة ودراية بما قدمه سموه من خلال ملازمته له على مدى عقد من الزمان.. وهي ليست غريبة على (ابن فيصل بن فهد).. أمير الوفاء ورجل المواقف.
لقد عمل الأمير سلطان بن فهد ما يقارب العقدين أمضى جزءا منها ساعدا أيمن لرجل الانجازات وباني الرياضة السعودية الحديثة الأمير فيصل بن فهد يرحمه الله الذي ولاه كثيرا من المسؤوليات فكان نعم المسؤول.. والمشارك في صناعة كثير من النجاحات في تلك الفترة.. ثم أمضى الجزء الأكبر منها مسؤولا مباشرا عن هذا الجهاز.. فواصل مسيرة العطاء والتنمية في بلادنا الغالية. لم يكن الأمير سلطان رئيسا لاتحاد كرة القدم فقط... أو مسؤولا عن القطاع الرياضي فقط... بل كان مسؤولا عن قطاع الشباب والرياضة.
ومن هنا..
فإن أي رأي عاقل.. لابد أن ينصف الرجل وينصف مرحلته.
لقد تميزت فترة الأمير سلطان بالعديد من الانجازات والنجاحات سواء على صعيد التنظيمات الإدارية واللوائح.. أو إعداد الكواد وتطويرها.. أوعلى صعيد النتائج الفنية في المنافسات الرياضية.. لعلي أشير هنا إلى بعض منها كشاهد عصر يعتمد على الذاكرة ومعايشة هذه الإنجازات على أرض الواقع أكثر من كوني موثقا وراصدا لها..
الكوادر الرياضية:
ـ ابتعاث عدد من الشباب لدراسة الماجستير في الاحتراف وتأهيلهم للعمل في الأندية.. (3 في الدفعة الأولى).. والتخطيط لإرسال عدد آخر.. ـ وصول بعض الكوادر السعودية الشابة إلى مقاعد هامة في الاتحاد الآسيوي ومشاركتها في تنظيم كأس العالم ضمن لجان العمل الإشرافية.. (د.حافظ المدلج ومحمد النويصر.. وغيرهم) ودعم هذه الكوادر وفق منهجية واضحة لتحتل مكانة أكثر فاعلية وتأثيرا في المستقبل.
التنظيمات الإدارية:
ـ تعديل لائحة الاحتراف وتطويرها أكثر من مرة وإشراك الأندية والإعلام في مناقشتها وإعدادها.. بما يتناسب وطبيعة المرحلة.
ـ إيجاد هيئة خاصة لدوري المحترفين تهتم بشؤونه تمهيدا لاستقلاليته.. ومنحه المزيد من الحرية والخصوصية.
ـ إيجاد مداخيل أخرى رديفة وأساسية للأندية من خلال بيع الدوري.. وحقوق النقل.. وإعطاء الفرصة للقطاع الخاص للاستثمار فيها.. تمهيدا لتخصيصها بالكامل.. حيث صدر قرار سابق بهذا الخصوص.. يهتم بتخصيص الأندية.
ـ انتخاب نصف عدد الأعضاء في اللجنة الأولمبية والحال كذلك في مجالس إدارات الاتحادات الرياضية.. كخطوة أولى.. يليها مستقبلا انتخاب كافة الأعضاء.
ـ تشكيل لجنة تأسيسية لاتحاد الإعلام الرياضي..وإقرار لائحته.. ورفعها للجهات المختصة تمهيدا لإشهاره.. وإشهار عدد آخر من الاتحادات الرياضية.
ـ استمرار العلاقة المميزة للاتحاد السعودي لكرة القدم مع الفيفا.. وتنمية هذه العلاقة بما يحقق مصلحة الكرة السعودية.
ـ استمرار قيادة المملكة للحركة الرياضية العربية في عدد من الاتحادات الرياضية وأهمها اتحاد كرة القدم واتحاد اللجان الأولمبية العربية.. وغيرها من الاتحادات ودعم مسيرتها..
مشروعات البنية التحتية:
أكثر من 80 مشروعا رياضيا تم اعتمادها في فترة تولي الأمير سلطان بن فهد الرئاسة العامة لرعاية الشباب.. منها 50 مشروعا اعتمدت فعلا.. (وتم استلام 20 مشروعا فيما بدأ العمل في 25 مشروعا آخر).. و30 مشروعا تم فتح مظاريفها وطرحها للمنافسة.. وتشمل هذه المشاريع 9 ساحات شعبية , مركزان رياضيان (عرعر, وادي الدواسر) ومقرات أندية.. ولعل آخرها المقرات الثمانية التي تم اعتمادها في ميزانية هذه العام.
المنافسات الرياضية:
أولا: كرة القدم:
وهذه يمكن الحديث عنها من ناحيتين:
المنتخب:
ـ الفوز بكأس الخليج
ـ الفوز بكأس العرب
ـ التأهل للمونديال 2002 , 2006
ـ الوصول إلى نهائي الخليج أكثر من مرة وكذلك نهائي كأس أمم آسيا.
ـ التأهل لنهائيات كأس العالم للشباب 2011 في كولمبيا
ـ الأندية
ـ حققت الأندية السعودية 11بطولة عربية وآسيوية على النحو التالي:
ـ الهلال
بطولة النخبة العربية 2002 وكأس السوبر السعودي المصري 2002 وبطولة أبطال الدوري الآسيوي 2001 والسوبر الآسيوية 2001 وكأس الكؤوس الآسيوية 2003
ـ الاتحاد
كأس السوبر السعودي المصري 2000 و2003 ودوري أبطال آسيا 2002 وتأهله لمونديال الأندية
ـ الشباب
بطولة الأندية العربية 2000 وبطولة النخبة العربية 2001 وكأس الكؤوس الآسيوية 2002
ثانيا: الألعاب المختلفة
أصبح الاهتمام بالألعاب المختلفة جليا وتمثل ذلك في النتائج التي بدأت تحققها هذه الألعاب في دورة الألعاب الآسيوية والأولمبية خاصة الألعاب الفردية وفي مقدمتها ألعاب القوى والفروسية ثم الكاراتيه والبولينج ورفع الأثقال وغيرها من الألعاب ـ حققت هذه الألعاب ميداليتين إحداهما فضية (ألعاب القوى) والأخرى برونزية (الفروسية) في اولمبياد سيدني 2000 ـ كما حققت 36 ميدالية في الألعاب الآسيوية خلال السنوات العشر الماضية منها 20 ميدالية ذهبية.
الاحتياجات الخاصة:
وتجاوز الاهتمام بالرياضات المختلفة إلى الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة حيث فاز منتخب المملكة لذوي الاحتياجات الخاصة بكأس العالم في النسختين الأخيرتين من هذه البطولة ـ وفاز عدد من اللاعبين بميداليات ذهبية في الأولمبياد الخاص بهم.. ومشاركاتهم الخارجية
هذه..
وباختصار شديد..
أبرز انجازات مرحلة (سلطان بن فهد) مع أنني لم أتطرق للأعمال الشبابية وما يتعلق بتطوير مهارات الشباب وثقافاتهم عبر تبادل الزيارات الخارجية.. أو معسكرات العمل والأعمال التطوعية.. وأذكرها كما قلت بلغة الشاهد أكثر منها لغة الراصد.. وبالتالي فهي معرضة للنسيان أو لتجاوز بعض المنجزات.. وهو أمر وارد.. وربما يتذكر آخرون غيرها.. وتتسع أروقة رعاية الشباب لما هو أكثر من ذلك.. بل أن هذا مؤكد.. المعلومة الوحيدة التي استندت فيها لمصدر رسمي هي المتعلقة بالبنية التحتية والمنشآت.. وإن كنت أظن أنها ليست دقيقة أو متكاملة لظروف الحصول عليها وطريقة الحصول.. على أنني نظرت للحد الأدنى.. لكنها على أية حال تعطي انطباعا مقبولا فـ80 مشروعا رياضيا في عقد من السنين.. بمعدل ثمانية مشاريع أو سبعة في كل عام يعتبر رقما جيدا في ظل ما تعانيه رعاية الشباب من قصور في التمويل المالي من وزارة المالية وضعف الميزانية المرصودة لها في كل عام..
هذه المنجزات..
طارت.. أو ضاعت.. مع (كرة طائشة) أخطأت المرمى في مباراة كرة قدم.. أدت إلى خسارة المنتخب فألقت بظلالها على ذاكرة البعض.. فنسوا.. أو تناسوا هذه النجاحات.
صحيح.. أن هناك قصورا في أداء كرة القدم لدينا.. وقصورا في أداء الرئاسة العامة لرعاية الشباب..
وأن مستوانا وعطاءنا في كرة القدم سواء على صعيد المنتخبات أو الأندية لا يتوازى واسم وسمعة المملكة العربية السعودية وإمكاناتها وأننا متأخرون كثيرا عن اللحاق بركب الآخرين من حيث التنظيم والتطبيق الفعلي لنظريات الكرة وحقائقها ونعترف أو يجب أن نعترف.. أن هناك سلبيات عديدة أدت إلى ذلك وهي نتاج طبيعي لأي عمل بشري بعضها نتحمله نحن.. وبعضها (تم تحميلنا إياه.. أو تحميل المؤسسة الرياضية إياه).. ومنها ما هو خارج عن الإرادة.. ولا ضير.. أن نعترف أيضا.. ولا عيب في ذلك.. بل انه بداية الحل.. إننا وإن تقدمنا في كرة القدم سواء على المستوى الفني أو التنظيمي.. إلا أنه يظل تقدما بطيئا.. بخطى متثاقلة.. فيما يسابق غيرنا الخطو نحو العالمية.. وإذا كنا نتقدم خطوة واحدة.. فإن غيرنا يتقدم عشرات الخطوات.. والأمثلة أمامنا حية.. والشواهد كثيرة.. ولا تحتاج لتبيان.. لكن هذا كله يجب ألا يلغي الأعمال الإيجابية الأخرى فرعاية الشباب ليست كرة قدم فقط.
والمشكلة..
أن كرة القدم أصبحت هي علامة النجاح في المؤسسات الرياضية.. أو علامة الجودة لدى البعض.. وهي المقياس للفشل.. وكرة القدم لا تعتمد على عنصر واحد.. أو عنصرين بقدر ما هي منظومة عمل متكاملة.
الكيان سواء كان ناديا أو اتحادا.. والإداري.. والجهاز الفني.. واللاعب.. جميعها تشترك في تكوين هذه المنظومة وتشكيلها.. والأخير (أعني اللاعب) هو محور العملية.. وعدم وجود اللاعب الجيد والكفء.. أو صاحب الثقافة الكروية.. قد يخل بالمنظومة.. ويبدد الجهود.. والعكس.. فاللاعب المؤهل.. قد يساهم في نجاح المنظومة.. ويعوض بعض جوانب النقص فيها.. واللاعب.. هو نتاج النادي.. وبالتالي فالأندية لها دور كبير في العملية. لا أريد أن أطيل الحديث في هذا الجانب وأخرج بالموضوع عن مساره.. فهذا له مقال آخر.. سبق أن وعدت به في منتصف الأسبوع الماضي.. عند مناقشتي الوضع بصورة عامة.. وما يتعلق بالأندية.. لكن الحدث الأهم اليوم.. فرض نفسه.. وأدى إلى تأجيله لمقال قادم.. لكنني أعود للتأكيد على أن عدم التوفيق أو النجاح في جانب معين.. يجب ألا ينسينا النجاح في جوانب أخرى.. من باب العدل والإنصاف.
وبدلا من أن نعتبر الحسنات الكثيرة تمحو الأخطاء القليلة.. أو تنسينا إياها.. أصبحنا نعتبر الخطأ الواحد أو السلبية الواحدة.. تمحو حسنات كثيرة إن لم تكن كل الحسنات.. مع الأخذ في الاعتبار.. أن هذا لا يعني ترك الأخطاء.. تحت هذه الحجة.. بقدر ما يعني أهمية معالجتها وتلافيها.
إن تكريم الأمير سلطان بن فهد.. وإن كان في الحقيقة تقديرا لما قدمه سموه طيلة قيادته للمؤسسة الشبابية والرياضية أو مساهمته فيها وفي انجازاتها في مراحلها المختلفة.. فهو تكريم لمرحلة.. قدم خلالها ما استطاعه من جهد.. رغم التحديات التي كان يواجهها..
وعندما تأتي المبادرة من ساعده الأيمن في تلك الفترة.. الأمير نواف بن فيصل “رجل المرحلة” حاليا.. فإن هذا يأتي تصديقا على أحقيته بذلك.. وليست غريبة من رجل ورث الوفاء.. وأصبح ديدنه وجزءا من ثقافته.. إنها في الواقع.. تقدير من “رجل المرحلة”.. “لمرحلة رجل”..
والله من وراء القصد