|


عبدالله الضويحي
بلاتر .. الدوحة و الميزانية
2011-01-04
الاتحاد الدولي لكرة القدم أو (الفيفا) هو أعلى سلطة كروية في العالم.. هذا أمر مفروغ منه بل ربما كان أقوى سلطة في العالم على الإطلاق.. أيا كان نوع هذه السلطة ومصدرها.. لوائحه واضحة.. وقوانينه محددة.. وقراراته نافذة.. لا أحد يملك حق النقض (الفيتو).. ولا أحد من أعضائه يجرؤ على مخالفتها.. أو عدم الانصياع لها. وهو مالا يحصل لأي سلطة أخرى بما فيها مجلس الأمن.. أو الأمم المتحدة.. وعدد أعضائه يفوق عدد الأعضاء في هذه المنظمة..
ولهذا.. فإن رئيس الاتحاد الدولي.. يعامل معاملة رؤساء الدول في تحركاته وتنقلاته.
ومن هنا.. فإن زيارة هذا الرئيس لأي دولة.. تعني أهمية هذه الدولة.. ومكانتها على خريطة العالم الكروية.. فزياراته محددة ومقننة.. وذات هدف.. ومغزى.. ودائما ما تندرج تحت (حاجة في نفس يعقوب قضاها) هذه الحاجة تحددها مصلحة (الفيفا) وكرة القدم في العالم.. وربما كانت هدفا ذاتيا.. لكنه في النهاية يتقاطع مع السابقة.. وفقا لمعايير يحددها تاريخه مع ها المنصب.. وعندما يزور جوزيف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم هذين اليومين المملكة العربية السعودية.. فهذا يؤكد المكانة التي تحتلها ممثلة في الاتحاد السعودي لكرة القدم بقيادة الأمير سلطان وسمو نائبه الأمير نواف بن فيصل في الاتحاد الدولي وثقلها في هذا الاتحاد.. هذه الزيارة ليست أول زيارة لرئيس للفيفا.. ولا لبلاتر نفسه للمملكة.. فقد تكررت أكثر من مرة سواء كانت تلبية لدعوة سعودية لحضور مناسبة ما.. تقديرا لها ومكانتها.. أو برغبة منه.. من أجل المساهمة في تحقيق احد أهداف الفيفا.. أو بلورة موقف جديد.. والمملكة العربية السعودية.. التي كانت ولازالت مقصدا لكثير من صناع القرار في العالم سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي لما لها من مكانة وثقل عالميين في هذا المجال.. أصبحت كذلك في المجال الرياضي.. مما يعني مكانتها وثقلها فيه.. وليس سرا.. إذا قلنا أن هذه الزيارة هي جزء من حملة بلاتر الترويجية لإعادة انتخابه لرئاسة الفيفا التي ينوي الترشح لها في دورتها القادمة.. كما أنها تأتي في إطار اطلاع الاتحاد الدولي لكرة القدم ممثلا في رئيسه على الخطوات التطويرية التي شهدتها الكرة السعودية على المستوى الإداري والتنظيمي.. ومواكبتها للعصر..
وهذا يؤكد..
أن قوة الحضور في المحافل الدولية وزيادة الثقل.. لا ترتبط بالنتائج الفنية أو التأهل لكأس العالم.. أو الفوز بألقاب قارية وعالمية.. قدر ارتباطها بالقدرة على المساهمة في صناعة القرار داخل المنظومة الدولية.. والتفاعل مع هذه القرارات تأثرا.. وتأثيرا.. وعلاقة الاتحاد السعودي لكرة القدم بالفيفا ليست وليدة اليوم.. أو السنوات الأخيرة.. لكنها متجذرة الأعماق.. وتعود إلى أكثر من ثلاثة عقود..حيث وضع أسسها وتبناها الأمير فيصل بن فهد يرحمه الله عندما كان رئيسا للاتحاد العربي السعودي لكرة القدم في بداية إعادة تشكيله برئاسته فكانت أولى خطواته في الانفتاح العالمي.. دعوة جوا هافيلانج رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي كان قد انتخب لتوه.. ولأول مرة رئيسا للفيفا في منتصف السبعينيات من القرن الماضي.. وكانت من نتائج هذه العلاقة التي تنامت مع الأيام هذا التعاون الكبير والتناغم في كثير من المواقف بين الاتحاد السعودي والفيفا.
جوزف بلاتر..
شاهد عصر على هذه العلاقة ومؤمن بها وبأهميتها فقد كان سكرتيرا للاتحاد الدولي فترة رئاسة هافيلانج.. وهو الذي خلفه في هذا المنصب قبل 12 عاما ولازال.. وبالتالي يقف على كل تفاصيل هذه العلاقة ودقائقها.. على مدى 35 عاما.. ويدرك قوة الصوت السعودي الذي ساهم في دفعه لقيادة هذه المنظمة العالمية وأن قوة هذا الصوت وتأثيره ليست في ذاته فحسب بل في قدرته على التأثير على الآخرين.. وقيادتهم بصوت العقل.. ومنطق الحكمة.. لأنه اعتاد أن يكون متبوعا.. لا.. تابعا وقائدا.. لا.. مقودا.. وهي السياسة التي وضعها الأمير فيصل بن فهد يرحمه الله وسار على نهجه وطورها وفق مقتضيات العصر ومتطلبات المرحلة الأمير سلطان بن فهد ونائبه الأمير نواف بن فيصل.

الدوحة 2011
تتجه الأنظار إلى الدوحة يوم الجمعة المقبل.. حيث تنطلق كأس أمم آسيا في نسختها الـ15 عائدة إليها بعد 23 عاما عندما استضافتها في نسختها التاسعة 1988. والواقع أن الدوحة أصبحت محط الأنظار في السنوات الأخيرة وستظل على مدى السنوات المقبلة.. فقد احتضنت الألعاب الآسيوية 2006 اكبر تظاهرة رياضية عالمية بعد الأولمبياد.. وفي طريقها لاستضافة العديد من البطولات العالمية متوجة ذلك بنهائيات كأس العالم 2022. كأس أمم آسيا أصبحت محط الاهتمام لدى كثيرين سواء من قبل المنتخبات الآسيوية وتطلعها للمشاركة أو الفوز.. أو بالنسبة للكشافين من الأندية العالمية الباحثين عن النجوم لدعم فرقهم بعناصر ذوي تكلفة اقل.. لصناعتهم والاستفادة منهم فنيا أو على صعيد الاستثمار.
أمم آسيا الـ15 هذه المرة مختلفة.. فالدوحة التي تحتضنها فازت قبل أسابيع بشرف تنظيم كأس العالم 2022 مما سينعكس بأثره على الأجواء العامة في البطولة ويساهم في نجاحها.. ورفع عدد المنتخبات المشاركة لـ16 فريقا بدءا من النسخة الـ13 (2004) ساهم في توسيع القاعدة.. وارتفاع مستوى الكرة الآسيوية.. وهي نقطة تحسب للاتحاد الآسيوي.. بقيادة محمد بن همام الذي أحدث انقلابا كبيرا في هذا الاتحاد منذ أن تسلم رئاسته سواء على مستوى التطوير الفني أو الإداري لعمل الاتحاد وبرامجه.

العرب.. وآسيا
رغم أن المشاركة العربية جاءت متأخرة نسبيا.. لظروف سياسية حيث بدأت من البطولة الخامسة (تايلند 1972) بمنتخبي العراق والكويت ضمن ستة منتخبات تم تقسيمها لمجموعتين وخروج المنتخبين من الدور الأول.. إلا أن هذه المشاركة أصبحت أكثر فاعليه من البطولة التالية (طهران 1976) حيث أقصت الكويت العراق في الدور قبل النهائي لتخسر المباراة النهائية أمام إيران (في إيران) بهدف. وفي عام 1980 فازت الكويت باللقب في مباراة تاريخية أمام كوريا الشمالية 3ـ0 وباستثناء فوز اليابان باللقب أعوام (1992 و2000 و2004) فقد سيطرت الكرة العربية على كأس أمم آسيا ونافست كوصيف.. بقيادة المنتخب السعودي رغم انه الأقل مشاركة.. حيث فاز باللقب ثلاث مرات ومثلها الوصيف.. من أصل سبع مشاركات.
كما أن حضور المنتخبات العربية كان جيدا.. حيث يصل في بعض الأحيان إلى نصف المنتخبات المتأهلة.. وكان حضوره الأفضل في كأس 1988 بالدوحة.. عندما شارك ستة منتخبات عربية في البطولة من أصل عشرة منتخبات.

شرق آسيا
ورغم حضور الشرق الآسيوي في كأس العالم.. وقدراتها التنظيمية إلا انها لا تمثل الحضور ذاته في هذه البطولة.. حيث فازت بها كوريا الجنوبية في النسختين الأولى 1956 , الثانية 1960.. ثم دانت السيطرة لغرب القارة عدا المرات الثلاث التي فاز بها اليابان.

أمم آسيا 2011
يبدو أننا سنكون أمام بطولة هي الأقوى والأفضل على مستوى البطولات الآسيوية.. من خلال العديد من المؤشرات التي توحي بذلك.. ولعل من أبرزها :
ــ اتساع قاعدة المنتخبات الباحثة عن موقع لها في سجل الأبطال..
ــ فلأول مرة.. يسعى أكثر من نصف المشاركين إلى هذا المجد.. بعد أن كان البعض يشارك بهدف الاحتكاك ورفع المستوى.
ـ والمنتخبات الشرق آسيوية اليابان والكوريتان تسعى لإثبات تفوقها وسيطرتها خاصة بعد المستوى المتميز الذي ظهرت به في مونديال جنوب أفريقيا 2010 كممثلين وحيدين للكرة الآسيوية.
ـ واليابان تريد استعادة اللقب الذي سيطرت عليه.. وفقدته في النسخة الأخيرة لصالح العراق.
ــ وكوريا الجنوبية (تأهلت كثالثة 2007).. تبحث عن مجد أضاعته منذ أكثر من نصف قرن وهي التي سجلت اسمها كأول الأبطال.
ــ قطر.. الدولة المضيفة.. التي لم تحقق حتى الآن في مشاركاتها السبع ما يرتقي إلى مستوى وتطلعات الكرة القطرية.. وتريد أن تتوج فوزها بتنظيم المونديال بفوز آخر يؤكد هذه الجدارة.
ــ والمنتخب السعودي.. يسعى لاستعادة الزعامة الآسيوية.. وسيادتها التي لا زال ينفرد بأفضل المشاركات. (تأهل كوصيف).
ــ والعراق.. الذي ذاق حلاوة القمة.. يريد تكرارها (تأهل كبطل).
ــ والصين.. هذا البلد العريق.. لا زال يبحث عن مكان له في سجل الأبطال.
ــ وإيران.. التي غابت عن المونديال.. تريد أن تكون آسيا بديلا تعويضيا له.. وامتدادا لمكاسب الرياضة الإيرانية في الألعاب الآسيوية الأخيرة في الصين.
ـ الكويت.. التي تأهلت من عنق الزجاجة بفارق نقطة عن عمان في مباراتهم الشهيرة على أرض الكويت.. جاء فوزها بكأس الخليج ليعطيها دافعا معنويا في قدرتها على صناعة التفوق عبر فريق متجدد..
ــ الأردن.. قدم مستوى متميزا في مشاركته الأولى 2004 وخرج بركلات الترجيح من اليابان قبل بلوغ نصف النهائي.. هذه المرة.. وهي الثانية.. قدم مستويات متواضعة في الدور الأول من التصفيات لكنه استرد عافيته بعد أن تولى العراقي عدنان حمد مسئولية تدريبية.. ليحل ثانيا خلف إيران ويتأهل للنهائيات سوريا.. لم تخسر خلال التصفيات وتصدرت المجموعة على حساب الصين الذي حل ثانيا.. وقدمت مستويات جيدة أثناء مرحلة الإعداد.. دون أن ننسى الإمارات كمنتخب يمر بحالة جيدة هذه الفترة والبحرين الذي يسعى لتحقيق انجاز أفضل.. هذه أبرز الملامح التي تجعلنا نترقب بطولة قوية ومثيرة..
وأعتقد أن المجموعة الأولى (قطر, الكويت, الصين, أوزبكستان) وكذلك الرابعة: (العراق, كوريا الشمالية, الإمارات, إيران).. ستكون الأكثر قوة وغموضا في حسم بطاقتي التأهل..
على أن المؤكد
أنه لا يمكن الجزم بتأهل منتخب ما.. بجدارته وقوته الذاتية.. ما لم تلعب المنتخبات الأخرى في المجموعة دورا في ذلك.

الميزانية ولندن 2012
قبل أيام صدرت ميزانية الخير.. تحمل بشائر الخير بأرقامها.. وطموحاتها.. والاهتمام بالشباب..ورعايتهم والاستثمار فيهم كان ولا يزال هاجس القيادة الرشيدة التي دائما ما تؤكد على ذلك.. لكن السؤال المطروح.. إلى أي مدى أصبح هذا الاهتمام مترجما على أرض الواقع.؟
ولم يعد خافيا ما يعانيه قطاع الشباب والرياضة من صعوبات في التعامل مع وزارة المالية ودعمها لبرامجه وخططه.
وإذا أدركنا أن ميزانية اللجنة الأولمبية.. وما تحصل عليه من دعم ربما لا يتجاوز مليون ونصف المليون دولار وربما مليونين.. وهو مبلغ لا يكاد يفي برواتب العاملين ومصاريفهم السفرية..
فكيف يمكن أن تصرف على البحوث أو الدراسات الإستراتيجية.... وإعداد الرياضيين.. وتطويرهم.. إلخ نحن الآن على أبواب أولمبياد لندن الذي سيقام صيف 2012.. وإذا ما انتظرنا الميزانية المقبلة للصرف على إعداد الفرق والمنتخبات المشاركة فإن المدة المتبقية وهي بضعة أشهر لا تكفي لإعداد رياضيين لتحقيق الحد الأدنى من الطموحات في المشاركة والنتائج.... ما لم نبدأ العمل من الآن.. لإعدادهم لهذا المحفل الدولي. الدول التي تدرك أبعاد هذه المشاركات وحقيقتها.. بدأت إعداد فرقها منذ سنوات.. وهي دول لا ترتقي إلى مستوى تطلعاتنا.. وقدراتنا.. وإمكاناتنا.. لكنها ربما ملكت القدرة على آلية التنفيذ.
وقد أشرت في (منتصف الأسبوع) قبل الماضي وأنا أتحدث عن دورة الألعاب الآسيوية التي أقيمت في الصين الشهر الماضي إلى دول مثل إيران والصين وغيرها تمنح مكافآت للاعبيها الذين يحققون ميداليات ذهبية على مستوى آسيا.. (وليس الأولمبياد).. تصل إلى تأمين السكن والسيارة وعشرة آلاف دولار عدا.. مكافآت أخرى.. في حين يصل ما نخصصه نحن لمن يحققون نتائج مماثلة إلى أرقام لا تكاد تذكر نسبة لأولئك مشكلتنا في النظرة الدونية من البعض للرياضة.. وأبطالها.. ومكاسبها أو.. عدم إدراكهم لطبيعة إعداد الرياضيين.. عن غيرهم من الكفاءات الأخرى.. التي تعتمد على التدريب النظري.. والتأهيل المعلوماتي.. الذي يختلف في طبيعته وبرامجه وتكاليفه عن الإعداد البدني والفكري.. وصناعة البطل. ومن الطبيعي ألا ننسى ما جاءت به الميزانية من بشائر خير للشباب على صعيد منشآت الأندية حيث تم إقرار إنشاء ثمانية مقرات في ميزانية هذا العام.. لكنني هنا أتحدث عن شأن آخر.
على العموم.. الحديث هنا يطول.. وله مقال مفصل فيما بعد بإذن الله بعد الانتهاء من كأس آسيا.. وفي الوقت المناسب.. لكنها ايماءة كان لابد منها.. ونحن نقرأ أرقام الميزانية.

الرياضية
من الخبر إلى الفكر
أثق تماما.. أن زميلنا الأستاذ سعد المهدي رئيس تحرير هذه الجريدة يدرك أبعاد الثناء.. وأنه في غنى عنه.
واثق أيضا في ذاتي أنني أعي ما أقول.. وأبعد ما أكون عن الحاجة إليه.. لكن تكريم الزميل سعد من قبل الاتحاد العربي للصحافة الرياضية ضمن القيادات الإعلامية العربية في حفل الإعلاميين الرياضيين العرب الرابع الذي أقيم مؤخرا في المغرب الشقيق يجبرنا على تهنئته.. وتهنئة الإعلام الرياضي السعودي بهذه الجائزة والتي وإن كانت تتويجا لعطاءاته.. ومسيرته فهي أيضا شهادة على الدور..الذي يلعبه الإعلام الرياضي السعودي وما وصل إليه. وإذا كانت سيرة الزميل سعد المهدي الذاتية ومسيرته عبر أكثر من موقع كان يصنع فيها نجاحا تلو آخر أهلته لهذه الجائزة.. فإن ما أحدثه في هذه الصحيفة كان له الدور الأكبر في هذه المسيرة.. لقد استطاع (أبو نواف).. بفكره ووعيه.. وبدعم من المسئولين أن يحول جريدة الرياضية.. من صحيفة خبر.. ورأي.. وحوار مع المتلقي.. إلى مساهمة في تشكيل الرأي العام.. بل وصناعة القرار.. إذ أضحت الأمسية الرمضانية التي اعتدناها كل عام.. حدثا يطرح الكثير من الرؤى ويساهم في صناعة الحدث.. ليس على النطاق المحلي فحسب.. وإنما على نطاق إقليمي وقاري.. وأصبحت جائزة الرياضية – موبايلي السنوية.. هدفا يسعى إليه الرياضيون كمحطة هامة في تاريخهم وسيرتهم الذاتية.. وغاية بالنسبة للرياضية.. لتطور القدرات الرياضية وصناعة الكفاءات. لا أريد أن أطيل.. حتى لا أخرج عن النص.. أو الدخول في دائرة المحظور في نظر البعض.. لكنها كلمة الحق التي يجب أن تقال.
والله من وراء القصد