|


عبدالله الضويحي
سباق المسافات الطويلة.. رحلة نحو المجد
2010-11-30
هل يصبح بعد غد الخميس الثاني من ديسمبر 2010 يوما تاريخيا للكرة العربية.. والخليجية على وجه الخصوص..؟ بل يوما تاريخيا للمنطقة.. ؟ ساعات.. تفصلنا عن الإجابة على هذا التساؤل وحتى لو لم يكن كذلك.. إلا أنه سيكون يوما مشهودا لها.. خاصة الخليجية.. الخميس القادم.. الثاني من ديسمبر.. انتظره كثيرون وينتظره كثر.. للإجابة على تساؤل مهم..
من سينظم كأس العالم 2018 ؟
ومن يستضيف كأس العالم 2022..؟
أستميح الروائي الراحل عبدالرحمن منيف عذرا في أن استعير عنوان روايته (سباق المسافات الطويلة.. رحلة نحو الشرق) عنوانا لهذا الموضوع.. فهو سباق مسافات طويلة بالفعل ورحلة.. لكنها هذه المرة للمونديال ومجد المونديال..
قطر..
واحدة من أصغر الدول العربية.. وبالتالي الخليجية..مساحة وتركيبة سكانية.. ومن أحدثها وجودا على الساحة السياسية.. والرياضية أيضا.. لكنها من أكثرها ــ إن لم تكن الأكثر ــ طموحا وقدرة على السباق مع الزمن.. لفرض حضورها على خارطة العالم سياسيا.. اقتصاديا.. اجتماعيا.. ورياضيا.. وعلى مختلف الأصعدة..
قطر..
اتخذت قرارا جريئا.. فطلبت تنظيم كأس العالم.. ووضعت الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك.. عبر دراسات مبنية على أسس.. ووفق خطوات ثابتة.. وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هذا الحلم.. بعد أن حظيت بالقبول المبدئي.. ودخول سباق المنافسة على نيل هذا الشرف..
قطر تدخل المنافسة مع دول سبقتها.. وربما تفوقها عراقة.. وإمكانات.. وتاريخا.. وثقلا على الساحة الدولية.. وعلى مختلف الأصعدة أيضا..
لكنها ــ أي قطر ــ وأقولها لمرة أخرى.. أكثر هذه الدول طموحا.. وإصرارا.. ورغبة في الفوز بهذا السباق.. وقبل الدخول في مناقشة هذا الحدث.. وإمكانات قطر.. وأمنياتنا لها.. وما يدور في أروقة الفيفا.. نشير بداية إلى الدول الداخلة إلى هذا السباق..
مونديال 2018
تتنافس على استضافة هذا المونديال كل من: روسيا، الولايات المتحدة، انجلترا , هولندا وبلجيكا (ملف مشترك) , واسبانيا والبرتغال (ملف مشترك)
مونديال 2022
تتنافس على استضافة هذا المونديال كل من: قطر، استراليا، اليابان، كوريا الجنوبية، والولايات المتحدة أيضا. وكانت بعض الدول قد انسحبت من هذا السباق بعد أن كانت ضمن الداخلين إليه في البداية.. لإدراكها بأنه سباق طويل يحتاج إلى لياقة كاملة.. وأنها لا تملك القدرة على المنافسة فيه.. فيما استبعد الفيفا بعض الطلبات لأنها لم ترتق في نظره إلى المستوى المطلوب ولم تحقق الحد الأدنى من الشروط.
استراليا
التي كانت ضمن المتسابقين على استضافة الحدث في دورتيه.. فقد قررت أخيرا الانسحاب من السباق على 2018 مكتفية بـ 2022 بعد أن كانت مترشحة للدورتين مثل الولايات المتحدة.. على أمل الفوز بإحداهما.. ويبدو أن القرار الأسترالي.. كان يهدف إلى البحث عن فرصة أفضل.. وهذا صحيح.. لصعوبة المنافسة على ملف 2018 بحكم طبيعة المتنافسين.. واحتمالية فقد الأصوات وربما وفق صفقة (تبادل أصوات).. تتم خارج الأروقة.. وبعيدا عن الأعين مما لا يمكن التثبت منه.. وهو ما سآتي على الحديث عنه بعد قليل.. وتحرص الدول التي تملك باءة التنظيم ــ إن جاز التعبير ــ على استضافة المونديال.. فهو إلى جانب دعمه لاقتصاديات الدولة وتحقيق العديد من الأهداف التي تسعى لتحقيقها على صعيدها الداخلي.. واستقرارها.. وما إلى ذلك..
فإن هذه الاستضافة تضع هذه الدول ضمن الدول العظمى كرويا ــ إن جازت التسمية ــ بل إن هذه هي حقيقة.. وتحقق من خلالها عوائد إعلامية.. واسما معروفا على خارطة العالم.. كما هو حاصل أيضا مع المدن المستضيفة للأولمبياد.. ويزداد حرص هذه الدول عندما تصل إلى مرحلة التصويت وتصبح على بعد خطوات من تحقيق الحلم فترمي بثقلها السياسي والاقتصادي والرياضي وترسم إستراتيجيتها لذلك.. فهذا السيد ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني.. قرر أن يسافر ضمن وفد يتكون من 30 شخصا لتمثيل بلاده الاجتماع ومتابعة التصويت عن كثب حتى لحظاته الأخيرة..
وتستعين كثير من الدول بأسماء ورموز عالمية.. اجتماعية.. سياسية.. رياضية.. أو فنية.. في الترويج لملفاتها.. وكلنا يتذكر كيف لعب هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق دورا كبيرا في استضافة بلاده لمونديال 1994.. وقد سبق للمغرب أن تقدمت أكثر من مرة بطلب استضافة المونديال.. وهي التي تأهلت له أكثر من مرة.. وآخر طلب تقدمت به كان لمونديال 2010 بعد إقرار نظام تدوير التنظيم بين القارات.. وذلك في منافسة مع مصر وجنوب أفريقيا وخسرت السباق بفارق صوت واحد عن جنوب أفريقيا بعد أن قدم أحد الأعضاء ورقة بيضاء كانت كفيلة بترجيح كفة المغرب.. فيما لم يفز الملف المصري بأي صوت مما أحدث ضجة كبرى في مصر في ذلك الوقت , ثم تخلى الفيفا عن تدوير البطولة بين القارات.. وفتح المجال أمام الجميع بعد مونديال 2014 (البرازيل).
كيف يتم التصويت ؟
قبل أن ندخل إلى المرشحين.. وحظوظهم وقطر بالذات.. لابد من الإشارة هنا إلى كيفية التصويت لاختيار الدولة التي ستستضيف النهائيات.. حيث تتكون اللجنة التنفيذية للفيفا من 24 عضوا.. ويفوز بشرف التنظيم من يحقق الأغلبية.. وهي التي تمثل نصف الأصوات بالإضافة إلى صوت واحد (%50 + 1).. وإذا لم تحقق أي دولة هذه النسبة.. فيتم استبعاد الحاصلين على أصوات أقل.. وتقام جولة أخرى من التصويت بين الدولتين الأعلى تصويتا المتنافستين على الاستضافة
أما.. في حال تساوي عدد الأصوات بين دولتين فسيكون صوت الرئيس (بلاتر) هو المرجح للدولة المنظمة.
مونديال 2018 :
سيتم أولا ترشيح الدولة التي ستستضيف مونديال 2018 ثم سيلي ذلك التصويت على 2022.. وسوف يتم إعطاء كل دولة الفرصة 30 دقيقة لعرض ملفها ورؤيتها.. حيث سيتم يوم غد الأربعاء عرض ملفات الدول التي طلبت تنظيم 2018.. ويوم الخميس 2022.. قبل أن تتم عملية التصويت.
حظوظ الدول :
والسؤال الذي ظل مطروحا طيلة الأيام الماضية. عن حظوظ كل دولة لاستضافة هذا الحدث العالمي..؟ ومن هي الأقرب لذلك؟
شخصياً ..
أعتقد أن 2018 ستشهد منافسة حادة بين انجلترا من جهة.. واسبانيا والبرتغال (ملف مشترك) من جهة أخرى.. فيما ستشهد 2022 منافسة قوية بين الملفين القطري والأسترالي..
أما بقية الدول.. وهي التي أشرت إليها في البداية فسيكون تأثيرها محدودا في (تشتيت) الأصوات.. وربما نقل التصويت إلى جولة أخرى.. بدلا من حسمه في الجولة الأولى.. مع عدم استبعاد مفاجآت اللحظة الأخيرة.. وهي التي تظهر عادة في لعبة الانتخابات أو التصويت.. وقد حرص الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).. ويحرص دائما على نزاهة أعضائه ونزاهة أعماله بما فيها الانتخابات.. وأهمية العدالة في ذلك.. وقد لاحظ الجميع ما حدث قبل أسابيع.. عندما تكشفت بعض الأمور عن محاولة لشراء بعض الأصوات.. مما دعا الفيفا لفتح تحقيق حول الموضوع أسفر عن إدانة بعض الأعضاء.. حيث أوقف عضوية كل من التاهيتي رينالد تيماري ومنعه من التصويت مدة سنة والنيجيري آموس ادامو ومنعه من التصويت مدة ثلاث سنوات.. وهذا يعني أن عدد أعضاء الفيفا الذين يحق لهم التصويت على ملفات الترشيح سيصبح 22 عضوا.. لاشك أن هذا القرار سيكون له تأثيره على سير عملية التصويت وبالتالي الترشيحات.. فالاتحاد الأسترالي مثلا.. رأى في إيقاف تيماري (ممثل اتحاد أوقيانوسيا) تأثيرا على حظوظه بفقده صوتا مضمونا من وجهة نظره.. لكن الفيفا لايأبه بذلك في سبيل نزاهة اللعبة.. حيث حذر أيضا من أي خطوة تتعلق بتبادل الأصوات.. كما أشيع حول قطر من جهة واسبانيا والبرتغال من جهة أخرى لتبادل الأصوات فيما بينها لمونديالي 2018 و2022 وقد برأ الفيفا الطرفين من هذه الشائعات.. ورغم محاولات الفيفا وحرصه إلا أنه من المؤكد أن (لعبة التصويت).. لا يمكن التحكم فيها.. ومنع ما يدور في الصفوف الخلفية.. من صفقات.. ما لم تكن ظاهرة.. أو مثبتة...وفق قرائن ودلائل... كما حصل مع تيماري.. و.. وآدامو.. والآخرين.. ولهذا فإن تبادل الأصوات وارد.. وهو ما يدركه الفيفا وأعضاؤه.. لكن المهم عدم وجود ما يثبت ذلك.. وتسعى كثير من الجهات للتأثير على أعضاء الفيفا.. وتوجهاتهم.. سواء كان ذلك بصورة مباشرة.. أو غير مباشرة.. وهو ما سأشير إليه في سطور قادمة
انجلترا.. و2018
تبدو إنجلترا في نظري من أكثر المرشحين حظا لنيل شرف تنظيم مونديال 2018 يدعمها في ذلك تاريخها العريق في كرة القدم والبنية التحتية الجاهزة.. والحضور الجماهيري والهوس بالكرة..وكلها عوامل إيجابية وقوية إلى جانب غياب إنجلترا عن استضافة هذا الحدث أكثر من نصف قرن عندما يحل 2018 حيث نظمت المونديال مرة واحدة فقط.. وكان ذلك عام 1966، كما أنها خرجت من سباق تنظيم مونديال 2006 وفي الدورة الأولى من التصويت.. حيث تفوق عليها الملف الألماني.. وكان ذلك في عام 2000.. فيما يدعم الملف المشترك لأسبانيا والبرتغال.. النتائج الإيجابية لهذين المنتخبين في السنوات الأخيرة سواء على مستوى أوروبا أو المونديال الأخير 2010 في جنوب أفريقيا خصوصا اسبانيا التي فازت به.. وتتصدر حاليا الترتيب العالمي في تصنيف الفيفا للمنتخبات.. إلى جانب البنية التحتية.. والحضور الجماهيري..
الولايات المتحدة..
نظمت المونديال في عهد قريب 1994.. وسيكون الملف الهولندي البلجيكي ضعيفا أمام انجلترا واسبانيا مع البرتغال.. أو متأثرا بهذين الملفين..
روسيا..
تعول كثيرا على كونها ذات بنيه تحتية وسبق أن نجحت في تنظيم الأولمبياد.. كما أنه لم يسبق لدولة من أوروبا الشرقية أن نظمت المونديال.. وقد أشار بعض المحللين.. إلى التأثير السلبي لتقرير يفترض أن تكون الـB.B.C قد بثته أمس ضمن برنامج بانوراما.. عن الاتحاد الدولي (الفيفا) وذلك قبل ثلاثة أيام من التصويت.. مما جعل آندري انرسون مدير الملف الإنجليزي إلى كأس العالم يتهم الـB.B.C بعدم الوطنية.. فيما أكد ديفيد كاميرون رئيس الوزراء أن هذا لن يؤثر على ملف بلاده معللاً ذلك بأنهم بلد ديمقراطي.. وأن الفيفا يتفهم ذلك.. ومعروف أن صحيفة بريطانية.. كانت وراء فضيحة الفيفا الأخيرة.. وكشف بعض أعضائه.. وتورطهم في بيع الأصوات.. والتي على إثرها أبعدهم الفيفا وأوقفهم..

قطر.. و2022 :
القطريون وحدهم.. ليسوا المعنيين بهذا الأمر أو المتطلعين إليه.. بل إن العرب جميعا.. والخليجيين على وجه الخصوص يحدوهم الأمل في فوز الملف القطري خاصة بعد فشل الملف المصري.. وحظوظ الملف المغربي.. كما أشرت في سطور سابقة.
والقطريون متفائلون كثيرا.. يدعمهم في ذلك تكامل الملف القطري.. بصورة لافتة للنظر.. ووجود بعض الأعضاء في الفيفا المتعاطفين معه.. ومدى تأثيرهم على أصوات أخرى وكسب هذه الأصوات.
يتخوف القطريون من المنافسة الاسترالية.. أما اليابان وكوريا فسبق لهما تنظيم مشترك لهذا المونديال في عهد قريب وهو 2002.
ولهذا.. انسحبت استراليا من السباق على 2018 وفضلت 2022 لشعورها أن الفرصة هنا أفضل.
أستراليا لم تنظم هذه الكأس من قبل شأنها شأن قطر.. لكنها نظمت الاولمبياد.. وهو أضخم تظاهرة رياضية عالمية ونجحت في ذلك عام 2000 ولها حضورها على المستوى الدولي.. وإن كان غياب التاهيتي تيماري (لإيقافه) سيؤثر سلبا على حظوظها.
وقطر..تعرضت لبعض المحاولات في التأثير السلبي على ملفها.. ومن أبرز الأوراق التي يلوح بها أصحاب هذه التوجه.. ورقة الطقس.. والحرارة المرتفعة خلال فترة التنظيم.
وكالة الاسوشتيدبرس الأمريكية قالت (إن فرص قطر في التنظيم قد تضاءلت قبل أيام من التصويت).. مستندة على رأي أحد المصوتين الذي قال إن درجة الحرارة في قطر تقترب من الـ 50 درجة مئوية خلال شهر يونيو.. (فترة كأس العالم).. مما يقلل فرص التجول والسياحة.. كما أن صغر الدولة سيؤدي إلى تزاحم الطرق ومعاناة الجماهير في الوصول للملاعب..
وأشارت الوكالة إلى تصريح نشرته جريدة إسبانية نسبته إلى ابن همام ودعمه للملف القطري.
قطر.. ردت على هذا مسبقا عبر ملف متكامل سلمته للفيفا يوم 15ـ4ـ2010 قبل ستة أشهر من التصويت عليه أنه سيتم تشييد ثلاثة ملاعب جديدة بالإضافة إلى القائمة حاليا وتعمل بالطاقة الشمسية.. وسيتم تكييفها لدرجة دون 28 مئوية مهما كانت درجة حرارة الجو الخارجي.. وسيتم تصميم المقاعد بطريقة تحافظ على مجرى الهواء ليشعر المتفرجون بالراحة والطمأنينة.. ولأن قطر قد لا تحتاج لهذه المقاعد فيما بعد بسبب قلة عدد السكان فسيتم إزالة الطبقات العليا من هذه الملاعب والتبرع بها لدول فقيرة.. ونامية تفتقر لبنية رياضية تحتية.
كما أشارت في الملف.. إلى الطرق.. والمواصلات.. ومما يعزز صغر دولة قطر.. أن جميع الوفود.. والمنتخبات لن تحتاج إلى تغيير أماكنها والتنقل بين المدن عند تأهلها لمرحلة متقدمة.. إلى جانب أن قطر سبق لها تنظيم الأسياد (دورة الألعاب الآسيوية) وهو حدث كبير لا يقل عن أي مناسبة عالمية ونجحت في ذلك إلى جانب تنظيمها كأس أمم آسيا 1988 وكاس أمم آسيا 2011
فيما نفي ابن همام تصريحه للصحيفة الاسبانية.. في تصريح أدلى به لوكالة الأنباء الفرنسية.. مشيرا إلى أن هذا يأتي في إطار التأثير على حظوظ الملف القطري.
وشخصيا..
أرى أن من حق ابن همام أن يصوت لقطر.. سواء كانتماء وطني.. أو كرأي شخصي بحكم عضويته في الفيفا فممثل أمريكا الجنوبية على سبيل المثال صرح بأنه سيرشح الملف (الاسباني – البرتغالي).. دون أن يعترض أحد على رأيه أو تصريحه.
كل ما نتمناه.. ونحن نعيش كغيرنا الساعات القادمة في ترقب وانتظار لنتائج التصويت أن يحظى الملف القطري بثقة أعضاء الفيفا وأن تنجح قطر في خطوتها.. وتنضم إلى ركب الكبار في استضافة المونديال.
نجاح قطر.. ليس نجاحا فرديا.. أو خاصا بقدر ما هو نجاح لنا كعرب.. ولنا كمنطقة خليجية تلعب دورا هاما وكبيرا في السلم العالمي واستقراره.. وهو أحد وأهم المبادئ التي تنادي بها الرياضة.
فوز قطر.. لن يكون مفاجأة أو غريبا وإن كان مفرحا.. المفاجأة.. أو الغريب.. فيما لو حدث العكس لا سمح الله.. وفي كل الأحوال.. يكفي أن قالت قطر.. للعالم أجمع.. نحن هنا.
والله من وراء القصد