|


عبدالله الضويحي
من حسن إسلام المرء ..
2010-11-02
سألوا الأمير عبدالرحمن بن مساعد رئيس مجلس إدارة نادي الهلال.. عن رأيه في احتفاء النصر (غريمهم التقليدي) بمرور عشر سنوات على وصوله لبطولة العالم للأندية.. فقال:
(من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)..!
استوقفتني هذه العبارة كثيرا.. رغم أنها في مجملها قد لا تعتبر شيئا قياسا لحديثه المتشعب ضمن حوار طويل شامل.. بل ربما مرت على البعض مرور الكرام.. أو توقف عندها البعض.. وفق منظور ضيق ومحدد. لكنها في نظري تحمل أبعادا كثيرة.. واختصرت الكثير من المسافات فيما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الأندية.. ونظرتنا للآخر.., وهي.. وإن كانت توجيها نبويا شريفا.. إلا أنها في الواقع.. تحولت.. أو يجب أن تتحول من مفرداتها التوجيهية السهلة والبسيطة إلى مضمون ثقافي ننهل من معينه لتحديد أطر تلك العلاقة.
والحديث هنا ليس عن ( عبدالرحمن بن مساعد ).. أو فكر عبدالرحمن بن مساعد.. الذي لا يختلف اثنان مهما كانت انتماءاتهم وميولهم على أنه إضافة للمجتمع الرياضي.. بقدر ما هو حديث عن هذا المجتمع..
هذا المجتمع – وللأسف – لم يعد هو ذلك المجتمع الذي كنا نعيشه قبل ثلاثة أو أربعة عقود.
والإعلام الرياضي – وأقولها بأسف أكثر – لم يعد هو ذلك الإعلام الذي كنا نعايشه قبل عشرين عاما.. أو ثلاثين
حب الذات.. أصبح السائد.. فيما توارى نكرانها إلى الصفوف الخلفية..
غاب الإخوة الأشقاء.. وتوارى الإخوة الأصدقاء.. وأصبح (الإخوة الأعداء).. هو المسيطر أو الأكثر ظهورا على الساحة فكرا ومنهجا.
لم تعد الملاعب الرياضية.. على اتساع مساحتها.. تستوعب.. هذه المنافسة.. أو بالأحرى المكان المناسب لها.. وهو المخصص لذلك.. وأصبحت هذه المنافسة تتحرك في فضاءات واسعة.. ودخلت إليها تقنية " الأبعاد الثلاثة ".. لتكشف عن جوانبها المختلفة.
الإعلام الرياضي.. الذي يفترض أن يكون " العنصر المحايد " في العملية.. وحامل لواء التثقيف والتوعية.. أصبح جزءا من اللعبة.. بل أحد أدواتها الرئيسة..
لا أريد الحديث عن مرحلة عايشتها.. حتى لا تؤخذ من باب الحديث عن الذات.. ولا أحب مقارنة الأجيال.. لكنني مضطر للإشارة لذلك من باب التذكير.. مع بداية الدوري الممتاز.. وحتى ما قبله.. وإلى أن مضى عقده الأول.. كان إعلان الصحفي أو الكاتب عن ميوله.. نوعا من تجاوز الخطوط الحمراء..
وحتى لو كانت الميول معروفة.. والتوجهات أيضا.. فإن ما يطرح سواء بصورة فردية.. أو على مستوى الصحافة عموما لا يمكن أن يتأثر بذلك.
رسالة الإعلامي.. تحولت من التثقيف والتنوير إلى حمل لواء ناديه المفضل.. والتجول به بين القنوات الفضائية وأجهزة الإعلام المختلفة.. واضعا إياه على قاعدة أمامه.. كما توضع أعلام الدول في المؤتمرات الدولية.. للتعريف بانتماء هذا الموفد أو ذاك.
لا أحد يعترض على من يمجد ناديه المفضل.. ويكيل له قصائد المديح..
هذه حرية شخصية.. لا اعتراض عليها.. لكن أن يكون ذلك مقرونا بالإساءة للأندية الأخرى.. أو التقليل من شأنها.. وشأن منجزاتها.. فهذا أمر لا يقبله المنطق.. لأن حريتك يجب أن تقف عند حدود حرية الآخر.
أصبح الحضور الإعلامي.. والظهور على الساحة.. مقرونا بالتقليل من منجز الآخر. والبحث عن الذات.. مرتبطا بالتقليل من ذات الآخرين.
أتساءل هنا..
لماذا نعترض على ناد.. أو كيان.. أراد أن يحتفل بذكرى عزيزة على قلبه.. وإنجاز يعتبره علامة بارزة في تاريخه بعد مرور عدد معين من السنوات على هذا الإنجاز..؟!
هل طالب الآخرين مشاركته هذه الاحتفائية.؟!
هل خالف اللوائح والقوانين.؟!
هل تجاوز الأنظمة..؟!
أليست حرية شخصية..؟!
ليحتفل.. وهنيئا له بذلك.. وما الذي يضير الآخرين..؟!
وليحتفوا هم أيضا بما يرونه يستحق الاحتفاء.
لماذا.. نقلل من إنجازات الكوادر.. وكيانات سعودية وألقاب.. منحتها إياها كيانات دولية.. في وقت نصفق لذات الجهات.. والألقاب عندما يتغير الأشخاص.. أو تختلف الكيانات.؟!
ولماذا.. نطرح في حواراتنا الإعلامية والصحفية أسئلة تستمد مكوناتها.. من مواضيع كهذه.؟!
ولماذا نستضيف في برامجنا الرياضية حاملي ألوية الأندية وإعلامها.. حتى أصبحت هذه البرامج.. أشبه ما تكون بمؤتمرات القمة العربية.. في طروحاتها.. ونقاشاتها (ظواهر صوتية).. لا تنعكس على رفاهية وأمن المواطن العربي.. كما لا تنعكس هذه البرامج على المتلقي أو المجتمع الرياضي.. بما يرتقي بفكره وثقافته.
أصبحت هذه البرامج – وللأسف- ساحة ينتصر فيها صاحب الصوت الأعلى..وليس الصوت الأقوى.. واستراحات.. بل إن ما يطرح في الاستراحات.. أكثر رقيا.. وفهما.. ولهذا لا نستغرب عزوف الكثيرين.. وبحثهم عن قنوات أخرى خارجية.. للارتقاء بفكرهم وذائقتهم.. ولا أبالغ إذا قلت تربية أبنائهم ــ وعفوا لهذه الصراحة ــ لكنها الحقيقة.. في بعض الأحيان.
نفهم الإثارة الإعلامية بصورة عكسية..
نبحث عن إثارة الأشخاص.. وتحريك كوامن المتحاورين وعواطفهم.. أكثر من بحثنا عن إثارة الموضوع.. أو الحدث.
في زمن ما.. كان ظهور اسم الصحفي على خبر يحتاج أشهرا من العمل.. والصبر والخبرة..ويحتاج سنين عديدة.. حتى يصبح كاتبا.. أو قياديا في هذه الصحيفة.. أو تلك.
ـ اليوم..
أصبح الوصول إلى مقعد لإدارة برنامج رياضي.. أو كتابة لعمود يومي.. لا يحتاج إلى كثير من المؤهلات.. والمقابلة الشخصية.. التي على ضوئها يمكن التعرف على إمكاناته وقدراته المهنية.. فقط.. تحتوي على سؤال واحد.. وش تشجع.؟!
لا أريد أن أسترسل في الحديث.
كما أنني هنا لا أعمم..
هناك بعض المنتمين للأندية الرياضية أصحاب طروحات وآراء.. تثري المتلقي.. ويستفيد منها والمسؤول على حد سواء.
لكننا نتحدث.. عن واقع ملموس.. لا نستطيع تجاوزه أو التغاضي عنه.. وأصبح المتلقي يدرك مضامينه وأبعاده. وبالتالي لابد من التعامل معه.. بما يجب أن يكون.. لا.. بما هو واقع.. أو فرض الأمر الواقع.
لأن القضية ليست فوزا.. أو خسارة..
ولا تراشق كلمات بين مشجعين.
ولا.. إثارة تنتهي بانتهاء المؤثر.!
لكنها تمس جيلا بكامله..
جيلا نسعى لتربيته على القيم والمبادئ التي تربى عليها آباؤه.. وأجداده.. وصانوا من خلالها.. وحدة وطنه وبلاده..وحافظوا على تربته.. لأن قطر الدائرة يزداد طولا.. ومساحتها اتساعا.. مما أتاح الفرصة لكثيرين الدخول إليها.. حتى مدربين أجانب.. لم يمض على وجودهم هنا بضعة أسابيع أصبحوا يتحدثون بلغة مناطقية.. بعيدة عن المنطق.. لكنها لا تخلو من علامات استفهام حول هذه الثقافة الجديدة ومصدرها.!
لذلك.. عندما أجاب الأمير عبدالرحمن بن مساعد على ذلك السؤال.. بتلك الإجابة.. إنما هو في الواقع يوجه رسالة لهذا المجتمع الرياضي ومنهج تعامل.. مستمدة من توجيه رباني كريم (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا).. وقوله جل وعلا (قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا ).
وعندما أقول هذا.. فإنني لا أعني أن الخطاب هنا موجه لجميع هؤلاء.. بقدر ما أعني به.. ما يتعلق بالكيانات أو الأفراد.. من أمور تخصهم.. لكن ما يتعلق بالأمور العامة.. وقضايا المجتمع الرياضي.. فإن الواجب يفرض علينا مناقشتها.. ونقدها.. لكن بصورة ترتقي بذائقه المتلقي وتحفظ لكل ذي حق حقه.. بعيدا عن الإرهاصات النفسية وتحقيق الذات.. من خلال الإساءة لذات الآخرين.
والله من وراء القصد

كرة القدم
تجمعنا.. ما تفرقنا..

(لكل فرد دور بالرقي برياضة الوطن لذلك كن معنا في حملة.. كرة القدم تجمعنا ما تفرقنا )
رسالة.. أعلنها (أحمد السحاري).. وهو شاب في مقتبل العمر.. قد لا يرتقي بخبرته وعمره.. إلى كثير من القائمين على الإعلام الرياضي.. بل هو الواقع..
اختار " الفيس بوك " الموقع الاجتماعي الشهير.. لإطلاق هذه الحملة.. وخصص لها صفحة.. أو موقعا خاصا.. حيث دشنها محمد النويصر المدير التنفيذي لهيئة دوري المحترفين يوم 14ـ5 ـ1431هـ (قبل ستة أشهر).. يقول مطلقها في رسالة الحملة..: (حملة فريدة من نوعها.. تهدف إلى مشاركة جميع فئات المجتمع للوقوف ضد التعصب الرياضي وتحمل العديد من الأفكار التي نتمنى أن نطبقها على أرض الواقع في مدن المملكة الحبيبة نتمنى أن تجد الموافقة الرسمية والدعم اللازم من أجل أن يتحقق الحلم ).
الحملة وجدت تفاعلا كبيرا من مرتادي الفيس بوك.. وبعض المواقع الإعلامية.. ويبذل السحاري جهدا كبيرا في الاتصال بذوي الشأن الإعلامي لدعم حملته.. ويعطي الفرصة للجميع للتفاعل معها.. وتقديم المقترحات.
الاسم والشعار جميلان.. ومشتق من طبيعة كرة القدم وهدفها النبيل.. وتأتي في وقت أحوج ما نكون فيه لمثل هذه الوحدة.. والوعي حول كرة القدم..
في الجزء الأول من هذا المقال.. تحدثت عن الواقع الذي نعيشه حاليا.. وهو ما عنته الحملة.. من أن نسعى جميعا لهدف نبيل.. أو نؤمن بأن كرة القدم فوز وخسارة.. وأن الروح الرياضية.. يجب أن تسود في ملاعبنا.. وبين المنتمين لهذا المجتمع الرياضي.
وعندما يطلق مثل هذه الحملة.. إنسان بتلك المواصفات التي ذكرتها في البداية عنه.. فإن هذا يعني أمرين أساسيين :
الأول :
أن الوضع الرياضي بصورة عامة.. وصل إلى مرحلة.. تتطلب الكثير من الحكمة.. والعمل لتصحيح الكثير من مساراته.. وبث ثقافة المنافسة.. وتنميتها بين أفراده.. والتأكيد على الروح الرياضية.. وقيمها النبيلة.
الثاني :
أن المتلقي أصبح اليوم أكثر وعيا.. وإدراكا ولم يعد هو المستقبل فقط للطروحات.. والتوجيهات.. ولكنه يملك هو الآخر أداة التوجيه.. والمشاركة في الخطاب الإعلامي.
الحملة.. هدفها نبيل.. وتحتاج منا للدعم والتشجيع كل حسب إمكاناته.. وأتمنى فعلا.. أن تجد من يتبناها سواء من قبل الجهات الرسمية.. أو القطاع الخاص.. كشعار لبعض المسابقات.. أو البرامج.. أو أن يتم تنظيم ندوة.. أو ورشة عمل تحت مظلة اتحاد كرة القدم.. أو هيئة دوري المحترفين.... تدور في الإطار نفسه.. وتحمل ذات الشعار.
آخر إضافة.. لمطلق الحملة.. قال فيها :
(حملة كرة القدم تجمعنا ما تفرقنا تستعد لتنفيذ عمل فريد من نوعه أكبر.. بمشاركة فئات المجتمع.. رجال.. سيدات أعمال.. مثقفين.. إعلاميين.... الخ) نخطط بجدية.. لتنفيذها.. دعواتكم لهذه التجربة الأولى )
و نحن ندعو معك ــ أخ أحمد ــ أن تتكلل مساعيك بالخير..
وأن تنجح الحملة.. ونراها على أرض الواقع..
والله من وراء القصد