|


عبدالله الضويحي
اللجان .. الغاية .. والوسيلة
2010-10-12
جاء تشكيل لجان الاتحاد العربي السعودي لكرة القدم.. والذي تم الإعلان عنه مطلع الأسبوع الماضي.. ليمثل نقلة كبرى في مسيرة الاتحاد وبرامجه.. وحسبي أنه سيكون أحد أهم أحداث أو قرارات الموسم إن لم يكن الأبرز.. !
هذا التشكيل جاء مغايرا تماما لما تعودنا عليه في مرات سابقة.. إذ كان التغيير يشمل بعض العناصر.. أو بعض اللجان.. وأحيانا نتيجة ردة فعل آنية لأحداث معينة.. وكان يتركز في بعض اللجان ذات العلاقة بالتعامل المباشر مع الأندية والأحداث الرياضية.. بمعنى اللجان التي في واجهة الأحداث.. لكنه هذه المرة جاء عاما وشاملا لجميع اللجان.. وتغييرا جذريا في تركيبة هذه اللجان..
واستحداث لجان جديدة.. بمعنى أن التغيير كمي ونوعي.. حيث بلغ عدد اللجان 17 لجنة منها 8 لجان جديدة.. وتضم هذه اللجان 111 عضوا منهم 78 عضوا جديدا ليس على اللجان فقط.. ولكن حتى على العمل الرياضي ضمن منظومة الاتحاد السعودي لكرة القدم.. لكنهم مولودون وناشئون في رحم المجتمع الرياضي..
وهذه الشمولية والنوعية ليست فقط في تكوين اللجان.. ولكن أيضا في وضع نظام أساسي لاتحاد كرة القدم.. يؤكد أن التغيير ليس هدفا بحد ذاته.. بقدر ما هو وسيلة لهدف أبعد وأسمى.. فالتغيير ليس لمجرد التغيير فقط.. !
بقدر ما هو خطوة من خطوات التغيير والتحديث في أعمال وبرامج اتحاد كرة القدم التي تأخذه إلى العمل المؤسساتي المنظم.. بعيدا عن الاجتهادات.. والجهود أو القرارات الذاتية والفردية.. وهو ما يؤكد عليه دائما رئيس الاتحاد الأمير سلطان بن فهد.. ونائبه الأمير نواف بن فيصل بن فهد.. من أن برامج الاتحاد.. يجب أن تتوافق مع روح العصر وطبيعة المرحلة.. إذ لا يمكن أن نعيش بمعزل عن هذا العالم.. !
ولعل إشادة الاتحاد الدولي لكرة القدم بالخطوات التي اتخذها الاتحاد السعودي في وضع النظام الأساسي للاتحاد.. وطلبه (أي فيفا) من الاتحادات العربية والآسيوية أن تنهج نهجه وتستفيد من تجربته هذه.. يؤكد سلامة هذه الخطوات.. ورغبة الاتحاد السعودي في التطوير.. والارتقاء بآلية العمل.. بما يتوافق وطبيعة المرحلة.. والمتأمل.. في هذه اللجان يدرك حرص الاتحاد السعودي لكرة القدم على التطوير المبني على أسس علمية.. بعيدا عن الاجتهادات الشخصية.. فقد أصبحت الكرة علما.. والتطوير فناً أو تخصصا قائما بذاته.. كما تؤكد حرص الاتحاد على الانفتاح على المجتمع.. وأن الرياضة هي جزء منه.. وكذلك تأكيده على القيم النبيلة.. والسعي لبثها وتنميتها بين أوساط الشباب..
وإذا تجاوزنا بعض اللجان المعروفة.. مع إيماننا بأهمية عملها شأنها شأن اللجان الأخرى كمنظومة عمل.. فإن هناك لجانا أخرى أعتقد أنها ستكون في بؤرة الأحداث.. وتحمل الكثير من الأهمية سواء لدى المجتمع أو الوسط الرياضي.. أو لدى صانع القرار.. واتحاد الكرة ككل.. !
ولعل من أبرز هذه اللجان..

لجنة المسابقات..
هذه اللجنة هي اللجنة (المأكولة المذمومة) إن صح التعبير أو جاز لي ذلك.. أعمالها مهما بلغت من الذروة والجهد.. إلا أنها تظل غير مقنعة أو مقبولة من الوسط الرياضي فعدم انتظام المسابقات وتداخلها.. وكثرة التوقفات.. الخ..
تظل مدار الحديث ومثار التساؤل.. وهنا تقع عليها مسؤولية تحقيق الحد الأدنى من الرضا.. ولم يعد أمامها أعذار شرعية كما كانت سابقا..! فالمسابقات أصبحت منتظمة ومبرمجة على مدى سنوات فيما يتعلق بالمشاركات الدولية.. والقارية.. وتبقى أن تواكب هي.. هذا الانتظام والوضوح.. بوضوح مقابل وانتظام والبحث عن سبل تكفل ذلك.. ووضعها على طاولة مجلس إدارة الاتحاد.. حتى لو كان الأمر يتعلق باختصار المسابقات.. أو جدولتها.. وغير ذلك.. بدلا من المواجهة مع الإعلام.. أو غيره في إقرار برامج اللجنة وتنفيذها..!
وفي ظل توسع مشاركة الأندية السعودية في البطولات الخارجية.. خاصة بطولات الأندية الآسيوية.. أصبح لزاماً عليها برمجة هذه المشاركات.. ومراعاة وضع الأندية.. ومشاركتها الداخلية.. بدلاً من التعديل الآني.. وتعرضها للحرج.. والاتهام.. كما حصل هذا الموسم في وضع الهلال والاتحاد.. الخ! وقد تحدثت عن هذا في مقال سابق.. مشيراً.. إلى أن جدول الدوري ليس قرآناً منزلاً لا يجوز التحريف فيه أو التعديل وإنما يمكن ذلك مراعاة للأندية.. ولنجاح الدوري.

التسويق والبث التلفزيوني
أعتقد أن المجلس الاستشاري للتسويق والبث التلفزيوني مع لجنة الإعلام والإحصاء.. من أكثر اللجان التي يعول عليها الاتحاد كثيرا في تنفيذ برامجه.. وأعماله.. فالعصر هو عصر الإعلام والمعلومة.. وهو عصر التسويق والاعتماد الذاتي.. ! الكرة السعودية.. اليوم سواء على صعيد المنتخب أو الأندية.. تجاوزت مرحلة الاستجداء.. وانتظار (الخراج) الذي قد يأتي.. أو لا يأتي.. خصوصا الأندية !! والذين يتهمون الرئاسة العامة لرعاية الشباب بأن ميزانيتها تذهب في معظمها للصرف على كرة القدم.. مخطئون في ذلك لأنهم :
ـ إما :
غير متابعين لما يحدث في كرة القدم الآن.
ـ أو :
أنهم ــ مع احترامي وتقديري لهم ــ لا يدركون معني الميزانية وأبواب صرفها ولوائحها وأنظمتها !
الكرة السعودية مقبلة على طفرة مادية واقتصادية في ظل تنامي الوعي العام لمفهوم الرياضة..
فالنقل التلفزيوني للدوري ــ على سبيل المثال ــ الذي بيع آخر موسمين بـ 300 مليون ريال (150 مليون للموسم الواحد).. يرى الكثير من الاقتصاديين والخبراء في هذا المجال.. أن قيمته تتجاوز هذا المبلغ بكثير..!
ودوري المحترفين الذي بيع أيضا بـ 300 مليون ريال لثلاثة مواسم.. يرى خبراء معنيون بالأمر أنه يستحق أكثر من ذلك..
نحن ندرك أن البداية لابد أن يواكبها بعض التضحيات للوقوف على الأقدام.. وهذا أمر طبيعي.. وقد وقف الدوري السعودي شامخا يطاول العنان.!
وهنا تقع المسؤولية على اللجنة.. ليس في تسويق الدوري السعودي.. أو البحث عن مصادر تمويل لها فحسب.. ولكن أيضا للتوعية بأهمية ذلك.. واعتبارها (هيئة استشارية).. حتى للأندية.. وغيرها في هذا المجال.

لجنة الإعلام والإحصاء
العصر ــ كما هو معروف ــ عصر الإعلام.. وعصر المعلومة.. ورغم أن الاتحاد العربي السعودي لكرة القدم من أكثر الاتحادات فاعلية وتأثيرا.. ونجاحا.. على المستوى الدولي.. وليس الإقليمي أو القاري فقط !!.. وما يتلقاه من ثناء وإشادة.. إلا أنه ما زال حتى الآن لم يرتق بمستواه الإعلامي كما هو على مستوى العمل الفني..!!
والإعلام الذي أعنيه هنا.. ليس متابعة أخباره.. وتغطية أحداثه.. وهو ما يتكفل به الإعلام الخاص أو العام كجزء من عمله وبحثه عن النجاح.. وإنما أعني تقديم نفسه على المستوى الإعلامي كما هو في بقية شؤونه..!
فهو.. أي اتحاد القدم.. ليس لديه موقع على الشبكة العنكبوتية.. كما هي الاتحادات الأخرى.. ولا مجلة متخصصة تغطي أحداثه وتهتم بشؤونه وتوثق أخباره.. ولا إحصائيات دقيقة أو معلومات عن بطولاته.. ومسابقاته.. وتاريخه.. وإذا أردت البحث عن أي معلومة تخص الكرة السعودية.. تلجأ لمواقع أخرى.. بعضها غير سعودي.!

لجنة الأخلاق واللعب النظيف:
ومهمة هذه اللجنة في نظري توعوية.. أكثر من أي شيء آخر.. فهي ليست تأديبية.. ولا شأن لها بالتجاوزات التي يمكن أن تحدث.. وبالتالي عليها أن تسعى لتقديم كرة القدم بصورتها النظيفة والشريفة.. عبر خطين متوازيين:
ـ الأول:
توعية الجيل الحالي.. وحثه على اللعب النظيف والروح العالية في التعامل.. وإقرار ثقافة الفوز الخسارة والتأكيد على هذه الروح.
ـ الثاني:
زرع هذه القيم في نفوس النشء والتأكيد عليها وتنميتها.. لإيجاد جيل جديد.. تنمو معه هذه القيم بصورة طردية.. عبر الكثير من الأساليب والبرامج التي يطول الحديث عنها وإن كان أبرزها الرسائل التوعوية عبر وسائل الإعلام.. والوصول إلى هؤلاء النشء.. في المدارس.. ومن خلال التنسيق مع وزارة التربية والتعليم لإقرارها في برامجها ومقررات التربية البدنية... الخ

لجنة الدراسات الإستراتيجية:
والدراسة الإستراتيجية.. تعني التخطيط على المدى البعيد المبني على الدراسات وأسس علمية.. ويخطئ من يظن أن عمل دراسة أو بحث ما.. يعتبر من الأدوار العادية.. !! إن مثل هذه الدراسات تحتاج لفرق عمل متخصصة في نواح مختلفة.. وبالتالي فإنها مكلفة ماديا.. وتحتاج لميزانيات ودعم إذا ما أردنا فعلا تفعيل دورها.. على الوجه الذي نأمل ونريد.. كما أننا يجب أن نستفيد من هذه الدراسات وألا يكتفى بإعدادها.. ومن ثم حفظها.. كما يحصل في كثير من البحوث والدراسات الجامعية.. وإنما يتم ترجمتها إلى برامج عمل.. وتنفيذ.!

لجنة المسؤولية الاجتماعية:
أعتقد أن هذه اللجنة.. ستواجه كثيرا من الصعوبات وتقع عليها مسؤولية كبرى في تقديم كرة القدم للمجتمع بصورتها الحقيقية..
نحن الآن نعيش في زمن الاحتراف.. وفي زمن أصبحت فيه كرة القدم تؤثر في اقتصاديته.. بل وفي حياته العامة.. وعلى هذا الأساس.. تأتي مسؤولية هذه اللجنة.. بتصحيح المفهوم القائم لدى المجتمع حول كرة القدم بصورة عامة.. والممارس أو اللاعب بصورة خاصة..
اللاعب المحترف.. لم يعد يمارس الكرة كهواية.. وإنما كمهنة ومصدر رزق..!
لكن المجتمع.. والجهات المسؤولة.. لا تنظر إليه من هذه الناحية.. حتى سجله المدني لا يعترف بمهنته هذه.. رغم أنها هي وظيفته الأساس ومصدر رزقه.
وكرة القدم أصبحت واجهة حضارية.. وعامل تأثير كبير في اقتصاديات الأمم والشعوب.. وأذكر أنني كتبت حول هذا الموضوع (اقتصاديات المونديال).. بأن كأس العالم 2010.. وكثيرون تناولوا هذا الموضوع.
ومن هنا.. يأتي دور اللجنة.. في وضع برنامج عملها.. وتنفيذه.. وترجمة تطلعاتها.. في تغيير وجهة نظر المجتمع.. وخلق ثقافة جديدة لديه.. تجاه كرة القدم.

اللجان بين
المطرقة والسندان

أعتقد أن اتحاد كرة القدم عاش مخاضا عسيرا ومتعبا في ولادة هذه اللجان.. فالبحث عن 111 عضوا.. وعدم التكرار أمر في غاية الصعوبة..
لقد استطاع الاتحاد تسمية رؤساء أكفاء.. من ذوي التخصص كل في مجاله.. أما الأعضاء.. فلا بد أن يشوب الضعف بعضهم وهذا أمر طبيعي.
وقد استطاع الاتحاد تحقيق رغبة الوسط الرياضي والإعلام وضغوطه.. بعدم تكرار الأسماء.. رغم أن هذا الأمر غير ملزم وليس قانونيا.. وشخصيا لا أرى ما يمنع من تواجد الشخص في أكثر من لجنة.. وفق شرطين أساسين :
- الكفاءة.. والمقدرة.
- عدم تعارض اللجان.. أو زيادتها بما يعيقه عن القيام بدوره.
وهذا الأمر محمول به في كثير من الاتحادات الدولية.. ومنها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)
عموما..
لقد تم تشكيل اللجان.. وبدأت عملها.. والحديث أصبح الآن عن هذا العمل ومدى قدرتها على النجاح الذي أرى أنه مرتبط بجهات ثلاث.. تقع على كل منها مسؤولية تتوافق ومكانته وموقعه.
الأولى:
اتحاد كرة القدم من خلال:
ــ إعطاء الصلاحية الكاملة لهذه اللجنة للعمل بحرية بعيداً عن الضغوط.. ليس من قبل الاتحاد فقط.. ولكن أيضاً من الجهات الأخرى.. ودعم هذه اللجان ــ تقويم عمل هذه اللجان تقويماً دقيقاً مبنياً على أسس وتعزيز الناجحين.. ومحاسبة المقصرين.
الثانية:
اللجان نفسها:
ـ إدراك أن العمل في هذه اللجان بما فيها رئاستها هو تكليف لا تشريف وهذا يتطلب العمل بإخلاص ونكران الذات وتغليب المصلحة العامة من خلال الإيمان بعظم المسؤولية والأمانة الملقاة على عاتق العاملين فيها.
الثالثة:
الوسط الرياضي والإعلام
وتتحدد مسؤوليتهم في إعطاء الثقة في هذه اللجان ودعمها.. والتعاون معها.. حتى يثبت العكس..!
لقد بدأت سهام النقد تطال هذه اللجان.. وعملها قبل أن تبدأ.. وبدأ الحديث عن الميول.. وغياب البعض.. وتكاثر آخرين والسؤال المطروح الآن :
هل هذه اللجان تم تشكيلها من أجل مصالح الأندية أم من أجل كرة القدم السعودية..؟!
ـ إذا كانت الأولى.. فالمفروض أن تضم كل لجنة 14 عضواً يمثل كل منهم أحد أندية دوري المحترفين.
ـ أما إذا كانت الأخرى فالمفروض أن تضم الأكفأ بغض النظر عن توجهه وميوله !! والذين تحدثوا عن هذه الناحية..كانوا يبحثون عن أسماء معينة ربما لأهداف معينة.. أو قصور في الرؤى.. لكنهم لو تمعنوا النظر في هذه اللجان لوجدوا تلك الميول عبر أسماء كثيرة رغم أنني ضد هذه النظرة..!
المفروض أن تنظر للشخص من خلال كفاءته.. وتحاسبه على عطائه وعمله.. بغض النظر عن ميوله.
والوسط الرياضي لابد أن يكون له ميول.. ومن غير المعقول أن تبحث عن كفاءات تدير هذا الوسط.. دون أن يكون لها اهتمامات رياضية..!
علينا أن نحسن الظن.. وأن نكون خير عون لهذه اللجان ولاتحاد كرة القدم ولأنفسنا بالرأي الصادق.. من أجل مصلحة الوطن ونبذاً لمصالح الأندية.
والله من وراء القصد