|


عبدالله الضويحي
الشـورى... ورعاية الشباب.. !
2010-06-01
في كل مرة يحدث فيها عدم توفيق أو نجاح أو ما يسميه البعض (إخفاق أو فشل) رغم أنني شخصيا لا أفضل هذه المصطلحات.. يبرز اسم الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى واجهة الأحداث.. ويتم تحميلها وزر ما حدث كاملا من بعض الكتاب أو المنظرين دون إدراك لدور الرئاسة وأهدافها وعلاقتها بالاتحادات الرياضية ومنها اتحاد كرة القدم! وقد تجلى ذلك أكثر في مناسبتين :
الأولى: عقب نهائيات كأس العالم 2002 في اليابان وكوريا.. عندما خسر المنتخب أمام ألمانيا بثمانية أهداف!
والثانية: عندما لم يتأهل لكأس العالم 2010 التي ستقام في جنوب أفريقيا نهاية الأسبوع القادم... حيث يبدأ التنظير وطرح الحلول والمطالبة بالتغيير وو..الخ! وهذا حق من حقوق المواطن بل وواجب عليه أن يساهم في وضع قواعد النجاح ورسم خططه ونقد السلبيات والعمل على تلافيها طالما أنه يملك أدوات النقد والإصلاح.
لكن.. من حق الوطن علينا أيضا أن يكون النقد موضوعيا ومبنيا على أسس ومعلومات صحيحة.. ووفق الأطر التي تحدد أسس النقد ومفاهيمه.
وأذكر أنني كتبت موضوعا قبل بضعة أشهر عندما لم يتأهل المنتخب لكأس العالم , وتناولت في جزئية منه بعضا من هذه الأطروحات.. خاصة من بعض الأكاديميين والكتاب الذين لم يتعود منهم القارئ تناول مثل هذه المواضيع.. أشرت فيها إلى أن هؤلاء على فئتين:
الأولى: ليس لديها أدنى اهتمامات رياضية، لكنها تناولت الموضوع وناقشته كشأن عام.
الثانية: لديها فهم كروي أو ثقافة رياضية معينة لكنها بعيدة كل البعد عن الشأن الرياضي ولوائحه وأنظمته بما يساعد على طرح الرأي المبني على أسس صحيحة! ولهذا.. يأتي دائما الخلط بين دور الرئاسة العامة لرعاية الشباب والاتحادات الرياضية ومنها اتحاد القدم.
ما سبق.. ينطبق تماما على مناقشات مجلس الشورى في جلسته السادسة والعشرين التي عقدت يوم الأحد (قبل الماضي) 9ـ6ـ1431هـ للتقرير السنوي للرئاسة العامة لرعاية الشباب.. حيث تضمن التقرير (ضرورة تنمية العمل الشبابي والرياضي في السعودية بمختلف أنشطته وتفعيل البرامج الرياضية في المدارس باعتبارها المحضن الأول للمواهب السعودية التي تشكل نواة المنافسة الرياضية في المحافل الدولية ...الخ).
على أنني.. وقبل الدخول في مناقشة ذلك وبيان رعاية الشباب التوضيحي.. لابد أن أشير هنا إلى نقطتين هامتين:
الأولى: أن مجلس الشورى شأنه شأن أي قطاع آخر له حقوق وعليه واجبات ويخطئ ويصيب.. وإذا كان للمجلس الحق في تشريع القوانين ونقد الأداء لدى الجهات الحكومية وتقويمه.. فمن حق الآخرين نقده أيضا وتقويم أدائه.. طالما أن هذا يدور في الأطر الصحيحة والسليمة.
الثانية: إن أعضاء المجلس هم من المواطنين الأكفاء.. المؤهلين علميا وأكاديميا ومن نخبة أهل الرأي والفكر.. لكن هذا لا يعفيهم من القصور أو الخطأ أحيانا في تناول بعض الأحداث..
ــ إما لقصور في المعلومة وبعدهم عن الحدث..
ــ أو لثقافتهم في هذا المجال! أما فيما يتعلق بمناقشة مجلس الشورى وما ورد في البيان التوضيحي لرعاية الشباب فهناك أكثر من وقفة:
أولا: يقول تقرير الشورى إن ما تم صرفه على بند الصيانة والتشغيل 800 مليون ريال في حين يؤكد بيان رعاية الشباب أن ما تم صرفه 437 مليونا فقط.
والفارق بين الرقمين كبير جدا يصل إلى درجة الضعف.. مما يطرح علامة استفهام كبرى! على أي أساس ورد هذا الرقم (800 مليون) في تقرير الشورى !؟ هل كان مأخوذا من التقرير السنوي لرعاية الشباب الذي ناقشه المجلس !؟ وإذا كان كذلك.. لماذا هذا التناقض لدى رعاية الشباب بين التقرير والبيان !؟ هل هو خطأ مطبعي في التقرير أم معلوماتي !؟ وإذا لم يرد هذا الرقم في تقرير الرعاية فمن أين جاء به مجلس الشورى !؟ تساؤلات تطرح نفسها ولابد من البحث عن إجابة شافية.
ثانيا: وفقا لبيان الرئاسة فإن 437 مليون ريال لصيانة 109 منشآت رياضية.. يعني أن متوسط صيانة المنشأة هو 4 ملايين ريال فقط! وأعتقد أنه رقم معقول إذ تشمل هذه المنشآت مقرات الأندية والمدن الساحلية والصالات الرياضية وبيوت الشباب والملاعب الرياضية.. وبعض هذه المنشآت يعود إلى حوالي 35 عاما.
ثالثا: إذا كانت ميزانية رعاية الشباب مليارا وتسعة وسبعين مليون ريال والمصروف منها للصيانة والتشغيل 437 مليونا فإن المبلغ المتبقي هو ستمائة واثنان وأربعون مليون ريال.. هذا المبلغ يشمل رواتب منسوبي الرعاية (بند الرواتب) وتذاكر الإركاب لمنسوبي الأندية والحكام لمختلف الألعاب (داخل وخارج المملكة) في المهمات الرسمية... الخ.
وإذا أدركنا حجم هذه المصاريف..
نتساءل: هل ما تبقى من الميزانية يكفي أو يفي بالغرض لتنمية العمل الشبابي والرياضي بمختلف أنشطته.. الخ! وفق ما ورد في تقرير الشورى وحسب ما يتطلع إليه المجتمع! أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب شأنها شأن أي قطاع آخر في الدولة تذهب معظم ميزانيته إلى البند الأول وهو بند الرواتب.. ومع ذلك نطالب هذه القطاعات بالالتفات لجانب التنمية.. دون أن نبحث عن الأسباب الحقيقية المعيقة لهذا الدور.
رابعا: ورد ضمن التقرير (ضرورة تفعيل البرامج الرياضية في المدارس.. الخ) وهذا الدور كما هو معروف هو مسؤولية وزارة التربية والتعليم وليس رعاية الشباب وهناك إدارات مخصصة في الوزارة لهذا الغرض.. وكلنا يعرف كيف تم (وأد) الرياضة المدرسية عقدين من الزمن.. فقدت خلالها قاعدتها الأساسية وبنيتها التحتية.. بعد أن كانت رافدا مهما للرياضة في المملكة!
هذا بصورة عامة..
أما فيما يتعلق بكرة القدم.. وما يطالها من اتهامات فهناك نقطتان هامتان:
الأولى: الخبرات الأجنبية: يعرف المتابع أن اللاعب الأجنبي كان موجودا في البدايات حتى تم الاستغناء عنه عندما انتفت الحاجة في النصف الأول من الستينيات الميلادية (الثمانينيات الهجرية).. ثم عاد مرة أخرى مع بداية الدوري الممتاز في منتصف السبعينيات وهي الفترة التي كان لها دور في نهضة الكرة السعودية.. ووصولها للأولمبياد وفوزها بكأس أمم آسيا كإحدى ثمرات هذا التواجد.. وكلنا يتذكر ريفلينو، ونجوم تونس آنذاك، وغيرهم ممن كان لهم أثرهم في ذلك الوقت. ثم تم إيقاف العمل به في منتصف الثمانينيات الميلادية! وأخيرا عاد مرة ثالثة مع تجربة الاحتراف بداية التسعينيات الميلادية كأمر طبيعي.. إذ لا احتراف بدونه! وساهم في الارتقاء بالكرة السعودية ولفت الأنظار إليها.
أما الحكام: فجاء نتاجا طبيعيا لاتساع قاعدة التنافس.. في ظل النقص العددي للحكام الوطنيين.. وأهمية وحساسية المباريات.. الخ.
وأما المدربون: فكلنا ندرك ضعف هذه القاعدة.. ومهما كانت قدراتنا وبرامجنا التأهيلية لايمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي من المدربين الوطنيين ولا حتى تحقيق الحد الأدنى.. دونما حاجة للتفصيل في هذا الجانب! وأنا هنا لا أدافع عن اتحاد كرة القدم وهو يتحمل جزءا من المسؤولية في هذا الجانب وتطويرها سواء الحكام.. أو المدربين.. ولديه الآن برامج لهذا الغرض ويجب أن ترتقي لمستوى التطلعات.. وهي من ضمن تقارير اللجان التي درست واقع الكرة السعودية.. وقد بدأ التنفيذ بإسناد مهمة الإشراف على منتخبات الفئات السنية لمدربين وطنيين قبل عدة أشهر.
الثانية: ربما لا يعرف كثيرون أن رعاية الشباب لا تنفق ماليا على كرة القدم.. كما يتصور البعض (وأن ميزانيتها تذهب كلها إليه).. وأن اتحاد القدم شأنه شأن الاتحادات الرياضية الأخرى فيما يتعلق بالإعانة، ربما كانت أكثر بحكم نشاطه وهذا طبيعي وفق اللوائح.. لكنها لاتصل إلى هذه الدرجة من النظرة.
اتحاد القدم وهو مالا يعرفه هؤلاء.. أصبح يعتمد كثيرا على موارده الذاتية.. ويدفع بعض إعانات الأندية من هذه الموارد.. مثل حقوق النقل التلفزيوني.. ورعاية مسابقاته.. وأهمها دوري المحترفين، ويعاني كثيرا من بيروقراطية العمل الحكومي.. مما يعيق بعضا من برامجه، حتى معسكرات المنتخب ومبارياته الدولية.. أصبح الاتحاد يتقاضى عليها أجرا وليس العكس.

الدوري الممسوخ
استوقفتني هذه العبارة.. وتوقفت أكثر عند ردود الفعل عليها، وأعتقد أن الذي أطلقها حسب ما ورد في زاوية أحد الزملاء هو الدكتور عبد الرحمن العناد عضو المجلس.. ولا أدري كيف !؟ ربما كانت مداخلة لأن الدكتور العناد ليس عضوا في اللجنة.
د. العناد أعرفه شخصيا وهو أستاذ الإعلام.. وأعرف ثقافته.. وفكره.. ووطنيته.. وأتشرف بمعرفته.. وهي معرفة ترتقي لدرجة الصداقة.. ولا أعتقد أن (أبو مشاري) يقصد ما ذهب له البعض، ولم أشأ أن استوضح منه الأمر.. حتى لا يكون لذلك تأثير على هذا المقال.
وأعتقد أن وصفه هذا كناية عن تأثر هوية الدوري الوطنية باللاعبين والمدربين والحكام الأجانب، وهو الذي عايش كعضو مجلس إدارة سابق في نادي النصر.. فترة وطنية خالصة من حيث الحكام واللاعبين وبعض المدربين.. وذلك في النصف الثاني من الثمانينيات (قبل أزمة الخليج) وليس في بداية عهد الاحتراف.. كما وصفه البعض وانتقده.. ولا أعتقد أن وصفه هذا للدوري أو عضويته السابقة يصل إلى درجة أن يجرده البعض من كفاءته.. وقدراته ومكانته، وهذا ليس دفاعا عنه بقدر ما هي الحقيقة والواقع الذي يجب أن نكون عليه عند تعاملنا مع الآخرين.

الشباب.. ومجلس الشورى
تبقى نقطة أكثر أهمية: وهي أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب جزء من منظومة تمثل قطاعات الدولة.. لها مالها وعليها ما عليها.
الدكتور الصديق حافظ المدلج تناول في زاويته (منصات) في هذه الجريدة (الصفحة الأخيرة) يوم السبت الماضي هذا الجانب والقصور في قطاعات أخرى، وطالب باستقلالية لجنة الشباب والرياضة.. وكذلك أهمية تواجد عضو من المهتمين بهذا الجانب في المجلس، فأعفاني من تناوله.. فقد اختصر وأفاد.. وأنا قد أطيل وأمل! إلا أن لي إضافتين:
الأولى: نشرت الأسبوع الماضي الصحف تقريرا يفيد أن 82 %من السعوديين يعالجون في المستشفيات الأهلية.
وهذا معناه: ــ إما عدم ثقة في مستشفيات الدولة بما فيها الخاصة بقطاعات معينة.
ــ أو قصور في أدائها.
الثانية: أن الاهتمام بالشباب في مجلس الشورى ثانوي.. في وقت يفترض فيه أن يكون أساسيا.. فهو الأخير في لجنة (الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب) والتي تتعدد اهتماماتها من مكافحة الفقر.. والضمان الاجتماعي.. ووو.. إلى أمور الشباب! شبابنا اليوم يعاني من البطالة.. وقصور في وسائل الترفيه والتسلية.. وهو مستهدف في دينه ووطنه وأمته.. ألا يستحق لجنة مستقلة وخاصة تهتم بقضاياه !؟
وأحيلكم.. إلى مقال الدكتور حافظ.. فهو جدير بالقراءة.. !
والله من وراء القصد