|


عبدالله الضويحي
دورة الخليج الهوية .. والتغريب
2009-01-06
مع انطلاق كأس الخليج في دورتها الـ 19 في مسقط.. هذه الأيام (المحرم 1430- يناير 2009م) أتمت هذه المسابقة أربعة عقود من عمرها المديد بإذن الله.. ووضعت قدميها على أعتاب العقد الخامس.. ذلك بالتاريخ الهجري، وهي توشك على ذلك بالتاريخ الميلادي، حيث انطلقت في شهر المحرم 1390هـ، مارس 1970م.
أربعون عاماً.. مضت كلمح البصر لمن عايش الدورة وعاش لحظاتها.
والأربعون تعني سن النضج.. وبلوغ الأشد (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعتمك التي أنعمت علي وعلى والدي... الآية).
ومن هنا.. نحمد الله سبحانه وتعالى ونشكره على ما وهبنا من النعم.. وعلى استمرار دورة الخليج وحفاظها على هويتها.. وديمومتها وتناميها.!!
أربعون عاماً.. تجعلنا نطرح السؤال:
هل نضجت دورة الخليج..؟!
وما المطلوب لها في هذه المرحلة؟!
والغريب أنه في هذه السن من النضج، وفي مرحلة العطاء هذه.. تخرج أصوات تطالب بوقف نموها.. بل وإطلاق (رصاصة الرحمة!!) عليها وهي يافعة.. وقد استوت على سوقها.. يعجب نباتها أبناءها الحقيقيين!!! بحجة أنها استنفدت الهدف من وجودها!!!
والذين يطالبون بذلك.. هم أولئك الذين ينظرون إليها من طرف خفي!! وعبر زاوية لا تتسع لأكثر من التنمية الرياضية وربما ضاقت عنها..!! بل إن هذه الجزئية لا زالت تمثل لبنة أساس.. ولا زالت في حاجة لكأس الخليج.. لدعم مزيد من جوانب هذه التنمية!!
لقد ظهرت دورة الخليج ونبعت من هذه الأرض الطيبة المباركة ومن فكر رجل الرياضة آنذاك الأمير خالد الفيصل، الذي صاغها بريشة الفنان.. وروح الشاعر.. وفكر الإنسان.. وجمال المبدع..!! فحق لها. أن تحوي كل هذه الصفات في ذاتها.. وتزهو بها في أعراسها.!!
ظهرت دورة الخليج.. وأبناء الخليج أكثر ما يكونون في حاجة للوحدة والتلاحم.. في وقت لم تكن بعض دول المنطقة المشاركة فيها الآن قد ظهرت ككيانات رسمية.. ولا زال بعضها يعيش في ظل الاستعمار.!
وبعد عقود أربعة تأتي دورة الخليج وأبناء الخليج وهم في حاجة أكثر للوحدة والتلاحم في ظل الظروف والمتغيرات السياسية التي تمر بالعالم على وجه العموم.. والمنطقة على وجه الخصوص.!!
ودورة الخليج تواجه الآن.. وفي هذه المرحلة تيارين أو دعوتين تصبان في قالب واحد.. أو تنتهيان إلى مصب واحد.. وأن اختلف المنبع.. ومقدار التدفق أو سعة المصب.!!
أولهما:
إلغاء الدورة.. باعتبارها أصبحت تشكل عبئا على دول المنطقة.. خاصة فيما يتعلق ببرامجها.. وأجندتها الرياضية وأنها غير معترف بها من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم...إلخ.
وثانيهما:
تطويرها وتوسيع قاعدة المشاركة فيها لتشمل دولاً أخرى.. لتتحول بالتدريج إلى دورة خاصة بغرب آسيا.. لضمان دعم الاتحاد الآسيوي لها.. وهي دعوة ظاهرها فيه الرحمة وباطنها من قبله العذاب!!
ولا أعتقد، بل إنني أجزم أن أيا من أبناء المنطقة لا يتفق مع أي من هاتين الدعوتين.. لأن أياً منهما تؤدي في النهاية إلى تغريبها.. ومسخ لهويتها.!!
ولا أعتقد أيضاً.. بل إنني أجزم أن كل أبناء الخليج.. مع التطوير والتجديد الذي يرتقي بالدورة دون أن يؤثر على جوهرها.. وبنيتها الأساسية.!!
واعتراف الفيفا.. وكذلك برمجة الدورة.. لا تشكل قضية جوهرية لاستمرارها..!!
والفيفا معترف بدورة الخليج.. فهي لا تقوم على أساس عرقي.. أو ديني.. وإنما هي تجمع إقليمي!! وبدليل موافقته على إرسال حكامه.. ومشاركتهم في إدارة مبارياتها.. وحضور رئيسه لجانب من فعالياتها.!!
لكن الاتحاد الدولي لا يضعها ضمن أجندته.. وبرامجه.
ومعروف أن البطولات التي تحتويها أجندة الاتحاد الدولي هي:
كأس العالم، كأس الأمم القارية (لكل قارة) وكأس القارات.. وكأس العالم للأندية.. وهاتان الأخيرتان تم إدراجهما في وقت متأخر.. بعد أن كانتا خارج الأجندة رغم الاعتراف بهما.!! هذا بالإضافة إلى أيام الفيفا المعتمدة للمباريات الودية.
ودورة الخليج ليست الوحيدة في هذا الجانب.. ولو تم إدراجها ضمن أجندته.. لأصبح شأنها شأن البطولات المشار إليها أعلاه من حيث اعتماد تاريخ ثابت لها.. وإلزام الأندية بالسماح للاعبي المنتخبات المشاركة.. بمشاركة دولها.. لأنها ستصبح في هذه الحالة.. ضمن أيام الفيفا المعتمدة والتي تنص على ذلك.. وهذا سيكون له تبعات أخرى على الفيفا.. والأندية العالمية...إلخ!!
أما ما يتعلق ببرمجة موعد ثابت للبطولة.. فإن فإمكان دول المنطقة التوصل إلى ذلك.. خاصة وأن الاتحاد الآسيوي أصبحت له أجندة واضحة ومعتمدة وهو ما كان يشكل عقبة على مدى السنوات المقبلة، وكذلك الاتحاد الدولي ومن سنوات (من قبل).
ومن هنا يمكن لدول المنطقة اعتماد موعد ثابت للبطولة على مدى أربع سنوات مقبلة.. بعد أن زالت العقبة الرئيسة في هذا الجانب.
وهما الهيئتان اللتان تتعامل معهما البطولة بصورة مباشرة، وكانت برامجهما أساسية في موعد ثابت لها.
والقضية في نظري لم تعد تتعلق بالبرمجة في ظل ما أشرت إليه سابقاً.. لكن أموراً أخرى بدأت تظهر في السنوات الأخيرة تؤكد أن دورة الخليج وصلت إلى مرحلة من النضج، ما يجعلها تحتل مكانا بارزا على خريطة التعامل مع الأحداث.. ولم تعد ذات مردود فني ورياضي فقط!! بقدر ما انتقلت إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي.. أو الربحية الاقتصادية.. بعد أن كانت تمثل عبئا ماليا على الدولة المنظمة.
فالنقل التلفزيوني.. وحقوق الرعاية على سبيل المثال تضاعفت 27 مرة خلال خمسة عشر عاماً.. أي خلال ثمان دورات..!! فبعد أن كان الرقم مليون دولار فقط.. في دورة أبوظبي عام 94.. أصبح 27 مليونا في مسقط 2009.
هذه ناحية..
والأخرى..
تتعلق بعنصر المجاملة.. وتعامل دول المنطقة مع بعضها بثقافة البيت الخليجي.. وربما كان هذا أحد ميزات الدورة في تصور البعض.. لكنه يشكل عبئا كبيراً على الدولة المنظمة.
وما أعنيه هنا هو كثافة الوفود وزيادة أعدادها عن الأعداد المفروضة أو المحددة.
صحيح أن الدول ستدفع.. أو ستتحمل مثل هذه التكاليف.. لكنها تشكل عبئا على الدولة المنظمة فيما يتعلق بالتنظيم.. وتوفير الأماكن.. والضيافة.. وغيرها!!
وعودة لموضوع النقل.. فإن المشكلة الأخرى تتعلق ببيع الحقوق.. والمغالاة في ذلك.. مما يحرم بعضا من شعوب وأبناء المنطقة من الاستمتاع بدورتهم وهذا أحد أهدافها.
إن من حق الجهات الراعية.. الاستفادة.. لكنها يجب أيضاً أن توازن بين هذه وتلك!!
ولعل ما حصل مؤخراً بين بعض القنوات ـ خاصة الحكومية ـ وقناة الجزيرة صاحبة الحقوق.. من مناقشات وخلافات.. بل وخروج عن النص.. ما يؤكد هذه الحقيقة.!
وقناة الجزيرة التي دفعت 27 مليونا للجنة المنظمة.. طلبت من راغبي النقل دفع عشرة ملايين دولار، وبحسبة بسيطة فهي تبحث عن 80 مليون دولار من التلفزيونات الرسمية.. عدا القنوات الأخرى!
لست خبيراً في الاقتصاد.. لكن حسبة بسيطة للمصاريف التشغيلية مع قيمة العرض المدفوع.. تعني أن القناة تبحث عن ربحية تفوق الضعف، وهي التي تؤكد أنها لا تبحث عن الربحية بقدر بحثها عن خدمة المشاهد.
وهذا يعني أحد أمرين:
- إما أن القناة تبحث بالفعل عن هذه الربحية.
- أو أنها تريد الانفراد بها فقط!! لإدراكها أن الرقم مبالغ فيه.. ولن توافق عليه القنوات التلفزيونية خاصة الرسمية وهي المهمة بالنسبة لدول المنطقة.
وبماذا نفسر عدم رد القناة على مخاطبة القنوات الأخرى بصورة خطية ورسمية.. والاكتفاء بالعروض الشفهية.. المبالغ فيها..!!
وبماذا نفسر بيعها للحقوق في آخر لحظة وبثمن بخس لبعض القنوات إذا صدقت الروايات!!
إن من المفروض.. أن يتم تفعيل الكراسة المتفق عليها.. وإذا ما كانت توصية.. وتمنياً.. أم قراراً ملزماً..!! وهو الذي حدد بيع الحقوق للقنوات الرسمية بأربعة أو ثلاثة ملايين.. وهو رقم منطقي في نظري لأنه يغطي قيمة العقد.. وتبقى الربحية مرهونة بالعوائد الإعلانية.. وبالبيع على قنوات تجارية أخرى!
إن حقوق النقل التلفزيوني.. وإن كان ظاهرة صحية وعالمية.. لكن وجوده (في دورة الخليج) وبهذه الصورة.. وما ترتب عليه.. واللغة التي تدور بين قنواته.. من شأنه أن يعود بأثر سلبي على المنطقة.. بدلاً من أن يكون عامل نجاح للدورة ومساهما في تحقيق أهدافها، ما لم يتم التوصل إلى حل مرضٍ لجميع الأطراف.
- وأعتقد أن الوقت بات الآن مواتيا أكثر من ذي قبل لقيام هيئة.. أو لجنة تنظيمية خاصة بدورة الخليج بدلاً من ربطها بالمؤتمر العام.
هذه الهيئة تكون من مهامها.. تحديد أجندة ثابتة للدورة.. والتنسيق فيما بينها وبين الاتحاد الآسيوي.. والاتحاد الدولي.. وتنظم عملية النقل التلفزيوني وبيع الحقوق.. ووضع معايير خاصة لذلك.. وكل ما يتعلق بالدورة من النواحي التنظيمية.. كالوفود الرسمية.. وغيرها... إلخ!
هذه الهيئة.. يكون لها أمانة عامة.. ومقر ويتم إعادة تشكيلها كل أربع سنوات.. بحيث تكون رئاستها دورية بين دول المنطقة.. وتضم في عضويتها الكثير من الخبرات الرياضية الممثلة للدول المشاركة.
إن من شأن هيئة كهذه.. أن تساهم في دعم دورة الخليج.. واستمرارها.. وتطويرها أيضاً بما لا يؤثر على جوهرها والهدف الأساس الذي قامت من أجله!!
والله من وراء القصد
(الافتتاح) .. وليس (الكويت)

حدثان هامان في افتتاح خليجي 19..
أشار لهما البعض.. وتداولهما بعض وسائل الإعلام بصورة غير صحيحة.
- الأول:
يتعلق بحفل الافتتاح.. وأنه تم إلغاؤه، وربط ذلك بالأحداث الراهنة في المنطقة..!
وهذا غير صحيح.. فعمان قد قررت ذلك منذ فترة.. وتم الإعلان عنه من أن حفل الافتتاح سيكون مبسطا.. وبعيداً عن التكلف.. وهو خطوة تحسب للأشقاء.
وأذكر أن توصية خرجت من المؤتمر العام قبل عدة سنوات بهذا الخصوص والتأكيد عليه، لكن دول المنطقة لم تلتزم به.
- الثاني:
مباراة الافتتاح.. وأن عمان اختارت الكويت.. وهذا أيضاً غير صحيح.. فقد تم إلغاء العمل بهذا التوجه منذ الدورة الخامسة في بغداد عام 79 على ما أظن.. حيث كانت مباراة الافتتاح بين العراق والبحرين.
وكانت الدول المستضيفة تختار عمان لتواضع مستواها.. لإعطائها دافعا معنويا في الفوز.. وهذا شكل نوعا من النظرة الدونية للمنتخب العماني.. فتقرر اعتماد القرعة.. بحيث يوضع الجدول كاملاً بالأرقام ومن حق البلد المستضيف أن يختار الرقم الذي يراه مناسبا له.. ويتم السحب على بقية الأرقام.
وفي هذه الدورة.. تم وضع عمان على رأس مجموعة.. والإمارات على رأس الأخرى.. وتم تصنيف الفرق إلى ثلاثة مستويات ثم توزيعها بالقرعة بين المجموعتين.. وتم تصنيف الكويت في المستوى الثالث مع اليمن وكانت مشاركتها أيضاً معلقة.. وملفوفة بالغموض حتى بعد وضع الجدول.. وهذا يعني أن عمان لم تختر الكويت لمباراة الافتتاح!
والله من وراء القصد