|


علي الشريف
لم تبدأ الحرب
2010-06-14
شهد ملعب بيترموكابا أمس بمدينة بلوكواني الجنوب أفريقية, كيف أن أضعف فرق المجموعة الثالثة هو المنتخب العربي, الجزائر, فيما لم يكن منتخب سلوفينيا ذئباً, ولا الجزائر حملاً, ولكنهما ظهرا كمنتخبين في رتبة أقل في تصنيف المنافسة, فهما لما يأتيا بأكثر من (برود), ولم نرَ ما يوحي بفكر كروي قد يجعلهما يأتيان مثيرين في كأس عالم, وربما كان المنتخب الأمريكي الذي لا يمتلك إرثا كرويا - جاء أفضل من جزائر تمتلك كماً وافراً وكبيراً من اللاعبين المحترفين لأندية غير جزائرية, ثم إن من الواضح أن الحسابات في هذه المجموعة قد تتلبك لاسيما وسلوفينيا تحرز أول ثلاث نقاط, فيما إنجلترا بنقطة وأمريكا بأخرى, وهذا قد يجعل فرق هذه المجموعة لا تفكر في الجزائر المنتخب أكثر من محطة نقاط يجب أن تغرف منها أكبر قدر, كي تهرب هذه المنتخبات للتأهل.
ـ الأمر الآخر أن الخسارة التي مني بها المنتخب العربي, كانت طبيعية, وهو لا يشبه الآخرين في ثقافته تلك التي كان يجب أن تصب في كون تجاوز المواجهة الأولى في المونديال أهم بكثير من أي شيء آخر, كونها أول حالة تطعيم للمنتخب كي يواصل التقدم, ولذا لم تأتِ الأرجنتين مبهرة بل حذرة, ولم تبك جنوب أفريقيا أكثر مما بكت على تلك الفرص المهدرة أمام المكسيك, فيما شعر الإنجليز بمهانة التعادل مع أمريكا!
ـ الأمر هنا لا يرتبط بمشاعر بل بكرة قدم, ولا بقومجية كي تحزن أو تفرح على الجزائر, يرتبط بكون هذه كأس عالم, ويرتبط بكون من يقرأ جيداً يعلم أكثر, وبالتالي يجيد التصرف, لكننا كعرب لا نقرأ, حتى في كرة القدم, يتم تكرار الدرس علينا ألف مليون مرة ومع ذلك لا نفهم, وبالتالي لا نتقدم, نتقدم في الغضب أكثر من الهدوء, وفي (الحظ العاثر) أكثر من غيرنا, ولكني لم أحزن أمس, ولماذا أحزن فيما أعلم واقع أمر كيف تفكر المنتخبات العربية, وكيف يُنتقى لها المديرون الفنيون, وكيف يُدارون عن بعد, كيف علي أن أحزن وأنا أعلم أن أهم ما يرتكبه اللاعب العربي من أخطاء في كأس العالم, كون ثقافته لا تمنع فيه مثل هذا التورط مع البطاقات, ولا تخبره بأن الخطوة الأولى (حبو) وليست (قفزاً), وبالتالي لم يكن الشيخ سعدان, مارادونا ذلك الذي (ربع) مدرب!
ـ لقد جاءت كافة المباريات الافتتاحية في كأس العالم ـ روتينا ـ وليس ديمقراطيات ورد, وأنت ترى كافة المنتخبات تحاول تأمين المنتخبات, وتقتل متعة الأداء من أجل أن (تحبو), فيما فتح العرب كافة الخطوط ظناً منهم أن ذلك من باب (النخوة), فيما كرة القدم لا تعترف بهذا الكرم ما لم يكن ممزوجاً بخصم (غبي) يلتهم الطعم ليفتح قلاعه للآخر, هل تفهم؟ أقصد أن الحذر غاب عن سعدان وعناصر منتخب الجزائر, وقالوا تظل هذه سلوفينيا القزمة سنسحقها ولو بالشجاعة, فيما جاء القزم حكيماً وأجاد التهام كتف العملاق جزائر, ذلك الذي قلت عنه: لن يحقق شيئاً, كوني أعلم مدى (نخوتنا) في كرة القدم, ومدى ثقافتنا في (حفلة) كهذه, ومدى كوننا نجاهر بعنترياتنا فنضرب ونهان في النهاية, من منتخبات أقل ولكنها أكثر اتزانا, ومحاولة, وتستشرف كيف تسير دون (ضجة) حتى تصل وجهتها!
ـ أتمنى ألا أكون سوى متشائم, ولكني أثق في أن كرة القدم ليست (قفا نبك), وليست (الأماكن) أيضا, ليست أغنية, بل رغيف فرح يخبزه من ينتصرون في الحرب للشعب, وبالتالي لا أغامر بأحزاني, ولا أعلقها بمنتخبنا العربي ذلك الذي سيخذلني كون أقصاه (خروج) لا أكثر, فيما أنتظر المعركة أن تبدأ, لم تبدأ بعد, فيما ألتفت لمنتخبات العملة الصعبة, تلك التي هي مضاربات على من يسقط من, ومن يقدم للعالم درساً مختلفاً في كيف ينتصر, ولعل مارشيللو ليبي فعل ذلك في المونديال المنصرم وهو يختار الدفاع لقتل خصومه, ما يعني أن الكبار أعدوا له فخاً أكبر, قد يخلص منه, أو يخلص إلى الطرف الأخير منتخباً أخبث, قاده مدير فني (يعلم) جيداً كيف يهين خصومة بابتسامه.
ـ ثم لماذا تربطني بك أحزان, فيما الأفراح أجمل, لماذا تريدني أن أحزن معك, فيما أنت تخذلني, إذاً من الأفضل أن أنتقي أفراحي بنفسي, سأشجع من يقذفون الكرة بكبرياء, وليس من هم تواضع, وليس من هم رثاء, وليس من هم (حظ أوفر) في المرات المقبلة, ثم تأتي المرات, لتكرر المقولة فيما أقف إلى جانبك بغباء ونصرخ سوياً.. أليس كذلك؟.. إلى اللقاء.