|


علي الشريف
(زعلانين)
2010-06-07
كان بودي أن أجد رصداً دقيقاً لأرقام مالية تقاضاها لاعبون عرباً حققوا مع منتخبات بلادهم إنجازات محلية أو إقليمية أو قارية لأقارنها فقط بما أوردته وكالة (د ب أ) الإخبارية أمس الأول وهي تشير إلى ضجة وردود أفعال واسعة في أسبانيا على إثر ما تم رصده من مكافآت مالية، للمنتخب الأسباني في حال إن حقق البطولة (للمرة الأولى في تاريخه)، كان أن قالت الوكالة: يبلغ مجموع المكافآت الأسبانية 600 ألف يورو لكل لاعب، وقالت: إن حزب اليسار انتقد ضخامة المبلغ المرصود الذي يوازي مرتبات ألف عامل خلال سنة، وقاست الأمر بسياسة الترشيد، والأزمة المالية التي تتعرض لها البلاد، والبطالة.
ـ نفس الوكالة ختمت تقريرها بأرقام مكافآت تحقيق كأس العالم لمنتخبات الأرجنتين (510) ألف يورو لكل لاعب، وإنجلترا (475) والبرازيل (390) وإيطاليا (240) وفرنسا (180) وجميعها بعملة اليورو، أي في حال حقق أي منتخب من هذه المنتخبات البطولة سيحصل اللاعب والمدرب على الأرقام تلك، قلت: لم أجد أرقاماً عربية موثقة ودقيقة في هذا الشأن، ولكني أتذكر ما حصل عليه لاعبون عرب سواء في الخليج أو المحيط وبقية الدول العربية، بل وما تسببوا فيها من تلفيات قبل وبعد المباريات والاحتفالات، ومن مصروفات ومعسكرات، لأتوقع أنه يفوق بكثير هذه (الوعود) الأسبانية، التي أثارت ردود فعل سياسية ومجتمعية أدت إلى التندر والسخرية من الرقم الذي يعد فلكياً بالنسبة لهم، فيما لا أتذكر أننا حققنا كعرب كأس عالم، وقدمنا من المكافآت ما كان (منازل) (وسيارات) وملايين (وثيرة)، من أجل كأس خليج مثلاً أو من أجل بطولة تلك التي (إنجاز) ـ وليكن توقعي مبنياً على بطولة واحدة فما بالك في عشر، ولم تصل إلى تحقيق كأس عالم، ومع ذلك لم يكن المال يعنينا، بقدر ما يعنينا متى سيصل المنتخب العربي كي نحتفل به وأين، ومن سيقدمه لنا الإعلام من أبطال، وأقصد اللاعب والآخر.
ـ ولأن الشيء بالشيء يذكر، لا أغفل جزئية ما يصرف على الرياضة في تلك البلدان غير العربية، ولكنها تصرف من مصادر يكون النادي سبباً رئيساً فيها، وفق أنظمة لا توجد لدينا بالطبع، ولكني أشير إلى أن كم المصروفات أكثر، لكي لا يقف رأيك عند مقولة كم يصرفون على الرياضة، وعلى صفقة لاعب، فالرياضة لديهم تكاليف ودخولات أيضا أولاً وأخيراً، ولكني أتحدث عن المال العام في هذه الجزئية، ما يجعلني أستدعي انشغال مجلس الشورى السعودي مثلاً وهو يناقش الرياضة من باب (التكاليف) ويشير إلى أرقام وموازنات، فيما يصف الدوري بالممسوخ مثلاً، ولا أتوقف عند هذه النقطة، فهي ليست هدف المقال، وهدفه كم يتقاضى اللاعب العربي في المقابل قياساً بنظيره الأوروبي إذا ما حقق هذا كأس خليج وذاك كأس عالم، وسيظل الأمر مشتبكاً أيضا كون هناك من سيقول إن اللاعب العربي بلا تأمين على حياته، وبلا مستقبل، وحياته مؤقتة في الملاعب، ولا يمتلك تعليماً كافياً، وعد واغلط من الحسنات والسيئات التي كان بإمكان مجلس الشورى مناقشتها جنباً إلى جنب مع المصروفات والأرقام التي لست ضد أن تناقش ولا أن يشار إليها، ولكن ألا يأتي طرحه دون زوايا رؤية مكتملة، ثم يتحول الأمر فيما بعد أن تتحول الرعاية إلى وزارة، في دراسة أو مناقشة جديدة، وبالتالي لا تعلم أي (خيط) يمسك به المجلس ويناقشه، ويحل أزمته؟!
ـ أبقى في فهم الآخر للرياضة كتكاليف، وكمال عام، ذلك الذي أغضب السياسيين في أسبانيا، وحرك أحزاباً يسارية كتالونية وجمهورية، فيما المسألة تحقيق كأس عالم، ولكن كرة القدم كتكاليف لا تنفصل لديهم عن واقعهم ذلك الذي بطالة وترشيد مثلاً، ثم إن منتخب كالبرازيل ستكون مكافأة اللاعب فيه بمثل ذلك الرقم، لك أن تتخيل الأمر أو تقيسه مثلاً بما حصل عليه لاعبو الإمارات في كأس الخليج الأخيرة، ولك أيضا أن تقارن ما سيحصل عليه لاعبو إيطاليا حامل اللقب، بما سيحصل عليه لاعبو الجزائر فيما لو بلغوا فقط الدور الثاني، لك أيضا أن تقيس حجم ما سيحصل عليه اللاعب الإنجليزي على إثر الفوز بكأس العالم قياساً بما صرفته دول عربية تأهلت (فقط) إلى كأس عالم وخرجت من الدور الأول، لا تذهب بعيداً، فقط قم بقياس المشاركة العربية في فرنسا مثلاً 1998، واحسب كم أنفقت المنتخبات العربية الثلاثة المشاركة آنذاك في المونديال وخرجت من الدور الأول بما سيحصل عليه اللاعب الفرنسي في حال تحقيق فرنسا للقب و(هي بطلة سابقة لكأس العالم) فيما لو فعلت ذلك في جنوب أفريقيا.
ـ كوني لا أمتلك أرقاماً دقيقة لما حصل عليه اللاعب العربي، قد أكون غير منصف في رأيي، ولكنه لم يحقق كأس عالم فيما الدول العربية تنفق، فيما لا يغضب أحد، قليلون فقط ممن كانوا يسيسون أمر الصرف على الرياضة لأهداف تحت مسمى الدين، أو الثقافة، كانت غضبتهم صراخاً مؤقتاً, فيما هم ينظرون للرياضة ككل على أنها مسلسل ضياع ولذا يغضبون، هم لا ينظرون لمالها العام، ولا كونه تكاليف ترهق عاتق الدول العربية التي تموت في شيء اسمه البيروقراطية, ويكتفون بأن يروا الأمر من زاوية أحادية، وكأن الدين جزيرة مستقلة، والثقافة أخرى، وبقية المجالات جزر متباعدة لا ترتبط بمال عام ككل ولكن بـ (غبطة) ما يصرف على الرياضة، فهم لا ينظرون للرياضة كمصاريف مبالغ فيها إلا لكونها لم تصرف على(ثقافة) ولا على جولات استكشافية أو تبرعات خيرية تلك التي على غرار (خاطئ).. فيما المال العام هو نفسه الذي يخدم على كافة احتياجات المواطن العربي، ويصرف عليه، ويحاسب من يهدره.. تعودنا أن نأتي مرتبكين في كل شيء.. كوننا مجموعة من (الرغبات) التي تناقش مصروفات فيما محاور العمل أن تتحول الرعاية إلى (وزارة) أو لماذا (نخفق) ولم نتأهل، أو (لا يجب أن نتأهل فيما ذهبنا إلى هناك كثيراً ولم نفعل شيئاً)، وقس على ذلك بقية الـ(تفريعات).. هل تعلم أن الوفد والآخر في الدول الغربية المشاركة في كأس العالم محسوب له حتى الخطوات؟! فما بالك بمن يستحق أن يذهب، وهل دوره في الذهاب إلى هناك محدداً، وهل هو من ضمن المصروفات، وكم ينفق من المال العام عليه ؟!
ـ لفت نظري رقم عربي سيذهب إلى كأس العالم لتغطية الحدث، يبلغ هذا الرقم أكثر من 400 شخص، وهو فريق قناة الجزيرة الذي سيغطي كأس العالم، قد يكون المال هنا ليس (عاماً) وما سيتم الصرف عليه يأتي مما ستكسبه القناة من يوروات أو دولارات أو ريالات، ولكن يظل رقماً كبيراً أليس كذلك؟ دع عنك المال العام قد لا يكون الواقع في هذه الحالة ينطبق عليه، ولكنه في الأخير مصروفات.. ترى كم يبلغ وفد أكبر دولة مشارك في كأس العالم؟ ثم لماذا نحن دوماً أكثر من يسكن، ويصرف، ويطبق سياسة خذ وهات.. ؟! إلى اللقاء.