|


علي الشريف
أيهما قتل أكثر؟
2009-11-23
قلت قبل مباراة مصر والجزائر: إن هناك أزمات ستحدث, وحدثت العشرات, بل وكان (الصياح) و(النواح) أمراً مباحاً من الطرفين, بلغ حد تبادل القذف العلني, وسحب واستدعاء وزراء, ويوتيوب بالتهديد, ونعت بالإرهاب, وحفلات كلامية (ودت وجابت) هذه المرة, كنت أشاهد المباراة على التلفزيون الجزائري, وكنت سمعت من المعلقين وصفاً مختلفاً لا يمت - طبعا - للحياد بصلة, وقتها علمت أن الإعلام السعودي بألف خير, فهو لم يبلغ في يوم ما درجة من درجات الانحياز هذه, بل إن لديه حدا أدنى من التوازن وتحت أي ظرف, هذا ليس موضوعي, والموضوع أن (السودان) تورطت في دفع فاتورة (الحفلة), وهذا تأكيد على ما ذهبت إليه, وها هي مصر تحتج بشدة, فيما الرئيس عبدالعزيز بو تفليقة بعث خطاب شكر للرئيس عمر البشير!
أقول لن يهدأ فتيل الأزمة بسهولة, وقد يكون الاتحاد المصري هذه المرة في أحسن حالاته من حيث - الهجوم - عليه من قبل الإعلام المصري, ومساءلته عن سبب التقصير في عدم التأهل, كون هذه الأحداث ستبرر له, وتغنيه عن المساءلة, وتعفيه من استدعاءات للإجابة على أسئلة ماذا فعلت, ولماذا لم نتأهل؟ ولأول مرة في تاريخ هزيمة منتخب عربي لم يأتي المدير الفني ككبش فداء, وأعلم سلفاً أن الاتحاد المصري كان اتفق مع حسن شحاتة أنه في حال عدم التأهل لن يجدد له العقد إلا ثلاثة أشهر فقط, ومع ذلك أقول إنها الحالة الأولى عربياً التي لم يقل فيها المدرب أو يعلن عن استقالته كونه فشل في المهمة, وأن سمير زاهر رئيس الاتحاد المصري سينجو من تبرير الخسارة, فالشأن الآن شأن (قومي), ولم يعد (كروياً), ومن يترافعون عن الأحداث التي جرت لمصر أكثر من عدد لاعبي المنتخب نفسه, وكل يردد: أنا مصر!
عموما - معهم حق - ولكن عليهم أيضاً ألا يفرطون في شحاتة, وأن يبقوا عليه, وأن يعلموا أن منتخبهم أفضل منتخب عربي الآن, والجزائر المنتخب وسعدان يعلمان ذلك, وليس تقليلا منهما, كوني أعلم أن الكرة الجزائرية ذات شأن كبير وقدمت من الكبار ما يكفي, ولكني لا أراهن عليهم في المونديال وفق ما رأيت في مباراة مصر من حيث الأداء الفني المحكم - ذلك الذي لا تصاحبه - التهابات - أو حالات نفسية - تؤثر بشكل أو بآخر في ارتفاع معدل روح الأداء في الطرفين, أقول فنياً - لا أراهن على الجزائر - وأن كنت فرحاً بتأهل - الخضرا - كما يكنيه أنصاره -
وكفريق عربي واحد على الأقل يمثلنا في المونديال.
أيضا: ولأن كأس العالم في الغالب ليست مجرد (روح) بقدر ما هي دهاء تكتيكي, وحفر خنادق للخصوم, وبطريقة: (هكذا سألتهم كتفك), وبالتالي شاهدنا لاعبي الآزوري كانافارو ورفاقه (ينطحون) فرنسا نطحا ليتألم زيدان ويكون وداع شيراك لعشيقته فرنسا على إثر هزيمة!
ولأول مرة يكون الدفاع هو الهجوم ومن يحرز الأهداف بأمر مارشيللو ليبي - المدافع - في الأصل كلاعب وعلى حساب - جاك روسيه - المدافع أيضاً عندما كان لاعباً, ولا أراه في منتخب سعدان الآن - وهذا ليس تقليلا - فأنا أعرف سعدان منذ كان لاعباً ثم مساعدا للمدرب في 1982 ومدربا في 1986 , ما لم يغير من طريقة أداء المنتخب, ويعيد - رزانته- وهدوءه, وصياغة طرق تعاطيه مع الخصم دون توتر أو انفعال أو كما يردد الجزائري
نفسه :( إرهاب , ورعب , ومعركة!
وعموما (إرهاب , ورعب ومعركة, وقتال, وإخافة , وسحق الخصم) وإلى ما إلى ذلك من مصطلحات هي محور كتابة هذا المقال, في الأساس, كون أكبر كم من هذه المصطلحات استخدم في المباراة بين المنتخبين المصري والجزائري, وأعتقد أن جينيس الكتاب سيسجل هذه المباراة من حيث الألفاظ كأكثر مباراة شهدت وسجلت (كلاما), بل ولغة (قتل وتدمير), وتهديد ووعيد.
وفي الأصل - المجتمع- أيا كان يردد ما يعيشه - البيت من الداخل- كلغة حوار ومستوى تفكير, وثقافة يتواصل من خلالها مع الآخر, ويقتاتها ويشربها, ولعل مليون جزائري يستعدون (لغزو) الخرطوم كما جاء في صحف جزائرية عدة أبرزها (الشروق) يصب في هذا المنحى, ويوتيوب ذلك المشجع الذي يردد بأن (حثالة المجتمع) - الجزائري - سيذهبون للخرطوم - أزمة فكر أخرى - يجب ألا أتحدث عنها - كون كل ذلك ليس له علاقة - نسب - بكرة القدم, تلك التي يجب أن نمارسها لا نقذفها على الآخر وكأداة قتل.. ألوم الطرفين على هذا الوعي الكروي ولكن للوم نسب مختلفة.. وليس بطريقة أيهما (قتل) أكثر.. فهناك من المصريين من كان حادا أيضاً, ومن أقحم حتى الخليجيين في المسألة, وبلسان حال يقول: في نفسه شيء, ولكن لا علاقة لنا بمثل هؤلاء كوننا لم ولن نفعل كما فعل الجزائريون ولا المصريون على حد سواء من حيث - اللغة المستخدمة بين الطرفين في المعركة - الغزوة - المواجهة - الرعب - الخوف - القتل - التدمير - تلك التي حدثت.. الغريب أن كلا يؤكد عدم وجود قتلى أو (وفيات) من جانبه, وبالتالي يتبادر إلى ذهنك ماذا حدث إذن.. ومن عليه أن يعزي من.. نحن في الكرة.. أم أنتم في علاقة الجار بالجار..؟ إلى اللقاء.