|


علي الشريف
النتيجة : (ربنا يستر)
2009-11-09
(ضبط نفس)، ووفود متبادلة، وتهيئة تحدث لأول مرة بين دولتين عربيتين، وبشكل حضاري جداً ولكن يتخذ عدة مناخ من التفسيرات، فالمصريون لا يريدون (شغباً)، والجزائريون لا يريدون (إهانة) فيما المسألة مباراة حاسمة في تصفيات كأس العالم بين المنتخبين، الغريب هذا (الشحذ لهمم الوساطة، والمصالحة)، ومحاولة ترطيب الأجواء، وكأن قانون كرة القدم لا يكفي، بل إن من يقرأ مثل هذه (التعبئة) يستخلص أهمية الأمر وبالتالي المباراة وبالتالي مدى قوتها وتأثيرها على الطرفين، ما يؤدي إلى أعصاب منتفخة وليس فقط مشدودة.
ـ مصر والجزائر منذ حادثة الأخضر بلومي وهم في قتال كروي، بل ونفسي وحتى أن شوبير عندما تم تكريمه مؤخراً في الجزائر انتقد من المصريين أنفسهم، وربط البعض انتقاده بتوقيت الزيارة، فيما تذهب آراء من الطرفين المصري والجزائري إلى كون كل ذلك (كلام في كلام)، والملعب هو الفيصل، وهو من سيمنح كفة حق التأهل للمونديال ويحرم أخرى، وبحكم تواجد مصريين كثر في السعودية التقيت عدداً كبيراً منهم وكنت في كل مرة أحاول أن أحصل على توقع بنتيجة المباراة، ولم أجد منهم من لم يتهور، فأغلبهم يتوقعها أربعة، وقلة قليلة جدا (احترمت الخصم)، وذكرت محاسنه، ولم تنس ثلاثته السابقة، ولكنه تربط الفوز بمدى دقة اختيار حسن شحاتة المدير الفني للمنتخب المصري لعناصر جيدة تؤدي باقتدار، وتعلم سلفاً أن (غلطة الشاطر بعشرة).
ـ عموما أعود إلى أجواء (الترطيب) وإلى كون الحشود المصرية ـ الجزائرية سعت للتهدئة، وتقديم النوايا الحسنة قبل السيئة، ولدرجة أن شعرت أن أغلبهم صار (سفيراً للنوايا الحسنة) لأقول إن كرة القدم عادة ما تقرب ولا تبعد، ولا تعترف (بالتطبيع) ولا لغة السياسة، بل بمنطق القوي يتقدم، وينتزع بطاقة التأهل، ولو عدت بالذاكرة قليلا للوراء لوجدنا أن الجزائر نفسها في يوم ما قست على ألمانيا كارل هاينز رومنيجه وبرايتنر ونجوم مونديال 1982 ولكنها لعبت بعد ذلك مع مصر ففقعت عين مشجع فأشعل فتيل الأزمة حتى الآن.
ـ ثم إن الثلاثة أهداف التي تلقاها المنتخب المصري في الجولة الأولى أتت بمثابة الصدمة على المصريين الذي يرون في منتخبهم الحالي أفضل منتخب مر على تاريخ مصر كرويا، ويرون فيه منتخبا مقنعا لبلوغ كأس العالم بل ولتحقيق نتائج إيجابية وهو بالفعل كذلك عطفاً على ما فعله بالبرازيل، وعلى هذه الروح التي قد تحل معادلة الكرة في الميدان بعيداً عن مثل هذه (التهدئة) التي أشعلت الجو، وزادت من توتر الطرفين، فيما الحرب خدعة فقد يكون كل طرف سعى لذلك من باب أن تتحقق أهدافه، ولعل تصريح مدرب المنتخب الجزائري بكونه تلقى معلومات (سرية عن كل لاعب في المنتخب المصري) تصب في هذا الصدد، وتشعل فتيل التحدي، بل وتخالف كل ضمانات التهدئة وإلا لقال له الطرف الجزائري لا تصرح أو تتحدث بهكذا طريقة عن المباراة فقد تغضبهم!
ـ الأرض، الجمهور الأداء المرتفع، لصالح مصر، والثلاثة، واللعب على أعصاب الخصم، والأداء الفني لصالح الجزائر إذا ما عصف بنفس عصف ليلة الثلاثة، ولكن الأكيد أنها وأقصد المباراة لن تخلو من بعض (طقوس) القمم العربية، ردحاً وقدحاً، وتعدداً لعدد الحضور، تبادل العبارات التي (تليق طبعاً)، ثم بعد ذلك يأتي فرمان القمة مليئا بالنتائج، التي تصيب كبد ورئة الاحتجاج، والشجب، والاستنكار، وأحياناً الانسحاب، في وقت أعلم فيه أن ذلك لن يحدث ـ إن شاء الله ـ ولكن مع كافة القمم العربية يخبرنا التاريخ بحكايات لا تسر ولعل زيارات (النوايا الحسنة) تثمر هذه المرة، وألا تصدر فتح بياناً ضد حماس، ولا حماس ضد (فيفا)، وأن نرى كرة، وجمهورا، ووعياً، وقبل ذلك كله، احتراماً لكون المنتخبين العربيين هما فعلا كبيرين تاريخيا في سجل كرة القدم، وبالتالي ذهاب أحدهما إلى كأس العالم سيتضمن ذكر مسيرته نحو المونديال، وكونه تأهل وفق جدارة واستحقاق ودون مشاكل أو شغب، ولعل (الزيارات) الكثيرة واتفاق الآراء الذي لمسناه من الطرفين، يجعل المواجهة تنتهي على خير و(ربنا يستر) على قول الأشقاء المصريين الذين ما زالوا يؤكدون لي مع كل عملية سؤال عن كم يتوقع نتيجة المباراة أن تنتهي 0ـ4 أو 1ـ4 ثم يختم حديثه أو توقعه بعبارة: (ربنا يستر).. إلى اللقاء.