|


فتحي سند
أم القضايا
2009-08-20
قضايا الرياضة في الدنيا كثيرة، ولكن أن يكون الصيام أو الإفطار أحد هذه القضايا، فهو أمر جدير بالتوقف.
ـ يصوم اللاعب في مباراة لمنتخب بلاده تجرى ظهرا في رمضان.. أو يفطر أصبح من الجوانب الجدلية التي دفعت اتحاد الكرة المصري لأن يذهب إلى دار الإفتاء ليحصل على إجابة للسؤال الصعب.
ـ الاتحاد الرواندي تفتق ذهنه إلى أن يقيم مباراة منتخب بلاده مع نظيره المصري في عز ظهر يوم 5 سبتمبر في رمضان. والمؤكد أنه اختار هذا التوقيت لمعرفته أن اللاعب المصري لا يلعب الدوري المحلي إلا ليلاً.. فكيف يكون حاله وهو يلعب صائماً في درجة حرارة عالية لواحدة من أهم مباريات تصفيات كأس العالم، حيث التعادل فيها يبعد بطل إفريقيا لدورتين متتاليتين عن التأهل لمونديال كأس العالم المقبل في جنوب إفريقيا.
ـ الاتحاد الدولي كان (يختشي) وأوصى من قبل بأن تراعي الاتحادات الأهلية القارية المسلمين، عند إقامة مباريات في رمضان. ولكن (فيفا) لم يجبر هذه الاتحادات، ومن ثم يتمسك الاتحاد الرواندي بأن يلعب ظهراً.
ـ ذهب الاتحاد المصري إلى الأزهر وإلى دار الإفتاء وحصل بالفعل على فتوى ملخصها أنه في مثل هذه الظروف التي يسافر فيها اللاعب مسافات طويلة، ويقيم لفترة قصيرة ليؤدي مهمة وطنية أو قومية ترتبط بأهمية قصوى يتحدد على إثرها عواقب سلبية في حالة الخسارة.. فإنه يستطيع أن يفطر يوم المباراة على أن يعوضه تبعاً للفريضة.. أما غير ذلك فلا إفطار على الإطلاق.
ـ والواقع.. أن اتحاد الكرة في مصر تعرض ـ مثل غيره ـ لمثل هذه المواقف الصعبة، ولكن ربما كانت مباراة رواندا المقبلة هي الأصعب على الإطلاق، لأنه لم يحدث منذ أكثر من عشرين عاما أن كان الأمل كبيراً في التأهل للمونديال مثلما في مونديال 2010. وتتوجه الأنظار إلى لقاء رواندا لأنه عنق الزجاجة الذي زاد من صعوبته خسارة الفريق المصري أمام الجزائر بالجزائر والتعادل مع زامبيا في القاهرة.
ـ ولعل مسألة الصيام والإفطار للاعب ليست جديدة في طرحها ولكن الظروف الحالية لموقف منتخب مصر هي التي دفعت اتحاد الكرة لأن يبحث عن فتوى تطمئن اللاعبين الذين تؤرقهم ضمائرهم.. وعادة ما يسألون أنفسهم: "هل نفطر من أجل أن نلعب؟".
ـ طبعاً اتحاد الكرة المصري لا يخشى فقط توابع فشل المنتخب في التأهل للمونديال.. ولكنه يخشى أكثر على نفسه، لأنه سيكون في مهب الريح إذا ضاع الأمل.
ـ الطريف في الأمر أن اتحاد الكرة في مصر جاء بالفتوى ليضعها في الأدراج لأن اللاعبين أو معظم اللاعبين أعربوا عن ارتياحهم للعب في رواندا وهم صائمين. وأكدوا أنهم لن يفطروا، وسيكون بمقدورهم أن يحققوا الفوز، تماماً مثلما هزموا الكونغو في التصفيات الأولى لكأس العالم.. بالكونغو، حيث لم يكن هناك بديل آخر غير الفوز.. تماماً كما هو الموقف الحالي لمباراة رواندا.
ـ الاتحاد الدولي لا يفضل التدخل في الأمور الدينية، ولكنه ينبغي أن يكون للمسلمين الأعضاء في (فيفا) دور أكبر في فرصة تواجدهم من خلال قرار واحد يمكن اتخاذه وهو ألا يلعب مسلم صائم ظهراً، حتى لا يؤنبه ضميره إذا اضطر أن يفطر لأي سبب من الأسباب.
ـ ثم إنه ليست رياضة تلك التي يستغل فيها فريق موقفاً دينياً ليستفيد منه على حساب آخر.