|


فتحي سند
معادلة الأذكياء
2008-10-03
الأجهزة والأدوات الحديثة مطلوبة للارتقاء بقرارات حكام كرة القدم، وليس مستواهم.
المستوى الفني للحكم يرتبط بعوامل يعرفها الجميع، وهي شخصيته ولياقته البدنية وإلمامه الكامل بالقانون.
أما الأجهزة المعاونة فهي مجرد ضبط وربط أكثر لما يتخذه الحكم من قرارات، وبالتالي يكتسب مصداقية أكثر أمام اللاعبين والمدربين والجمهور.. وقبل هذا كله أجهزة الإعلام التي يصطاد بعضها للحكم، خاصة إذا كانت هناك انتماءات.
حجم الإنذارات والطرد في دوري المحترفين السعودي يبدو كبيراً، وأغلب الظن أن هذا ليس مصدره سيطرة الحكام الكاملة على مجريات الأمور في الملاعب، بقدر ما يعني أن اللاعبين أنفسهم يحاولون التعبير عن أنفسهم من خلال المنافسات، إلى جوار الضغط العصبي المشترك من الفرق والحكام أنفسهم، والمتوقع أن تخف حدة الإنذارات والطرد، بعد أن يدرك اللاعبون تحديداً أن امتثالهم لقرارات الحكام أصبح كاملاً.
ولا يخفى على أحد أن الحكام وهم يستعدون لخوض مباريات دوري المحترفين السعودي كانوا يستمعون إلى مسؤولي لجنة الحكام بالاتحاد السعودي فيما يخص الصرامة وعدم التهاون حتى لا تفلت الأمور.
والواقع.. أن قصة التحكيم، والدراما التي تتخللها نتيجة اصطدام أحلام اللاعبين والمدربين ستظل حديث كل زمن وكل عهد، ولأن شماعة الخسارة عادة ما تعلق على الحكم، فإن الصراع الخفي سيظل قائماً وسيبقى الحكم هو الفريسة التي ينهش فيها الكل بما في ذلك الجماهير المتعصبة.
ولا جدال.. أن هذه الفريسة لا تتسم بالضعف كما يحلو للبعض أن يردد أو يفسر، ولكن طالما أنهم يجدون الحماية.. على الأقل من لجنتهم أو اتحادهم، سيبقى الوضع محترماً، وهو ما أكد عليه الخبراء والمحللون، وهم يراقبون الجولات الأولى لدوري المحترفين السعودي.
الأجهزة الحديثة التي تجعل الحكم يتفاهم أكثر مع مساعديه ستضبط الإيقاع إلى حد كبير، ولكنها حتما ستحتاج إلى صبر على الحكام، خاصة إذا تعاملوا مع كل خطأ لم يتخذوا فيه قرارا قبل أن يستخدموها.
وعليه ينبغي الانتظار بعض الوقت حتى يمكن التأكد من أن التطورات الرهيبة في وسائل الاتصال والرصد هما من العوامل المساعدة التي توصل إلى الأفضل.. لا أن (تجرجر) إلى الوراء.
بدون أجهزة.. أراد اتحاد الكرة المصري أن يضبط الإيقاع في الملاعب، فجعل اللاعب لا يوقف هذا الموسم إلا بعد الإنذار الثالث بدلاً من إنذارين.. يوقف مباراة، ويسدد للاتحاد لكل إنذار ألف جنيه، أي أن اللاعب سيتعرض للعقوبة مرتين.. بل ثلاث.. لأنه سيغرم أيضاً من ناديه.
كان اتحاد الكرة المصري يعتقد أن هذا التعديل سيؤدي إلى تحسين المستوى الفني للاعبين، وللحكام، ولكن أثبتت التجربة بعد خمسة أسابيع في الدوري أن هذا النظام ضار لأن الحكام أسرفوا جداً في الإنذارات والطرد، فبدأت عمليات الرفض والاحتجاجات، وباتت الصورة سيئة إلى حد كبير.
لا الأجهزة الحديثة وحدها ترفع المستوى، ولا المبالغة في القرارات التحكيمية تحسن الأوضاع.. إنما هي معادلة قانونية إنسانية لا يتوصل إليها إلا الأذكياء.