|


"لا يعرف الخيل إلا خيالها، ولا يعرف لغة الخيل إلا فارس أصيل".
كلمات ملك وفارس وقائد، هي ما سمعنا من خادم الحرمين الشريفين ـ أدام الله عزه ورعاه ـ عندما توّج لقاء أبنائه الفرسان قائلاً: "أول شيء، هذه رياضة عريقة تحتاج إلى إنسان عريق في أصالته وفي حبه للفروسية وفي حبه للرياضة". كذلك "لا يصير فيكم حقد على هذا كسب وهذا ما كسب، هذه تشيلوها عنكم، وكل واحد ومجهوده، الذي يتقدم هو الذي يستأهل". وأضاف ـ حفظه الله ـ "أريدكم تشيلوها من بالكم، كلكم إخوة وكلكم إن شاء الله في خدمة دينكم ووطنكم ".
كلمات ليست كالكلمات التي تُقال في مناسبة لتوصيل رسالة فقط، ولكنها تنبع من صادق المعرفة وعميق الإدراك لعلاقة الفرس بالفارس والمشاعر التي تجمعهما. فالعشق والوَله والمحبة هي لغة بين الفارس وفرسه، وحين يتحدث فارس الأمة إلى أبنائه فهو يعبّر عن معرفة وإدراك بإحساس ينوب ويتحكم إلى درجة النسيان لكل شيء وعن كل شيء في سبيل تلك العلاقة الساحرة .
فما تأكيد خادم الحرمين الشريفين لفرسانه خصوصاً بمناسبة هذا الفوز العالمي المميّز إلا رغبة منه في حثهم وتوجيههم على أنه أدرى بمشاعر الفارس، فالفارس يحمل شيم الفخر والاعتزاز بمحبوبته بفرسه ولكن الانتصار هو تحكيم لغة الصبر والتحمّل والتضحية لغة الفروسية للهدف الأكبر والأسمى ألا وهو الشعور بالوطن والمواطنة.
هناك قصة (مليكة) للشاعر الإنجليزي براوننج والتي سمعتها لأول مرة من الدكتور الصديق أسعد عبده قبل سنوات في نادي الفروسية وتقول: كان هناك والي غني اسمه (ذهل بن شيبان) سمع عن رجل يسمى (حصين) لديه فرس يُضرب بها المثل في سرعتها وجمالها ولم يسبق أن سُبقت، فأراد شراءها حيث عرض مئات الإبل مقابلها ولكنه لم يستطع. وعلم (حصين) أن هناك محاولة لسرقتها فكان يربطها برسغه ثلاث مرات وينام، إلى أن نجح (ذهل) يوماً من الأيام بسرقتها، فركب (حصين) فرساً أخرى معروفة ليفكّها، وعندما لحق بها لم يتمالك نفسه وقال صارخاً، "المس أذن لؤلؤتي اليمنى والكز برجلك خاصرتها اليسرى"، فسمعته فأطاعت ووثبت وثبتها وغابت براكبها عن الأبصار. وعاد باكياً، وجاء رجال قبيلته من بني أسد وقصّ قصته فلاموه على ما فعل ولكنه قال: مليكة لم تُهزم قط ولا أريد أن يُقال إنها سُبقت، فأنتم لم تحبوا لؤلؤتي كما أحببتها أبداً.
العلاقة بين الفارس وفرسه هي ما يميّز تلك الرياضة من بين جميع الرياضات، فهي علاقة قبل كل شيء بين روحين تحس وتشعر، تتفاعل وتتناغم، تتفاهم وتتكامل، لا يعرفها إلا فارس.
هذه رسالة الفارس وابن الفارس عبد الله بن عبد العزيز في كلماته للفروسية السعودية.