|


مونديال 1934.. رئيس إيطاليا للمدرب: أريد البطولة

2018.06.07 | 08:46 pm

"توجه اللاعبون، وأعينهم مليئة بالحماس ومحمرة من التأثر، لاستلام الكأس من يدي الدوتشي نفسه، أيام كالتي عشناها في مرحلة الإعداد في جبال الألب، وفي روفيتا ومعارك كالتي خضناها في تلك البطولة لا يمكن أن تنسى، ولا يمكن لأي ممن عاشوها أن ينساها، إنها تجارب تجعل المرء يفخر بأنه إيطالي"، هذه كانت الكلمات التي صرح بها فيتوريو بوتسو، المدرب الذي قاد المنتخب الإيطالي، لأول لقب في بطولات كأس العالم عندما استضافت بلاده البطولة في 1934.



تعليمات الزعيم الإيطالي بينيتو موسوليني، الملقب بـ "الدوتشي"، كانت واضحة وهي أن الآزوري يحتاج إلى أن يفوز بلقب كأس العالم 1934 على أرضه، ليثبت للعالم علو شأن النظام الفاشي، وكانت تلك هي الرسالة التي تلقاها فيتوريو بوتسو من بينيتو موسوليني، وتمكن المدير الفني القادم من تورينو من تنفيذها عبر تطبيق نظام شبه عسكري على لاعبيه.



وبعد البطولة بسنوات، كشف المدرب الملقب بالأستاذ العجوز، والذي وافته المنية عام 1968: "كنت أفتح خطابات اللاعبين، وكنت أحملها لهم مفتوحة دون أن يشعر أحدهم بالإهانة، كنت أقرأها لأعرف إذا ما كان لأحدهم عشيقة أو أي شاغل آخر، كانت أشياء علي أن أعرفها، من أجل مصلحة الفريق".



وقبل انطلاق كأس العالم، حمل بوتسو لاعبيه إلى جبال الألب كي يستعيدوا نشاطهم بعد المجهود الذي بذلوه في الدوري الإيطالي،بعد ذلك أقام لهم معسكرًا في روفيتا بالقرب من فلورنسا، حيث حفظهم نظامه التكتيكي وأعدهم من أجل الصراع على اللقب.



وكانت مميزات العزلة واضحة بالنسبة للمدير الفني، حيث يقول: "كنا بعيدين عن الجماهير، دون أن يتمكن أحد من كتابة مقالات عن ألوان القمصان، ودون أن تظهر شكوك حول وجود خلافات داخلية مزعومة، كان هناك صوت واحد فقط، كيف يمكن لمطرقة أن تضرب مرة ثم أخرى لمدة شهر في نفس الموضع وعلى نفس المسمار، الفريق خرج من هناك متحدًا كالكتلة، ومنصهرًا، وعاقد العزم، ولديه الرغبة".



لكن الأيام السابقة لم تخل من المشكلات: "أفضل اللاعبين في حراسة المرمى كان كارلو تشيريزولي، لكنه أصيب في مرحلة الاستعدادات بكسر في ذراعه وهو يحاول التصدي لإحدى الكرات بطريقة استعراضية، حدث ذلك أمام ناظري، لأنني كنت أستند إلى قائم المرمى الذي يتدرب عليه، وداعًا كأس العالم"، وكان عائق آخر قد وقع قبل أشهر من ذلك، خلال مباراة ودية أمام النمسا، ففريق "المعجزات" تغلب في تورينو على منتخب "الآزوري" ليبذر الشكوك حوله.



ومع ذلك، أعلن بوتسو التحدي عقب اللقاء قائلاً: "لو جمعنا القدر بالنمسا في كأس العالم، سأدفع بنفس الفريق الذي لعب اليوم، باستثناء من غابوا الآن من الأساسيين، ولنرى حينها كيف ستختلف النتيجة".



وجاء كأس العالم، وكان المنافس في الدور الأول فريقًا في المتناول، وهو منتخب الولايات المتحدة، وعلق المدير الفني الإيطالي على ذلك اللقاء بقوله: "لم تكن مباراة رائعة، ولم تخلق فينا إثارة خاصة، الفريق الأمريكي كان يفتقر إلى كل شئ، ولاسيما القدرات الخططية".



وفي دور الثمانية، كانت إسبانيا هي الخصم الأشد من جميع الجوانب، فالمباراة كانت دموية تمامًا، ولم ينس بوتسو صدامًا وقع بين قلبي الدفاع الأسباني سيرياكو وكينكوسيس، وقال بوتسو: "اصطدم المدافعان بقوة لدرجة أنهما تحولا إلى شبه جسد واحد، وسُمع ارتطام عظامهما، كان سيرياكو يتألم وجسده ممددا على الأرض، وأورسي لاعب إيطاليا على مسافة خطوتين منه، يشير لي وأنفاسه تتوالى بشكل متلاحق سريع، ما معناه أنه كان يفترض به أن يكون مسحوقًا بينهما"، وانتهت المباراة بالتعادل 1/1، وعندما أعيدت في اليوم التالي فازت إيطاليا 1/0، بهدف جوزيبي مياتسا أمام منتخب إسباني عانى من غياب العديد من لاعبيه.



وفي الدور قبل النهائي، استجاب القدر لبوتسو وكانت النمسا هي المنافس، ولم يف المدير الفني بوعده بالدفع بنفس الفريق الذي خسر في تورينو، لكنه فاز 1/0، وعبر إلى المباراة النهائية، حيث ينتظر الإنجاز الأكبر، تحقيق الواجب الوطني بات على بعد خطوة.



العقبة الأخيرة كانت تشيكوسلوفاكيا، كل شئ كان معدًا لفوز الفريق المضيف، 50 ألف متفرج يشجعون الفريق في ملعب الحزب الوطني الفاشي، الذي امتلأ عن آخره، وفي المقصورة "الدوتشي" موسولويني، لم يكن ينتظر أمرًا آخر خلاف انتصار.



ويصف بوتسو ذلك اليوم بقوله: "لم يكن مستوى المباراة مرتفعا، الفريقان كانا شديدي التأثر، لدرجة لم تساعدهما على اللعب جيدا، نفس المشكلة الدائمة، أهمية الحدث شلت السيقان، الشوط الأول لم يشهد أي شيء".



وكان الشوط الثاني في طريق سابقه، حتى الدقيقة 78، عندما أطلق الجناح الأيسر التشيكي بوك تسديدة بعيدة المدى نحو الزاوية الأرضية اليمنى للحارس كومبي، الذي ارتمى متأخرًا ولم يتمكن من إيقاف الكرة.



يقول بوتسو: "كان لذلك الهدف الفضل في إيقاظنا، كان له فضل جرح كرامتنا"، فقبل تسع دقائق على النهاية، تعادل أورسي بلعبة فردية رائعة أنهاها بتسديدة بالقدم اليسرى، وفي الدقيقة التسعين انتهت المباراة بالتعادل، لتخوض إيطاليا تمديدًا آخر يقام هذه المرة عبر وقت إضافي.



ويضيف: "قبل الوقت الإضافي، لم ندخل إلى غرف الملابس، بقينا في الملعب، ولاعبونا بدوا أشبه بالجثث بعد الإثارة التي عاشوها، قلت لهم: هيا أيها الفتيان إلى الفوز، فكم من معارك خضتم".



وفي الوقت الإضافي جاء أروع قرارات بوتسو، حيث قال: "كانت هناك ضوضاء كبيرة في الملعب، والجماهير كانت على بعد أمتار من خطوط التماس، ولم يكن أحد يسمعني، عدوت حول الملعب واقتربت من جوايتا كي أطلب منه أن يغير موقعه كل دقيقتين أو ثلاث دقائق مع شيافيو لخلخلة الخصم، وجاءت تلك المناورة بنتيجة مذهلة"، فكان شيافيو، على وجه التحديد، هو من تمكن عبر تصويبة في الدقيقة 95 من تحقيق المهمة الوطنية المتمثلة في تحقيق اللقب، وانتابت الملعب حالة من الجنون، وأصبح الفريق الإيطالي هو البطل.