|


أحمد الحامد⁩
عالم من كلمات
2018-06-14
منذ فترة لم أقرأ، اشتريت رواية “كائن لا تحتمل خفته”، لم أقرأ منها صفحة واحدة، كلما شاهدتها في “شنطة أسفاري” أقول لها في هذه الرحلة: سأقرأك ولم أفعل.

أشعر بالتقصير تجاه نفسي، هاهي إلى جانبي، بين صفحاتها وضع ميلان كونديرا جهده وإبداعه بين يدي، تجاهلته وأضعت الوقت، في حسبة سريعة خلال أكثر من شهر لم أقرأ فيه، كنت أستطيع قراءة أكثر من رواية وسيرة لأحدهم، لا عذرَ حقيقيًّا لدي مهما كثرت المشاغل، أتذكر الآن العشرات من الساعات الضائعة.

في يوم من الأيام قرأت مقولة على باب أحد النوادي الصحية تقول: دائمًا هناك وقت.

والمراد منها تنبيه جميع الناس الذين لا يمارسون الرياضة متعذرين بعدم وجود الوقت.

فعليًّا كان لدي وقت، في المساء، في المقهى، في البيت، أثناء انتظار موعد معيَّن.

أحيانًا يتآمر الإنسان على نفسه، القراءة تشبه الدرج اللانهائي، كلما قرأت صعدت درجة، والوقوف يعني التراجع، لأن الحياة لا تقف.

في الأسابيع الماضية كنت “يوتيوبيًّا”، شاهدت عشرات الحلقات واللقاءات مع شخصيات كثيرة، تتحدث عن سيرة حياتها، والأحداث التي مرَّت بها خلال المشوار الطويل.

لم تعوِّضني تلك المشاهدات عن القراءة، لأن الكاتب، أو الراوي يكتب ما يريد، أما ظهوره في لقاء تلفزيوني، فيجيب فيه عما يريد السائل معرفته لا عما يريد هو قوله. إذن هي محاولة فاشلة مني لمصالحة نفسي على تقصيري.

القراءة لا يعوِّضها شيء، حتى لو التقيت الكاتب وجهًا لوجه، وسألته عشرات الأسئلة، لن يكون هذا اللقاء بحجم فائدة قراءة كتابته، لأنه عندما يكتب يكون في حالته الإبداعية التي يتحكَّم فيها، ويراجعها وينقِّحها، كما أن الكتابة مهارة مختلفة عن مهارة التحدث. أعرف كاتبًا مشهورًا، أخذ إجازة من العمل، واشترى مجموعة من الكتب، وقال: إنه مسافر ليقرأ.

كنت شابًّا صغيراً حينها، اليوم أعرف جيدًا ضرورة ما فعل، حتى على صعيد العمل، القراءة بصورة ما اكتساب مهارات عملية، تأتيك على شكل أدبي، ومن فوائدها أنها تنقلك من أي وضع نفسي إلى ما هو أفضل.

الحقيقة أنها لا تفصلك عن مكانك وتضعك في مكان آخر يختاره الكاتب، بل توصلك به.

منذ أكثر من شهر لم أسمح لنفسي بهذا الوصول، أشعر بضعف، لكنني لن أستطيع أن آخذ إجازة حتى أقرأ، دائمًا هناك وقت.