|


صالح الخليف
رونالدو ومارادونا وماجد
2018-07-07
كرة القدم لعبة جماعية.. هذه جملة ناقصة وجائرة ومجاملة.. الصحيح القول إن كرة القدم لعبة جماعية تعتمد على الفرد.. وحتى أصل إلى المعنى الذي أقصده وأعنيه، وحتى لا يتهمني أحد بالجهل أو الفلسفة الزائدة، سأحاول الاختصار ما استطعت إلى ذلك سبيلاً..
في مونديال 86 حصل الأرجنتين على كأس العالم، لكن الحقيقة أن الذي حصل على اللقب هو مارادونا فقط.. التشكيلة المثالية لذلك المونديال خلت تماماً من أي لاعب أرجنتيني سوى مارادونا.. أي أن الأفضلية في كل مركز لم يحصل عليها أي لاعب أرجنتيني رغم أنهم فازوا بالمركز الأول.. وكل اللاعبين الذين ارتدوا القمصان السماوية المقلمة بالأبيض نعموا واستمتعوا بأجواء الفرح والحصول على كأس العالم؛ لأن الحظ ساندهم ورافقوا مارادونا.. كرة القدم تشبه أحياناً كثيرة كرة التنس.. فهناك لاعب واحد والبقية مجرد متفرجين على اللعبة.. الألمان شوهوا كرة القدم.. حولوا اللاعبين إلى آلات تركض وتطبق نظاماً تكتيكياً لا يمت للمتعة بأي صلة.. أكره المنتخب الألماني لأنه أكثر من يبدد نظرية اللاعب الفرد ويرسخ قاعدة الجماعية.. أؤمن تماماً بأن كرة القدم أقرب للنجومية الفردية.. لا يمكنني الانسجام مع الكورال وتجاهل الفنان.. لا قيمة للأغنية دون مطربها وصوتها المسموع.. كرة القدم أغنية على العشب الأخضر، وأهم ما فيها الملحن والمطرب.. العظماء من لاعبي الكرة يؤدون دور الملحن حيناً، والمطرب حيناً آخر.. الكورال يقفون في الصفوف الخلفية ولست محتاجاً لسماع أصداء أصواتهم.. ذهبت للعمل في جدة قبل خمس سنوات وفي أول يوم هناك قبلت الدعوة لحضور ندوة رياضية في الغرفة التجارية، وسألوني ماذا تشجع؟ فقلت: أشجع فريقاً اسمه ماجد عبدالله.. حينما اعتزل ماجد اعتزلت التشجيع معه.. لا يمكن أن يرحل وأظل أنا أشجع كالمراهقين.. صرت مجرد متابع ومستمتع.. تتواتر الأخبار هذه الأيام عن رحيل رونالدو إلى اليوفي الإيطالي.. هذا خبر سيعيد الجماهير للدوري الإيطالي.. هجر كثير من عشاق الكرة الدوري الإيطالي وانغمسوا في تفاصيل الدوري الإسباني الذي ليس فيه ما يستحق الإثارة والتشويق سوى ما يتعلق بالبرشا والريال، والسبب بالطبع وجود ميسي ورونالدو.. برحيل رونالدو سيفقد الدوري الإسباني بريقه ولمعانه وأفئدة من الناس تهوي إليه..
ألهب مارادونا الدوري الإيطالي كثيراً بقيادته نابولي وعراكه مع الثلاثي الهولندي خوليت وباستن وريكارد أثناء ارتدائهم قميص ميلان.. رحيل رونالدو إلى اليوفي دليل جديد يدعم كلامي.. ستعود الناس إلى الدوري الإيطالي بحثاً عن هذا الفتى البرتغالي الذي لا يزال يجاهد الزمن.. كرة القدم رونالدو ومارادونا وماجد والسائرون في ركابهم.. ما زاد هو كلام مكرر وممل عن اللعبة الجماعية وعن هوامش على دفاتر بالية!!