|


أحمد الحامد⁩
كيف تجنن العالم
2018-07-09
التأثير العام لكأس العالم جعل معظم كتاباتي هذا الشهر عن المونديال، ليس التأثير العام فقط، المستوى الرائع أيضاً وتغير احتمالات الفوز المعتادة أضفى متعة جديدة، كتبت سابقاً عن غرور المنتخب الإنجليزي وسأكتب الآن مرة أخرى لأننا في وسط الحدث، قبل فوزهم على السويد أصبحت صحافتهم تكتب عن عودة كرة القدم إلى مهدها!.

الإنجليز يقولون دائماً إنهم مهد الكرة وإنهم صانعوها؛ لذلك فوزهم بكأس العالم أمر طبيعي، لكنهم لا يعطون أي تبرير لعدم فوزهم بالبطولة منذ أكثر من 50 عامًا، ولا حتى عن عدم حصولهم على أي بطولة أوروبية، سنرى إن كان الفريق الإنجليزي سيحصل على كأس العالم، أعدكم يا أعزائي القراء أنكم ستحظون بتغطية إنجليزية عن هذا الفوز تستمر لعدة سنوات قادمة!

في كأس العالم 1950 في البرازيل، التقي المنتخب الإنجليزي المحترف بالفريق الأمريكي المتشكل من مجموعة هواة، فاز الهواة على مؤسسي كرة القدم بهدف مقابل لا شيء، أرسلت الصحافة الإنجليزية المتواجدة مع منتخبها برقية إلى لندن عن نتيجة المباراة، في صباح اليوم التالي نشرت الصحف خبر فوز الإنجليز بهدف مقابل لا شيء، اعتقدوا أن الهدف لهم وليس عليهم، يا لوهم الغرور ماذا تفعل بصاحبك؟

أنا معجب ببريطانيا وأحبها إلا بكرة القدم؛ لأنها لعبة فنون ومهارات ومواهب ولا علاقة لها بالعراقة والتأسيس والمانشيتات المستهلكة، هذه اللعبة لا يملكها أحد، هي لعبة الجميع دون استثناء، من يريد أن يحصل على الكأس عليه يرينا مهاراته وسحره وإصراره وأفراحه ودموعه، سميت كرة القدم بلعبة الفقراء لأنها لعبة غير مكلفة، كل ما تحتاجه هو كرة قدم، بينما تحتاج كرة التنس إلى ملعب مكلف ماديًّا وفراغاً طويلاً حتى تلعبها أو تشاهدها، وتحتاج ألعاب الفروسية إلى خيل مرتفع الثمن مع كامل مصروفاته.

أعود للمونديال وللمربع الذهبي الذي سيكون أحد فرسانه بطلاً لكأس العالم، إذا ما فازت كرواتيا ذات الملايين الأربعة سكاناً ستعطي للعالم درساً جديداً مفاده أن عدد سكان البلد لا علاقة له بالحصول على كأس العالم، بل بالاهتمام الصحيح بالمواهب، أما إذا فازت بلجيكا ذات الأحد عشر مليون نسمة فستعطينا درساً آخر مفاده أن التنفيذ الصحيح يوازي قيمة القرار الصحيح؛ لأن البلجيك قرروا صناعة هذا المنتخب قبل 15 عاماً، فوز فرنسا يكرر فائدة المهاجرين الذين استوطنوها وحققت بهم كأس العالم 98، أما إذا ما فاز الإنجليز فسيعطونا درساً إعلاميًّا عنوانه: كيف تجنن العالم!