|


أحمد الحامد⁩
الملحن والمدير
2018-07-18
منذ أيام وأنا أشاهد لقاءات قديمة وجديدة للموسيقار المصري هاني شنودة، مكتشف عمرو دياب، ومحمد منير، وأحد مؤسسي فرقة المصريين، وهو أيضًا ملحن أغنية “أنا بعشق البحر” لنجاة الصغيرة، وأغنية “زحمة يا دنيا زحمة” لأحمد عدوية.

عبقرية هاني شنودة في التعامل مع النص الغنائي، كانت واضحة في تلحين عملين مختلفين في كل شيء. “أنا بعشق البحر” عمل غنائي حالم، تشعر بمساحاته الروحية والموسيقية، بينما أغنية “زحمة يا دنيا زحمة” مليئة في الشعور بالزحمة وأنت تستمع إليها. رؤية الملحن في التعامل مع النص الغنائي، هي المصير الذي ستؤول إليه الأغنية، وتحدِّد مستقبلها، إذا كان لها مستقبلٌ.

لهاني شنودة عشرات الأعمال الأخرى، والكثير من الموسيقى التصويرية لأفلام، من أبرزها فيلم “المشبوه” لعادل إمام. الملحن يشبه مدير المشروع الذي يحدِّد مصير المشروع، أما الشاعر، فهو رأس المال، والموظفون هم “المغني”. شعرت وأنا أقرأ، وأشاهد، وأستمع إلى هاني شنودة، بأنني ألتقي مفكِّرًا أكثر من التقائي موسيقيًّا، لأنه قبل أي لحن يصنعه، يفكر كثيرًا بالنص الغنائي، ثم يُلبسه ما يليق به على مقاساته دون زيادة أو نقصان.

هو لا يقوده المغني، بل هو مَن يقود المغني، كذلك المدير لا يقوده الموظف. أعرف الكثير من المغنين، ينتقون الإيقاع الغنائي أولًا، ثم يبحثون عن كلماتٍ، ثم عن ملحنٍ، لذا لا تنجح الكثير من أعمالهم، وفي هذا عدم فهمٍ لمعنى الملحن، تمامًا مثل عدم فهم لدور المدير في المؤسسه، أو الشركة.

أغنيتنا في الخليج تحتاج إلى ملحنين جددٍ، يفكرون بطريقة المدير الذي يجب أن يستثمر رأس المال بصورة صحيحة، ويستثمر في الموظف الأجدر لكل مهمة. كمية الأغاني الكثيرة لا تعني أن هناك ازدهارًا، أحيانًا ألتقي أصواتًا غنائية شابة، لكنني لا أعرف لهم أغنية. أصواتهم جميلة دون تأثيرٍ يوازي جمالها. أتمنى أن يزداد عدد الموسيقيين لدينا، وأن تصبح لهم مكانة توازي مكانة المغني المشهور، كما هو حاصل في الكثير من الأماكن في هذا العالم، أتمنى أن نحضر حفلات تخص الموسيقى والموسيقيين، هؤلاء هم مَن سيصنعون لنا أغاني تاريخية تبقى طويلًا، عكس الأغاني التي تولد سريعًا ثم تموت سريعًا.