|


«لوموند» الفرنسية تفتح ملف الرعب وحالات الوفيات الغامضة في الدوحة

قطر.. الموت يحاصر عمال المونديال

صورة التقطت لعامل منهك يلتقط أنفاسه بالقرب من أحد مشاريع مونديال 2022 في الدوحة.. وفي الإطار ضوئية لتقرير صحيفة لموند الفرنسية (لوموند)
الرياض ـ الرياضية 2018.07.19 | 11:05 pm

عادة، لا يهتم المتحدثون بالإعلام بالتقدم في البناء إلا في الأشهر التي تسبق المنافسة، حيث يتساءل المراقبون بشكل اعتيادي عما إذا كانوا “جاهزين في الوقت المناسب”. ولكن، في حالة قطر، ولّدت هذه الأعمال اهتمامًا فوريًا، لسببين خاصين في الخليج.



صدمة عالمية
من ناحية، يشتبه في كون الحرارة الشديدة التي تحتدم هناك خلال فصل الصيف، مع درجات حرارة يمكن أن تتجاوز الـ 50 درجة، سبب العديد من الوفيات في مواقع البناء. ومن ناحية أخرى، نظام الكفالة، في هذه المنطقة، الذي يربط العمال الأجانب بأصحاب العمل، والذي يخضعهم لرغبة الأخير في تغيير وظائفهم أو مغادرة البلاد.
وصُدم العالم من فكرة مفادها أن مئات الآلاف من المهاجرين الآسيويين العاملين في مشاريع كأس العالم يُذبحون في ظروف قريبة من "العبودية"، وقد دقت منظمات حقوق الإنسان ناقوس الخطر، مطالبين بإلغاء الكفالة.



خطر الهلاك
في عام 2013، وفي تحقيقات مدوية قامت بها صحيفة الجارديان، أكد الاتحاد النقابي الدولي "CSI" أن 4،000 عامل معرضين لخطر الهلاك في قطر بحلول المباراة الافتتاحية في عام 2022. استقراء، لم يعارضه سوى المسؤولين المحليين، تم الحصول عليه من الإحصاءات الرسمية في عام 2012، والتي كشفت عن فناء 520 عاملا من نيبال والهند وبنجلاديش، من بينها 385 حالة وفاة غامضة.
ويشكل العمال القادمون من تلك الدول ثلاثة أرباع القوى العاملة في قطر، والذين يُقدر عددهم بنحو مليوني شخص.
وتحت مدرجات ملعب الوكرة، التي سيتم تفكيك نصفها في نهاية المسابقة وإرسالها إلى البلدان النامية، هذه الأرقام المرعبة محيرة. حيث أكد المفتشون الذين يشرفون على الزيارة على عدم وجود أي حالة وفاة منذ بداية العمل.



ضرر هائل
ترحب المنظمات الإنسانية بالتدابير الأمنية "المتشددة"، وعلى وجه الخصوص مؤشر حساب تأثير الحرارة والرطوبة، الذي يحدد العقبات التي يتم على إثرها تقليل العمل في الهواء الطلق أو حتى حظره. ملصق مُعلق في الملاعب المُكيفة، حيث يشرف عمال الياقات البيضاء المشرفون على المشروع حيث يعملون آلاف الساعات دون أدنى حادث في العمل.
في مساكن العمال الضخمة خارج الدوحة، وجدت "لوموند" خمسة شباب نيباليين الذين مروا عبر موقع الوكرة، والذين كانوا قادرين على التعبير عن أنفسهم بحرية، خارج نطاق سيطرة رؤسائهم. حيث لم يشهد أي منهم حادثة قاتلة، وقال أحدهم إنه سمع بمثل هذه الحالة في بداية العمل فقط.



خطورة شديدة
يقول سوشانت، رجل يبلغ من العمر 21 عامًا، وعمل لمدة عام ونصف في موقع بناء الملعب: "عليك التركيز كثيرًا، فالعمل شديد الخطورة". في بعض الأحيان نعمل في ارتفاعات عالية جدًا، أصغر قطعة تسقط منك يمكن أن تسبب ضررًا هائلاً.
وكانت هناك إصابات طفيفة في الآونة الأخيرة، ولكن لم تحدث وفيات. أما تك، الذي يعمل سائق شاحنة ويبلغ من العمر 31 عاماً عمل لمدة سبعة أشهر في الوكرة، يرى من جانبه، "الأمن مُشدد عليه للغاية".

العمل القسري
تدرك اللجنة المنظمة لكأس العالم، والتي تشرف على بناء الملاعب الجديدة الثمانية لعام 2022، أنها في مرمى هدف المنظمات غير الحكومية والإعلام، لذلك فهي تخضع الشركات التي فازت بالعقود لمواصفات أكثر تقييدًا من المتوسط. هذه الشركات، عمالقة البناء، والتي تواجه خطر فقدان سمعتها، لديهم أيضا مصلحة في ضمان الامتثال لمعايير السلامة ورفاهية العمال. هذه التحسينات الطفيفة، والتي تفيد بشكل خاص عمال الملاعب، تشهد على الجهود التي تبذلها السلطات المحلية، أقنعت منظمة العمل الدولية "OIT" بإغلاق قضية "العمل القسري"، التي تخضع للتحقيق منذ عام 2014 ضد قطر.



رواتب زهيدة
افتتحت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة مكتبًا في الدوحة، مهمته مرافقة قطر نحو إلغاء الكفالة. "سوف يتم ذلك في غضون عام"، وذلك بحسب هوتان هومايونبور، ممثل منظمة العمل الدولية في الإمارة.
ومن بين التطورات، إنشاء لجنة لحل النزاعات العمالية، التي من المفترض أن تعمل أسرع بكثير من الهيئة الموجودة من قبل. ووضع الحد الأدنى للأجور، الذي حُدِد حاليًا بـ 750 ريالا قطريا "176 يورو"، وهو مبلغ بخس حتى لو كان يشمل السكن والطعام والنقل.



تعتيم قطري
فيما يخص قضية الضحايا في العمل، والتي تم تجاهلها من قبل الاتحاد الدولي لنقابات العمال، لا يزال التعتيم مغيمًا. حيث لم تنشر الحكومة القطرية أي إحصائيات منذ عام 2012. وفي عام 2016، وبعد الضغط من قبل هيومان رايتس ووتش، اعترفت السلطات بمقتل 35 عاملا. وكانت اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم قد أعلنت من جانبها عن مقتل 10 عمال بين أكتوبر 2015 ويوليو 2017 من بين عمال الملاعب، 8 منها اعتبرت "خارج العمل".
ومع ذلك، وفي عام 2016، وردًا على إحدى المنظمات غير الحكومية في نيودلهي، كشف الممثلية الهندية في قطر عن أن 241 من رعاياها قد ماتوا في عام 2013، و279 خلال عامي 2014 و2015.
وفيات نادرًا ما تكون طبيعية، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الفئة من الشباب صغيرة في السن.