|


أحمد الحامد
كذبة زمن الطيبين
2018-07-23
في الفترة الماضية استمعت لبعض الأغاني والقصائد التي تمجد الزمن الماضي وتصفه بأنه "زمن الطيبين".

من قال بأن الماضي هو زمن "طيبين"؟ عندما نسمي زمناً بأنه زمن "الطيبين" وكأننا نصف الأزمنة الأخرى بعكس ذلك، وإذا ما اعتقدنا أن فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات الميلادية كانت فترة "طيبين"، وكأننا نلغي "طيبي" هذا الجيل، ونقول لهم لا فائدة منكم، وإنكم لا تحملون الصفات الجيدة مثل الطيبة والوفاء والصدق والبراءة، وإن زمنكم هذا لا قيمة له!

هل كانت السجون فارغة من المجرمين فيما يسمى بزمن الطيبين؟ هل لم تكن هناك جرائم قتل؟ هل لم يظلم الإنسان أخاه الإنسان؟ هل لم يكن هناك فقراء؟

تمجيد فترة ماضية على حساب زماننا اليوم هي عملية هروب وانهزامية من مواجهة الحياة وسرقة لجمال الحاضر الذي يجب أن ينظر إليه بعين تحب الحياة، وتختار أسلوب عيشها بكل ما هو موجود من تطور ونعم لم تكن موجودة في أي وقت سابق.

عزيزي الجيل الشاب.. لا عليك بمن يسمي الماضي بزمن الطيبين؛ فالطيبون في كل الأزمنة والسيئون كذلك، بل أنتم محظوظون قياساً بالأجيال الماضية، وتمتلكون ما لم يمتلكه غيركم من مستوى تعليم وطب ومواصلات وسكن ووسائل معلومات وترفيه، وإن أية ظاهرة سلبية الآن كان لها شبيه في زمن "الطيبين"، لكن طريقة "الإخراج" تختلف.

لو قيل للذين يمجدون زمن ما قبل 40 عاماً هل تعودون لذلك الزمن؟ معظمهم سيرفض العودة؛ لأنهم لن يتنازلوا عن رفاهية الحاضر ولن يقبلوا العودة لصعوبة الماضي، هؤلاء يمارسون دوراً سلبياً على الجيل الحالي وعلى أبنائهم تحديداً، يبالغون في وصف جمال الماضي لدرجة غير واقعية، هم مشتاقون لأيام طفولتهم وصباهم.. تلك الفترة التي لم يتحملوا بها مسؤولية الحياة والأسرة والأبناء، فيقومون بتسويقها بصورة عاطفية لا علاقة لها بالحقيقة، توقف بهم الزمن ويحاولون إيقافه على الآخرين، ناكرين بذلك كل ما توصل إليه العلم من تطور على كل الأصعدة، وكل التطور الحاصل في مسكنهم ومدنهم وبلادهم ومستشفياتهم وسفرهم، الحقيقة أنهم يشكلون طاقة سلبية، غيرهم يبني وهم يحاولون الهدم دون دراية منهم في أغلب الأحوال..
أعزائي الشباب.. عيشوا جمال زمنكم.. فهو الأفضل.