|


أحمد الحامد⁩
أيها الإنسان
2018-08-04
غرور الإنسان من أسوأ ما قد يصيبه في مشوار حياته، لا أتحدث عن الصورة النمطية عن المغرور التي ترسخت في خيالي وخيال بعضهم عندما كنا أطفالاً عن ذلك الشخص الذي يمشي مختالاً، الغرور قد يصيب حتى المتواضعين في حياتهم عن حقيقة تواضعهم.

بعضنا قد يعتقد دائماً أنه يعرف أكثر وأفضل من الجميع ولا يكلف نفسه في تطوير معلوماته وقدراته، وقد يتفاجأ بأن السرب قد سبقه وقد أصبح خارجه، هذا إن سمح له غروره بالانتباه، وبعضنا يجادل طويلاً دون مراجعة ما لديه من أفكار ورواسب، ولا الاستعداد للاطلاع على ما لدى الآخر.

شاهدت لقاءً تلفزيونيًّا قديماً لتاجر عربي كبير، استطاع أن يحافظ وينمي ثروته طوال حياته، وكان مقدم البرنامج يسأله عن بعض الأمور التجارية، ولاحظت أن التاجر كثيراً ما ردد: لا أعرف ويمكن، إلى أن سأله مقدم البرنامج عن كثرة استخدامه لكلمة لا أعرف وكلمة يمكن؛ فقال التاجر: ولكنك تسألني عن أشياء فعلاً لا أعرفها جيداً، وأقول "يمكن"؛ لأنني لم أشاهد ما تقوله وتذكره لي عن أمور وأشخاص، وقد يكون ما تقوله صحيحاً، وقد لا يكون لأنني لا أعرف! وحتى عندما أراد المقدم أن يقول له: ولكن اسمك كبير في السوق، وتعتبر من أهم رجال الاقتصاد، أجابه التاجر بأنه إنسان نجح بتوفيق من الله، وهناك من يعرفون عن التجارة أكثر منه لكنهم لم يكونوا محظوظين، في إشارة منه للظروف والتوقيت اللذين قد يؤثران على الإنسان بالسلب أو الإيجاب في مشوار حياته.

الشخص الذي يصاب بالغرور عادة يجهل عن غروره؛ لأن الغرور صديق الجهل، وبذلك يفقد المغرور أدواته دون شعور منه، وكلما حطم الإنسان هذه الآفة كان قريباً من واقعه ومن الحقيقة، وكان مستعداً للتعلم والتطور.. وهم امتلاك الأفضلية هو الخطوة الأولى نحو النزول، حتى الأمم التي حققت إنجازات ما، وانشغلت بالحديث عنها سبقتها تلك الأمم التي عملت ولم تتوقف عن العمل ومراجعة نتائج أعمالها.

بعض الأفراد تجده يتحدث عن أمجاد قبيلته وعن تفوقه حسباً ونسباً، ثم تنظر لأوضاعه فتشاهد هذا الوهم الذي غلّف حياته بالجهل والحالة الأقرب إلى الفقر.

ذات يوم تحدث أحدهم كثيراً عن نفسه وعن تاريخ عائلته، ثم تساءل عن أفضل طريقة لتهريب علب السجائر؛ لأنه لا يستطيع تحمل ثمنها المرتفع، خصوصاً أنه يدخن أكثر من علبة سجائر في اليوم.