|


أحمد الحامد⁩
انحاشوا منهم
2018-08-20
لم أعد أحتمل الشخص الذي يكرِّر كلمة “المشكلة” في أحاديثه، يضعها في كل جملة، ويبادر بها عند إجابته عن كل سؤالٍ. بدأت أستشف الوضع النفسي والمعنوي إذا ما كرَّرها، واستخدمها كثيرًا.

لبرنارد شو مقولة، لا أعلم عن مدى مصداقية أنه قائلها أم لا لكثرة ما أصبحنا نقرأ مقولات مع انتشار وسائل النشر والنقل.. عمومًا يقول: لو قلت إن نصف المجتمع سيئ، سيسخط الجميع، بينما لو قلت إن نصف المجتمع ناجح سيحتفون بك، العبارتان معناهما واحد، فانتقِ عباراتك جيدًا.

أتمنى أن يكثر المتفائلون، لأنهم ينشرون طاقات إيجابية، تأثيرها مباشر وفاعل على الناس. قبل فترة جلست مع أحد الزملاء، يُعرف بطاقته الإيجابية، وقلت له عن أمرٍ ما، إن مستقبله غير واضح، وقد لا يستمر مستقبلًا، قال لي: وماذا عن الحاضر.. هل سينجح الآن.. إذن لنبدأ به، ودع المستقبل للمستقبل. خرجت من مكتبه وأنا أشعر بقوة وطاقة، وتخلصت من القلق، ولدي زميل آخر، أتصوَّر لو أن للإحباط بطولة لفاز بها بجدارة، بل وسيحتفظ بالكأس إلى الأبد، لأنه بلا شك سيفوز بها ثلاث مرات متتالية، كما تحتفظ منتخبات كرة القدم بكأس العالم إذا ما فازت بها ثلاث مرات. ذلك الزميل يجعل من كل شيءٍ قاتمًا. الحقيقة أنني ابتعدت عنه بعد أن حذرته من أسلوبه التشاؤمي، ومضيت عنه بعيدًا، وأنا أشعر بخفة طائر.

المكان أيضًا يتأثر بروح صاحبه وطاقته التي يضفيها عليه، سلبيةً كانت، أم إيجابية، ولا أعرف إنسانًا أكثر فقرًا من ذاك الذي يحكم على نفسه بسوء حظه، وسوء مستقبله بينما هو بكامل صحته وعقله! بعض الأماكن قد لا تكون ثرية الأثاث وفخمة البنيان، لكنَّ صاحبها أشعلها بروحه الجميلة، واستثمر في أبسط الأدوات في المكان، وصنع منها ما هو مفيد ومريح. بعض الناس يصنعون السعادة بأبسط الأدوات والكلمات، وبعضهم لن تُسعدهم جميع أموال بنوك العالم، ولن يشعروا بالطمأنينة إلا بعد أن يرحلوا من هذا العالم! عمومًا ليس برنارد شو وحده الذي يستطيع أن يلقي المقولات.. أنا أيضًا أستطيع أن أفعل.. استعدوا لمقولتي: “انحاشوا من الكئيبين ولو كانوا أقرب الناس لكم”.