|


سعد المهدي
صلاح تحت الرقابة السوداء!
2018-09-05
النجم المصري محمد صلاح لن يخرج من دائرة النقمة، فقد دخل بقدميه إلى عِش الدبابير، كل ما قاله صلاح لن يؤخذ بحسن نيه، ولن تجد من يعده من أبسط حقوقه أن يبدي رأيه في قضايا تخصه، فالنجوم الكبار حصتهم كبيرة من المديح كذلك التجريح!
يبدو أن نموذج صلاح الأكثر قرباً لفهم ما كان يتعرض له غالبية النجوم في شتى المجالات من تعدٍ على الحقوق والخصوصية، فمسيرة صلاح المهنية وسيرته الشخصية كان يمكن لها أن تحميه لو كان فعلاً أن ذلك ما كان يفتقده الآخرون من النجوم الذين كانت تستهدفهم الصحافة والجماهير، بدعوى أنهم لا يؤدون عملهم بشكل جيد أو أن غرورهم صار لا يمكن احتماله.
تسابق عدد من الكتاب الصحفيين المرموقين في عرض وتحليل ما جرى لصلاح مع اتحاد الكرة المصري، وعلى الرغم من ميل أغلبهم إلى سلامة موقفه، حمله بعضهم خطأ التضامن مع وكيله ومحاميه، فيما حذره آخرون من أن ينزلق في مستنقع الغرور، هكذا تكبر صورة صلاح فتبدأ أجزاؤها تتفكك بعض الشيء وتغير من ملامحه، والسبب كما أعتقد أن صلاح حاول أن يبدو طبيعياً كلاعب محترف وهذا ليس مقبولاً في عالمنا العربي.
تعود الإعلام الرياضي ومن خلفه الجماهير أن يقود النجوم إلى ما يريد، فهو كما تم التوافق عليه ضمنياً من يصنعهم ومن ثم من يخرجهم من المشهد، كان ذلك حين كانت وسائل الإعلام محدودة ومن يسيطر عليها عدد محدود يرى أن أقل ما يمكن أن يرضيه أن يشكل صورة هؤلاء النجوم على النحو الذي يريد أو يعرف، وقتها أيضاً كانت النجوم نفسها تجعل منهم مستشارين لها أو أصدقاء خاصين ما سلبهم الشخصية والإرادة.
اليوم صلاح يعبر عن نفسه بنفسه بفضل "التكنولوجيا" لقد وفرت له "السوشال ميديا" ظروفاً جعلته متحرراً من ضغط الإعلاميين أو تلاعبهم بالكلمات، لكن ذلك أيضاً له مخاطرة وهو أن صلاح لم يعد يكبح جماح رغبته أي شيء في الترافع عن نفسه من ذلك تخونه الكياسة حين يقول مثلاً: إن هزيمة ليفربول في نهائي الأبطال أكثر مرارة من خروج المنتخب المصري من المونديال!
صلاح لن يتحرك بعد اليوم شبرًا واحدًا دون أن تجري محاولة اصطياد تعثره أو توقعها، سيعيش تحت الرقابة "السوداء" فترة قد تطول جداً وهذا مؤلم لأنه قد يجعلنا نفقد إما صلاح اللاعب الفذ، أو الإنسان المهذب، أو كليهما.