|


طلال الحمود
ليست عبثاً
2018-09-08
ساهمت التغيرات التي شهدتها السعودية، خلال السنوات الأخيرة، في التأثير على مزاج وسائل التواصل الاجتماعي بشكل لافت، وأصبح أصحاب العقول يتعاملون مع المستجدات وفق فهم صحيح للهدف من السياسة الإعلامية الجديدة في التعامل مع الإساءات، بينما تسابق “الجهال” في توجيه الشتائم والبذاءات بطريقة تبرهن عدم قدرتهم على استيعاب الفكرة الأساسية، وبالتالي العجز عن تقديم فائدة، بل والإساءة للقضية التي يدافعون عنها مهما كانت عادلة!.
يعتقد هؤلاء “الجهال”، أن التوجه العام يدعو لتجاوز الأنظمة والقوانين الدولية، ويقر بممارسة المخالفات الأخلاقية وارتكاب الجرائم الإلكترونية من أجل الدفاع عن القضايا الوطنية، ما جعلهم يتصدون لقضايا وملفات بعضها أمني أو استخباراتي بطريقة مربكة أحياناً لأجهزة الدولة المكلفة بمعالجة تلك الملفات، فضلاً عن تشويه سمعة بلادهم في الخارج بما تحتويه صفحاتهم من عبارات تدعو إلى الكراهية والعنف بطريقة محرجة للجميع.
السعودية واجهت خلال نصف قرن ما لم تواجهه دولة في العالم من إساءات وحملات مغرضة، والسبب كان التزام الصمت وعدم السماح بالرد على الإساءات أو حتى كشف حقيقة أصحابها، وهذه سياسة إعلامية أدت دورها في زمن ما، غير أنها أصبحت عديمة جدوى في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، ما جعل الرد على الإساءات وكشف الحقائق يصبح خياراً حتمياً مع الالتزام باحترام الأنظمة والقوانين المحلية والدولية.
استثمرت السعودية في تعليم ملايين الشبان ونشر المعرفة بينهم، ما جعلنا نشاهد اليد الطولى للسعوديين دائماً في مجالات استخدام التقنية وتشكيل محتوى رسائلها، وكثير من هؤلاء نقرأ ونشاهد كيف يتعامل مع طرح الآخرين بطريقة تفوق مستوى الذين يقدمون أنفسهم كقادة للرأي العام في تويتر مثلاً، ويكفي استخدام المعلومة والعبارة المناسبة مع مراعاة قوانين المنصة وسمعة القضية التي يدافعون عنها.
ندرك أن هناك مجموعة من محدودي التعليم والاطلاع، باتوا يستخدمون شهرتهم في وسائل التواصل الاجتماعي للخوض في ملفات لا يمتلكون القدرة على التعامل معها، ما جعلهم يتمادون في تصرفاتهم وأقوالهم بطريقة توحي بأنهم الأقرب إلى تنفيذ السياسة الإعلامية الجديدة، بينما السياسة الجديدة في وادٍ وهم في وادٍ آخر.
السعودية تمتلك من العقول النيرة والكفاءات الإعلامية، ما يكفي للتصدي ورد الإساءة، وما يغني عن اجتهادات “الجهال” وعبثيتهم الكفيلة بتشويه سمعة القضية التي يتعاطون معها.. ليس الهدف تكميم أفواه هؤلاء، ولكن إعادتهم إلى حقولهم، ورفع أيديهم عن قضايا لا ناقة لهم فيها ولا جمل.