|


عبدالكريم الفالح
خالد قاضي.. موتك دنيا من التعب
2018-09-17
إنها ليست دموع الحزن.
هي دموع الموت!!
وهي الأقسى والأشد.
عندما يموت صديق وحبيب وزميل و"إنسان" ورجل مثل خالد قاضي فإن الموت يتشكل بين أضلاعك.. نهارًا يأتيك بلون.. ليلاً يأتيك بقسوة لون آخر.
تصحو من النوم ـ هذا إذا نمت أصلا ـ فيباغتك الظلام في الصحو والضوء.. ينتابك النحيب!!
أحقًّا مات؟!
يتبادر السؤال كما هو عند كل موت مع أمنياتنا بأن يكون الخبر شائعة وإيماننا بالقضاء والقدر.
كيف نغلق دفاتر الغياب؟
بل كيف ننسى الموت؟
الغياب وخزة في الوريد.. الموت طعنة في القلب.
يحركنا موتك يا خالد فنقفز إلى الذاكرة ولا نرى إلا كل خير.. لا أرى الآن إلا طيبة القلب وخفة الدم وسعيك للخير ومساعدة الضعفاء والفقراء والمساكين.
عشر سنوات عملتها معه في جدة عندما كانت "الرياضية" تصدر من هناك إضافة إلى أربع انتقلت فيها إلى الرياض قبل أن أُبتعث إلى أمريكا للدراسة، ومع ذلك تواصلنا وبقي الود بيننا.
من قفشات وخفة دم خالد التي لا أنساها هي أنه عندما كنّا في جدة قال له أحد الموظفين: "انت يا خالد مانت مشهور ولا معروف.. عبدالكريم أشهر منك".
رد عليه أبو عنان ـ رحمه الله ـ وبسرعة بديهة وقدرة عجيبة على صنع النكتة معروفة عنه: "انت يا راجل أمك ما تعرفك"!!
من النكت الأخرى التي اشتهر بها أنه والوفد الإعلامي والمنتخب السعودي كانوا في ضيافة السفير السعودي في سنغافورة خلال إحدى البطولات التي شارك بها المنتخب، وكان يرحمه الله مرتديًا بدلة بيضاء وربطة عنق سوداء صغيرة جدًّا، وكان من ضمن الحضور إعلامي أسمر ضخم الجثة اسمه إبراهيم، فداعب السفير أبا عنان يرحمه الله قائلاً: "عاد يا خالد ما لقيت تلبس إلا هالكرفتة السودا الصغيرة".
رد عليه خالد وبسرعة: "يعني يا سعادة السفير الكرفتة الصغيرة هادي ضايقتك وإبراهيم طول بعرض ما ضايقك"!!
وداعًا خالد.
وداعًا فلن تنجب الصحافة مثلك.
وداعًا فلن تتوقف دموعنا عن البكاء.
وداعًا فنهارنا تحول ليلاً.
بياضنا استحال سوادًا.
موتك دنيا من التعب
لن ننساك
لأننا نراك في كل مكان:
مكاتبنا
أقلامنا
حبرنا
دموعنا
وقلوبنا
والقهر الساكن فينا.