|


فهد بن علي
السلق اللي بالشعيب
2018-09-26
‏استخدمت كل قدراتي العقلية لمحاولة فهم القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية، مثل قناة ألمانية وأخرى فرنسية. ولا أظن عليّ إخباركم بأن استخدامي لعقلي باحثاً عن فائدة لتلك القنوات، جلب نتيجة لم تفلح بشيء مبهج، قبل ليلتين كانت ذكرى رحيل مفكّر عظيم "إدوارد سعيد" صاحب "الاستشراق"، يقول "أبو سعيد" ـ رحمه الله ـ أن السيطرة على الشعوب تبدأ بمحاولة فهمها، وفهم كيفية الطريقة التي تفكّر بها أولاً ثم تأتي محاولة تغييرها.
بعض القنوات الأجنبية ـ المتعرّبة ـ أظنها امتداد لاحتلالات سيئة، ما إن ترى اهتمامات حلقات تلك القنوات نحو موضوعات تمس الاعتقادات الدينية، وتدافع برامجها بصورة مملة ومكررة عن المثليين، حتى تتذكر جملة شهيرة للفنان "محمد العلي" من مسلسل "عودة عصويد" الذي عرض على القناة السعودية الأولى، قائلاً: "كل السلّق اللي بالشعيب يطلعون". أتمنى فعلياً هزّة مفاجئة يفرز فيها الإعلام نفسه، رغم أن "السلوقي" ـ أكرمكم الله ـ كلب صيد لا يضر كثيرًا، صحيح أن نباحه يزعج، لكن ليس بقدر إزعاج صوت بعض مذيعي الإعلام الغربي الناطق بالعربية الذي يرمي على العقول العربية موضوعات تجعل من بسطائهم يتشككون بدينهم وسلوكياتهم ـ والعياذ بالله ـ أمّا عقلاء العرب فلا شك يرددون جُملاً مشابهة لجملة "محمد العلي". والأسف كلّه أن مذيعي القنوات الغربية عرب، وليتهم كانوا فرنسيين أو ألماناً يتحدثون اللغة العربية بلكنة ثقيلة لكي على الأقل نفهم أن الغربي هو من يخاطبنا، بدلاً من الديكور المتمثل بوجيه عربية تديرها عقول أجنبية. وهنا يجدر التنويه، لستُ مهووساً بنظرية المؤامرة، لكن لدى كل إنسان عربي عينين وأذنين تعرف أن الفقر والتخلّف يسيلان باهتياج في بعض عواصم الدول العربية، فلم دفاعاتهم المستميتة فقط عن موضوعات حساسة، والتي ـ إذا سمحنا بالنقاش بها ـ لن تكون من أوائل معضلاتنا وليست شاغلاً ذهنياً لنا. وإذا أحسنّا الظن تماماً، ربما تسليط ضوئهم المزعج على قضايا تعد محرّمات لدينا، يعود لمحاولة الجذب الإعلامي، إنهم لخواء منتجهم، يبدو قرروا يشدّون الانتباه بصورة رخيصة عبر طريقتين: مداعبة غرائزنا البشرية أو بعرض الأفكار الغرائبية المنحلّة. وبطبيعة الحال ليست كل القنوات الأجنبية تحمل وجهاً بشعاً في الغالب بل أنّي آمل أرى رؤية قنوات سعودية بلغات مختلفة، تخاطب الآخرين، فإنه من الرائع الوصول للآخر لتبيين ثقافتك بطريقة لطيفة، وقبل الترحّم على محمد العلي وإدوارد سعيد، أذكر أن أحد الوجوه السعودية الهامة عمل لقاءً مطوّلاً في لندن واتضّح أنها قناة إيرانية ناطقة بالعربية، قام منتج القناة بإجتزاء ما يطيب له، أمّا المستضيف السعودي فقد تبرأ من اللقاء بعد معرفته لكل ذلك الغدر الإعلامي، إن بعض هذا الغدر مستمر بطرق مختلفة.