|


طلال الحمود
المنشار
2018-10-13
حين فتحت قطر شبكاتها الإذاعية والتلفزيونية في شتى بقاع الأرض، كانت تراهن على سذاجة الشارع العربي وفضوله في التعامل مع الإشاعات على أنها حقائق لا تقبل الجدل، خاصة أن ترويج الأكاذيب والمعلومات المغلوطة إحدى الوسائل المستخدمة في الحروب للتأثير على الرأي العام وزعزعة قناعاته نحو بلاد أو أشخاص أو قضية بعينها.
حاولت قطر استخدام آلة صنع الإشاعات مراراً وتكراراً، ومررت معلومات خطيرة لا يمكن إثباتها، لكنها كانت كافية لإثارة الفضول وشد الانتباه بحثاً عن المزيد، وظهرت هذه الحرب بوجهها البشع خلال ذروة مواجهات قوات الأمن السعودية مع الجماعات الإرهابية، حين كانت “الجزيرة” تبث تعليمات أسامة بن لادن وأيمن الظواهري لعناصر القاعدة بصورة شبه يومية، فضلاً عن استضافة المحتقنين ضد السعودية وفتح الهواء لساعات أمامهم؛ من أجل ترويج الإشاعات وإرباك المتلقي في الداخل والخارج.
خلال قضية اختفاء الصحافي جمال خاشقجي عادت آلة الإشاعات القطرية لنشر عاصفة من الأخبار والمعلومات المغلوطة للضغط على الرأي العام العربي، مستخدمة مصطلح “مصادر” لتمرير أكبر قدر من الإشاعات التي بلغت الترويج لتصفية خاشقجي في وسط القنصلية السعودية بواسطة منشار كهربائي تارة، وباستخدام الأسلحة والحقن المخدرة تارة، في انتظار الترويج مستقبلاً لقتل الخاشقجي باستخدام غاز الضحك أو “الفرجار أبو راسين” أو حتى علبة الهندسة بكامل محتوياتها!.
كثير من الإشاعات تصدر عن تخيلات على طريقة أفلام الرعب التي تجد إقبالاً لافتاً من متابعي السينما في العالم، ويكفي ما حققه فيلم المنشار saw من نجاح وانتشار بفضل حبكته الدرامية وتقنياته الصوتية المثيرة، ويبدو أن من اخترع رواية قتل خاشقجي بالمنشار راهن على انتشار إشاعته تيمناً بنجاح فيلم saw.
المتلقي العربي الذي ما زال يؤمن بكثير من التخاريف دون أن يطلب دليلاً عليها، سيبقى فريسة سهلة لـ”الجزيرة” التي اختارت العزف على وتر الرغبات وإهمال وتر الحاجات، خاصة أن هذا المتلقي يفضل متابعة مشاجرة في الشارع على حضور مجلس الآباء في مدرسة أبنائه!.
هذه ليست الأزمة الأولى التي تنفخ فيها آلة الكذب القطرية، ولن تكون الأخيرة، خاصة أنها تشبه الأفعى التي تقاتل من أجل إفراغ سمها كلما شعرت بقوة الضرب على رأسها واقتراب لحظة موتها، وهذا يتضح من خلال حرص الدوحة على إعادة العلاقات مع دول المقاطعة مهما كان الثمن، ليس حباً في جيرانها، ولكن لأن السم بدأ يخنقها، ما يجعلها تقاتل من أجل الوصول إلى جسد تفرغ فيه ما بداخلها.