|


بدر السعيد
بين باص وسيارة تشوه المشهد
2019-03-02
جولة بعد أخرى ترتفع حدة الإثارة في دورينا، وهي إثارة مطلوبة وملازمة لمختلف المنافسات الكروية الساخنة كما هي منافساتنا المحلية بكل مكوناتها وعمقها الاجتماعي بيننا..
إلا أن المزعج في الأمر أن بعضهم ارتفعت لديهم حدة التعصب إلى حد الخروج عن الأدب، وهي ممارسات باتت تشوه جمال رياضتنا وقيمتها لدى المجتمع بشكل عام، حتى إن كان ذلك التشويه مصدره قلة قليلة..
هذه المرة حضر ذلك التشويه من جديد بشكل مقزز.. حصل ذلك الأمر حين تمت محاصرة سيارة الأستاذ خالد البلطان من قبل مجموعة من جماهير نادي النصر التي ظهرت بشكل محتقن وهي تحيط بالمركبة من كل جهة، وتمنعها من المسير وسط سيل جارف من الصراخ والانتقاص والإساءة، وبالطبع لم يخلُ المشهد من رمي المركبة..
شاهدت المقطع كثيراً وفي كل مرة أعيد فيها المشاهدة أشعر بالمزيد من الإحباط على حالة "العبث" التي وصل لها أولئك.. واستوقفتني كثيراً وضعية الأستاذ خالد البلطان وهو يتأمل ويتألم داخل مركبته المحاطة بالتصرفات الخارجة عن الأدب.. وكأن لسان حاله يقول إن للنتائج السيئة حلولاً وعلاجاً، لكن هذا النوع من الحماقة سيعيي من يداويه.. وللعلم فالرجل لم يسئ لهم وكل ما في الأمر أنه يرأس النادي الذي انتصروا عليه للتو..!!
أعيد مشاهدة المقطع مجدداً وأتساءل: ترى كيف سيكون حال رجال الأعمال والمستثمرين وكل الراغبين في دخول مجال العمل الرياضي..؟! بالطبع لن يكون جاذباً ولا محفزاً للتجربة حتى.. فما حصل ما هو إلا مثال على الإساءة المستمرة لصورة رياضتنا، وهو أحد الأسباب التي جعلت الرياضة بيئة طاردة.. وستستمر كذلك بل ستزداد حدة طالما لم تقابل بشدة وحزم من الجهات المعنية..
حصل كل ذلك على الرغم من كونهم منتصرين.. ولا أدري كيف ستكون ردة فعلهم في حال الخسارة..؟! من سيكون ضحية إساءاتهم حينها.. رئيس ناديهم أم لاعبيهم أم الباص مرة أخرى..؟!
عموماً لم أكن بحاجة لوقت طويل لتفسير ما حدث أو البحث عن مسبباته فقط مررت سريعاً على الحساب الرسمي لرئيس نادي النصر المليء بالإسقاطات والألفاظ الخارجة عن إطار الأدب العام.. ومن خلفه إعلام يصفق لهذا النوع من التجاوزات، بل يعتبره شموخاً في زمن أهين فيه وصف الشموخ وهو يرتبط بالإساءة..
ما حصل في مشهد محاصرة مركبة البلطان ما هو إلا مثال لانفعالات جماهيرية تمكنت ثقافة الضجيج من تعبئة عقولها بشكل سلبي.. فهل سنقف مكتوفي الأيدي أمام تلك المشاهد أم سنتحرك لإنقاذ رياضتنا..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..