|


سعد المهدي
لأن الحكم ليس بأربع عيون
2019-09-21
قبل أكثر من عشرة أعوام كان النجم الإيطالي أندريا بيرلو يطالب “فيفا” بالاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة في عالم كرة القدم، لمساعدة الحكام في اتخاذ القرار الصحيح.
يقول بيرلو في كتابه “أنا أفكر إذا أنا ألعب”: أنا شخصيًّا لم أستطع استيعاب أن الحكم المساعد بإمكانه مراقبة لحظة تمرير الكرة، وفي الوقت نفسه هل المهاجم في الخط نفسه مع المدافعين أم لا؟ حتى وحش بأربع عيون لا يمكنه فعل ذلك.
يتفق كثيرون مع بيرلو، لكن دائمًا كان ينتصر أصحاب الرأي الآخر الذين يرون أن سر سحر وجاذبية اللعبة في اعتمادها دائمًا على الفعل البشري، الذي يعيشه الجميع لاعبون وحكام ومتفرجون يتقاسمون الخطأ والصواب بتسليم كامل على أنه من هنا في ظنهم تبدأ متعة المنافسة التي تغشاها الشكوك ويعصف بها الغضب ويجنح بها الفرح.
من ذلك وبعقلية ناضجة وبحماس منقطع النظير كان بيرلو في حينها يفكر ويجترح الحلول، قليل من عظماء كرة القدم يحملون هموم اللعبة أو يبادرون لإلقاء حجر في مائها الراكد، من أجل أن تصبح أكثر حيوية وتتطهر مما علق بها من شوائب.
يقول بيرلو عن ذلك: من هم في قمة هرم السلطة عقولهم بالية وغالبًا ما يتحججون بتقاليد الكرة التي لا يجب كسره. لا يعرفون أنهم بسبب تفكيرهم الرجعي هذا يسببون أذى كبيرًا للحكام الذين لا يرون أشياءً تحدث في جزء من الثانية يستطيع الجمهور رؤيتها على شاشة التلفاز، ويقول ما به هذا الغبي ألم يرَ الخطأ؟
لا أحد يرغب في أن تهزمه قرارات حكم خاطئة، وبعدها يتم تطييب خاطره بأن الحكم بشر يمكن أن يخطئ، وأن الخطأ هذا وغيره جزء من اللعبة، إذًا ما المانع في أن نساعد الحكم في أن يصحح أخطاءه من خلال التكنولوجيا، حينها كان بيرلو يقول: دعونا نبحث عن ما هو أفضل، الكثير من الرياضات الأخرى قامت بتلك النقلة.
مرت السنون وتوالت فرص التغيير من الحكم الخامس إلى عين الصقر إلى الـ “VAR” وتحسن أداء الحكم، وبالتالي مستوى نسبة تحقق عدالة التنافس، وصدق ما ذهب إليه بيرلو ومن يؤيدونه في أن التكنولوجيا التي غزت كل شيء في حياتنا بما فيها الألعاب الرياضية لا يمكن استثناء كرة القدم من معادلتها، وأمر مهم أيضًا ينهي به بيرلو الفصل العشرين من كتابه حين يقول: أعرف جيدًا كيف أفكر لكن لماذا قال ذلك.. يتبع