|


أحمد الحامد⁩
أن تفعل
2019-10-05
الفارق بين الذي يفكر وبين الذي يفكر ويفعل، دائمًا كنت أشبهه كالفارق بين البلبل والصقر، لكنني شعرت أنني أظلم البلبل ذا المواصفات الجميلة والأصوات الأخاذة.
لذلك لن أضرب به مثلاً يكون على حساب جمالياته، إذن سأكتفي بحصر الفكرة بين الذي يفكر وبين الذي يفكر ويفعل، أن الأول منظِّر والثاني فعّال، الأول "مع كامل احترامي الحقيقي لموهبته".
يشبه تلك الشعارات التي رفعتها الأحزاب التي قادت بعض الدول العربية، والكل يعرف ما آلت إليه تلك البلدان التي حصل بها كل شيء باستثناء تطبيق تلك الشعارات التي تتحدث عن الكثير من التطلعات الإنسانية وأبرزها التنمية والعدالة، أما الفعال الذي توجه للبناء واستثمر وقت الكلام بالعمل فهو على أرض الحياة من يحقق النتائج ويغير الواقع إلى الأفضل، لا أريد هنا أن أتحدث عن الدول وتاريخها الحديث، لكنني أريد أن أستثمر هذا التاريخ وأقيسه على الإنسان نفسه، الإنسان نفسه يشبه الدول، هناك دول ناجحة ودول فاشلة، هناك دول نامية وهناك دول متراجعة، وهكذا هو الفرد أيضاً، كل يقود نفسه إلى حيث يشاء، وكل يتعامل مع ظروفه بالطريقة التي تفضي به إلى النتيجة الأخيرة التي أوصله تفكيره وفعله إليها، أحزن كثيراً عندما ألتقي بمن لا يريد أن يبذل الجهد، لكنه يبرر كسله وعدم تنظيمه وسوء إدارته لوقته بكلمات يخدع نفسه بها ويضر بها مستقبله، ويلقي بالتراب فوق إمكانياته المدفونة أصلاً، أحزن كثيراً عندما أشاهد من لم يفعل شيئاً حتى لممارسة هوايته، لمن لم يستطع حتى إيجاد ما لا يتذمر منه، من المؤلم أن يقضي الإنسان عمره في وهم هو صانعه، والأكثر إيلاماً أن هذا الوهم سريع الزوال إذا ما أراد المتوهم أن يزيله لكنه لا يفعل، شعور الإنسان في نفسه يتضح له بما ينتجه ويقدمه لنفسه وأسرته وعمله أو مجتمعه ووطنه، ولا عيب في أن يخطئ الإنسان ويتعثر، إنما الظلم لنفسه في ألا يستفيد من عثراته وتجاربه ويعاود ترتيب حياته ويوجد لها أهدافها المناسبة التي ترضيه وتسعده، حسب إمكانياته الواقعية لا حسب الأوهام التي يضعها لنفسه كعوائق وظروف، تماماً مثل تلك الأحزاب التي قادت بلدانها نحو الفشل، ثم تعذرت بأن المؤامرات الكونية ضدها هي من فعلت ذلك.