|


طلال الحمود
طير بوتين
2019-10-19
لفت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأنظار حين تجول بين السعودية والإمارات الأسبوع الماضي، مصطحباً معه أفضل الصقور السيبيرية لتقديمها كهدية للملك سلمان بن عبد العزيز والشيخ محمد بن زايد في بادرة ترمز إلى المتقاطعات الكثيرة بين الثقافة العربية ونظيرتها الروسية.
وكان بوتين أهدى صقراً إلى أمير قطر قبل نحو عام، غير أن ردة فعل تميم بن حمد نحو الهدية لا تعكس تقارباً في الثقافة بعدما انزعج “الطير” المبرقع من تواجده على ذراع الأمير المرتجفة.
بوتين الرجل القوي في عالم السياسة، يؤكد دائماً أنه يستفيد من مهاراته في ممارسة الجودو حين يتفاوض مع رؤساء دول العالم، وأنه استمد الصبر والحكمة في اتخاذ القرارات من خلال المباريات التي خاضها في هذه اللعبة، ويبدو بوتين يعني ما يقول فعلاً لأن كاميرات التلفزيون أظهرته يخوض منازلة في الجودو ضد رئيس منغوليا خالتماغين باتولغا، قبل أن يعدد فوائد ممارسة اللعبة القتالية خلال مؤتمر صحافي بالقول: “الجودو بالنسبة لي ليست مجرد رياضة وحسب، إذ إن الفنون القتالية تعزز قوة الإرادة لدى ممارسها، وتعلمه احترام الآخرين، وتعطيه القدرة على تحمل الضربات”.
اهتمام بوتين قاده إلى ممارسة رياضة الصيد بالصقور والتزلج على الجليد والسباحة والجودو، إذ يخصص بحسب المرافقين له، أكثر من ساعتين يومياً للركض واللعب في صالة الحديد، فضلاً عن تخصيص إجازته السنوية لممارسة هوايات مثل ركوب الخيل والرماية، وامتد ولع الرئيس الروسي بالإشراف على تحويل مدينة سوتشي إلى مجتمع رياضي يمكنه استضافة أهم وأكبر الفعاليات العالمية مثل سباقات الفورمولا 1 والألعاب الشتوية.
يبدو فلاديمير بوتين حالة فريدة في مجتمع السياسيين، لأن أغلب هؤلاء تسيطر عليه المسؤوليات اليومية، ويكتفي بالمشي أو السباحة، أيضاً لا يبدو أن بوتين سيجد في نظيره الأمريكي رونالد ترامب مهارات رياضية تغريه للتفاوض على طريقة “الجودو”، خاصة أن ترامب اختار لعبة الجولف وهواية “عد” الدولارات وترك ميادين الرياضة لأهلها.
الرئيس الروسي أصبح رئيساً فخريًّا لاتحاد الجودو الأوروبي عام 2006، قبل أن يحصل على درجة دكتوراه في الجودو من إحدى الجامعات في كوريا الجنوبية، وهو حائز على الحزام الأسود في الكاراتيه، ما يعني أن النهضة الرياضية التي تعرفها بلاده، ومواقفه من قضايا المنشطات في روسيا لم تأت من فراغ، لاعتبار أنه يتعامل مع الرياضة على أنها أسلوب حياة ناجح يتوجب مراعاة تطبيقه في خطط الحكومة المستقبلية، وتبدو مدينة سوتشي مثالاً يختصر قناعات الرئيس بوتين.