|


بدر السعيد
انتصار السويكت
2020-03-07
إذا كانت المنافسات الرياضية تقتصر في احتمالاتها وحدودها على فوز وتعادل وخسارة، فإن مفاهيم الرياضة أشمل من ذلك بكثير، بل تتجاوز ذلك بمراحل أرحب وأوسع، فقد باتت صناعة وثقافة وشريكًا في رسم الشكل العام للمجتمعات شئنا ذلك أم أبينا.
والمتابع لمحيط رياضتنا سيتوقف حتماً عند كثير من الحكايا والمواقف التي مرّت بفلاتر القيم الرياضية وأخلاقياتها، فنجحت تارة وفشلت في أخرى.. أعني بذلك تلك المواقف التي يجد المتابعون فيها مشهداً يحمل قرارات في مفترق طرق المهنية والقيم، كذلك الموقف الذي حصل بين إدارة نادي النصر ونجمهم المغربي عبد الرزاق حمد الله، وهو الموقف الذي كان بمثابة المحك الحقيقي لإدارة السويكت وقدرتها على حماية نفسها من جهة والمحافظة على مبادئ الرياضة من جهة أخرى.
موقف إدارة السويكت يوم الجمعة الماضي أمام المهاجم المغربي كان حلقة في سلسلة طويلة تمثل حكاية السويكت مع عبد الرزاق، وهي الحكاية التي حملت فصولاً عديدة في التعامل مع التصرفات المتعددة التي قام بها الأخير داخل وخارج الملعب.
وفي مساء السبت.. حضر النصر إلى المجمعة في مباراة مهمة ومفصلية في مسيرته بالدوري .. حضر دون محترفه المغربي بعد أن أعلن القائمة الرسمية للقاء عبر موقعه الرسمي وسط انقسام جماهيري وإعلامي كبير بين مؤيد لاستبعاد حمد الله ومعارض له.. في مساء السبت صفقت لإدارة السويكت قبل أن يبدأ اللقاء.. صفقت للمبادئ والقيم.. صفقت للشخصية الإدارية التي يقع على عاتقها ما هو أكبر من فوز وخسارة.
قد يقول قائل إنه قرار متوقع من إدارة السويكت ولا يستحق كل هذا المديح، لكني أقول له عليك أن تعمل في محيط الرياضة الداخلي وتتعامل مع دهاليزها وتبعات قراراتها وحينها فقط ستدرك أن قرار إدارة التصر كان جريئاً ويستحق هذا الإطراء والمديح، فالتعامل مع النجوم الذين يحظون بجماهيرية عريضة هو من أصعب الممارسات في أجواء الرياضة والرياضة العربية على وجه التحديد، وذلك لأن العاطفة لدى الجمهور والإعلام العربي تفوق تلك التي لدى الغرب دون شك.
اختم مقالي هذا قبل أن أعرف ما آلت إليه نتيجة لقاء النصر بشقيقه الفيصلي، لكني سأبارك لإدارة النصر قبل معرفة النتيجة بل بعيداً تماماً عن النتيجة.. مبروك للسويكت انتصاره للقيم والمبادئ.. ومبروك علينا وجود شخصيات رياضية تتحكم بعاطفتها وتتعامل مع الرياضة بالقيم الراسخة التي لا يمكن أن تشترى بالمال ولا تغيرها المواقف ولا تؤثر فيها النجومية.
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..