|


بدر السعيد
دروس كورونا (6)..
2020-04-26
ومع الأسبوع السابع يتزامن دخول شهر رمضان المبارك مع استمرار الحرب ضد “كورونا” التي أرهقت أكبر القوى البشرية والاقتصادية والعسكرية حول العالم ولا تزال.. الحرب التي أجبرتنا على البقاء في منازلنا بشكل غير مسبوق من حيث الكم والكيفية.. الحرب التي تحتاج صبراً ذاتياً وامتثالاً فردياً من الجميع وفي مقدمته أنا وأنت..
ومع تزامن رمضان هذا العام مع أزمة “كورونا” كان من الواجب علي أن أشير وبنفس السياق والتفاؤل إلى منافع تلك الجائحة كامتداد تسلسلي لأول مقالاتي في هذا الجانب بعنوان “كأس كورونا”.. فالجزء المملوء من الكأس سيجعلنا أمام فرصة ذهبية لم تكن التزاماتنا السابقة لتسمح بها.. فرصة قل أن تتكرر لنا ونحن أسرى لعادات وتقاليد ومظاهر كبلت كثيراً من الخير وحجبت عنا بحراً من العطاء والتدبر والتفكير كنا بحاجته بعد سنين من الركض خلف مواعيدنا والتزاماتنا ومتطلبات حياة اجتماعية وعملية أحرقت الأخضر واليابس في دقائقنا وساعاتنا المحدودة، في شهر لا يتكرر إلا مرة كل عام..
صحيح أن تداعيات أزمة “كورونا” ستحرمنا من بعض المظاهر والعادات والعبادات ذات الطابع الرمضاني الخالص.. صحيح أن التباعد الاجتماعي حرمنا من لقاء الأحبة والتفاف العائلة حول سفرة رمضانية واحدة اعتادوا عليها منذ طفولتهم.. لكنها في المقابل ستمنحنا وقتاً لإعادة ترتيب أوراقنا وتجربة استقبال أذان المغرب بعيداً عن زحمة الطرقات ومخاطرها وسباقات السرعة اليومية قبل الغروب..
صحيح أن المساجد لم تعد تحتضننا لأداء التراويح لكن هذا سيجعل الفرصة سانحة لإحياء العبادات داخل منازلكم كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه والتابعون من بعدهم يحيون بيوتهم بالصلوات والذكر في رمضان وغيره..
صحيح أن الأسواق افتقدت زوارها ومرتاديها الذين اعتادوا على صنع فوضى التزاحم المستفز وسلوكيات التسوق السلبية المصاحبة لرمضان والتحضير للعيد.. لكنها في المقابل ستمنحنا أياماً وليالي رمضانية خالية من الضغوطات والازدحامات والمصاريف المبالغ فيها تحت ضغوطات التقليد ودوافع التباهي..
جربوا أن تعيشوا رمضان من دون كل تلك القيود “الزائفة” التي صنعتموها لأنفسكم فتضررتم ونقلتم الضرر إلى غيركم.. جربوا أن تعيشوه بكثير من التأمل والتدبر.. جربوا أن تعيشوه وقد استفدتم من دقائقه أكثر من أي وقت مضى.. فإن كان البقاء في المنزل امتثالاً يجبركم عليه العقل والنظام، فإن الاستفادة من أيام رمضان خيار لن يجبركم عليه أحد، فهنيئاً لكل من كانت الفائدة خياره الأول في رمضان.. وكل عام وأنتم بخير..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..