|


بدر السعيد
دروس كورونا «7»..
2020-05-03
أسبوع جديد تمتد فيه أزمة “كورونا” التي فرضت نفسها وفرضت التغير الكبير على مستوى الفرد والمنظمات، بل على أقوى حكومات العالم أجمع.. في الأسبوع الثامن من سلسلة “دروس كورونا” سأتوقف عن الأنانية البشرية التي جعلتنا نعتقد أننا الوريث الوحيد لهذه الأرض.. سأتوقف عن سرد ما يدور بخواطرنا نحن البشر وأذهب لأتحدث بلسان مخلوقات عجزت عن النطق وتبيان ما تشعر به..
هذه المرة سأتحدث بالنيابة عن باقي مكونات الأرض التي لا تملك قلماً لتعبر ولا قنوات فضائية لتقدم رأيها ولا منصات إلكترونية تنشر فيها ما تفكر به.. المكونات التي أصبحت أكثر رفاهية مع “كورونا” وأكثر راحة وطمأنينة بعد أن استعادت جزءاً يسيراً من حقوقها المغتصبة على هذه الأرض..
وعند الحديث عن المكونات ستزدحم قائمة الأولويات بين سماء وأرض وبحر بكل ما تملكه من تنوع بيئي وبيولوجي كبير أبدع الخالق سبحانه في صنعه.. عند الحديث عن المكونات ستنطق البيئة بعد “تنهيدة” عميقة وقد انفرجت سماؤها فرحاً بغياب عوادم الطائرات وضجيجها.. وبعد أن ابتسمت أشجارها فرحاً بابتعاد العوادم والأدخنة عنها.. وستفرد كل طيورها جناح الفرح بعد أن نالت حقاً من حقوقها الغائبة بسبب سطوة بني البشر الذين أعماهم التقدم والتطور عن محاصصة أخلاقية هم فيها شركاء وليسوا ملاكًا..
جاءت جائحة “كورونا” لتفرض ذلك الحق للطير والشجرة والسحابة والنهر والشعب المرجانية ولكل كائن حي ظلمه جنون التطور وسباق الحضارات وعنفوان الترفيه وحب التملك.. فمع “كورونا” عاد العنصر البشري إلى بيته تاركاً للسماء حقها في أن ترسم الغيمة بدلاً عن عوائل الكربون.. عاد إلى بيته مانحاً للشجرة الحق في التقاط الأكسجين النقي بدلاً من الكيروسين وأبخرة الديزل.. عاد إلى بيته فبات صوت الطير ومسار الأسماك في أبهى صوره وجماله..
أيها الكائن البشري عد إلى نفسك وراجع حساباتك، فمنذ أن بقيت في بيتك ونقاء البيئة يزداد يوماً بعد يوم.. السماء والبحار والنباتات والحيوانات بل حتى الأوزون أصبحت جميعها في أمان “وقتي” عن التلوث الذي صنعته بنفسك.. والسؤال الأهم.. هل ستعيد حساباتك أيها الكائن البشري تجاه هذا الكوكب فتعيد صياغة معادلة الأرض بشرط أن تضع نفسك شريكاً فيها لا مالكاً لمقدراتها..؟
أتمنى أن تكون جائحة “كورونا” سبباً في أن يقوم البشر بإعادة النظر حول العلاقة بين التطور والمحافظة على الأرض بكل مكوناتها..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..