|


بدر السعيد
دروس كورونا «9»..
2020-05-17
ومع وصولنا إلى الأسبوع العاشر يمتد الحديث حول “كورونا” بدروسها وعبرها وشواهدها في سلسلة بدأتها بمقال “كأس كورونا”، ثم استرسلت في مقالاتها ناقلاً ما شاهدته وقرأته وأحسسته في محيطي وخارجه عطفاً على ما أحدثته هذه الأزمة..
هذا اليوم أجد نفسي ميالاً للحديث عن النفس.. عن ذواتنا التي عاشت ولا تزال تعيش وتتعايش مع تبعات هذه الأزمة.. الذات التي وجدت نفسها “مجبرة” على وضع “عام” على البشرية كافة لكن أثره “خاص” ومختلف بين كل نفس وأخرى..
مع أزمة “كورونا” عاشت الذوات مستقلة في اختبار “واقعي” جاء بمثابة الفلتر لقدرتنا على الصبر وقدراتنا على التعايش ومقدرتنا على الإبداع.. جاءت الأزمة لتكشف لنا استجابتنا لإدارة أعمالنا عن بعد ومرونتنا في المتاح من الخيارات.. جاءت لتختبر تعاملنا مع التغيير واستجابتنا لمتطلباته.. جاءت لتمكننا من صنع الفارق الإيجابي في محيطنا..
مع هذه الأزمة وقعنا جميعاً في قبضة ذلك الاختبار البشري الإلزامي شئنا ذلك أم أبينا.. اختبار وجدنا أنفسنا في قاعته دون إشعار مسبق.. كل منا أصبح أمام إجابات تلهمه فيها تجاربه ونفسه الأمّارة بالخير أو الشر..
في تلك القاعة الكبرى ظهرت الفوارق وانكشف زيف الاستعداد وصدق التعامل وعمق التجربة وجاهزية العقول.. اختبار “شامل” لكل قدراتنا النفسية والذهنية في التعايش مع الحدث والاستجابة لتغيراته ومستجداته التي يغلب عليها الشدة والقرارات الصارمة..
في هذا الاختبار لن يأتيك المراقب ليمنعك من قراءة إجابة من تشاء من الحاضرين.. ولن يطلب منك تسليم ورقة الإجابة في وقت محدد.. فالوقت لك ومحاكاة تجارب غيرك مسموحة ومتاحة، وتقليد الآخر كذلك متاح للجميع، فكل ما عليك هو أن تتجاوز هذه القاعة وقد نجحت في تحقيق الحد الأعلى من الانضباط والالتزام.. واستطعت أن تصنع لنفسك ومن حولك فارقاً إيجابياً رغم كل ما يحيط بهذا الاختبار من مفاجأة وقسوة..
في تلك القاعة ستجد الجميع، وقد أحاطت بهم نفس الظروف لا فرق فيها بين كبير وصغير ولا غني وفقير.. لا فرق فيها بين أي كائن بشري وآخر.. وهنا سيظهر الفارق بين جاهزيتك وجاهزية الآخرين في قبول ما يحصل والتعايش معه بإيجابية أو تسليم الورقة مبكراً بعد الفشل في إدراك واستيعاب ما بها..
في ذلك الاختبار سيتفوق ذوو الحكمة والعقلاء فقط، وأقصد أولئك الذين رفعوا شعار: أنت المسؤول و”كلنا مسؤول”..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..