|


طلال الحمود
سنوات الخبيص
2022-04-10
ارتبطت الأعمال الدرامية والبرامج الفكاهية منذ الستينيات بحياة الناس في شهر رمضان، وتحديدًا منذ بدأ التلفزيون المصري البث في عام 1960، حين تم استقطاب المشاهدين بإدراج فقرات تبدأ بالتمهيد لموعد الإفطار، مرورًا بالبرامج الدينية والاجتماعية، وانتهاءً بعرض الفوازير والمسلسلات حتى موعد السحور، وباتت هذه الخطة البرامجية تقليدًا تسير عليه محطات التلفزيون في الدول العربية.
ولم تغب الأعمال الدرامية المصرية منذ الستينيات عن الصدارة، إلا أنها دخلت منذ التسعينيات في منافسة حقيقية مع الإنتاج الضخم للمسلسلات الخليجية والسورية، خاصة أن القنوات التجارية أظهرت قدرة على التمويل كانت تكفي لصنع الفرق، حتى بلغت المنافسة دخول الأعمال التاريخية والدراما الشعبية السورية إلى بيوت المصريين، وزاد الأمر تراجعًا حين تراجع الإنتاج المصري بعد أحداث يناير 2011، ولم تكن هذه إلا مرحلة عابرة انتهت بعودة الأضواء إلى القاهرة مجددًا، من خلال اكتساح الشاشة العربية بسيل من الأعمال المميزة مثل “الاختيار” و”العائدون” و”لعبة نيوتن”.
العودة القوية للدراما المصرية صاحبها تراجع في شعبية المسلسلات السورية التي غابت خلال الموسم الحالي، وانطفأ معها وهج نجوم “باب الحارة” لأسباب ربما تتعلق بصناعة المحتوى وتكاليف الإنتاج، ولا تبدو الدراما الكويتية بأفضل حال بعدما واصلت حضورها الباهت بمجموعة من المسلسلات المملة وفي مقدمتها “سنوات الجريش”، الذي تقوم ببطولته حياة الفهد بعيدًا عن المتابعة الجماهيرية.
وشهدت السنوات الأخيرة دخول الدراما السعودية إلى المنافسة، بسبب تطورها اللافت في تقنيات الإنتاج وظهور مجموعة من الممثلين أصحاب المواهب، غير أنها ما زالت عاجزة عن تخطي مصاعب البدايات وأزمة كتابة النص، ما جعلها تتوقف عند شعبيتها التي صنعتها من خلال “اسكتشات” قصيرة تتكرر منذ برنامج “اخترنا لكم” الشهير، ويبدو أن الدراما السعودية تواجه مشكلة حقيقية بعدما اتضح أن الإمكانات التقنية العالية لم تجد محتوى يمكن معالجته بطريقة تصنع الفرق، حتى بلغ الأمر إنتاج أعمال تلفزيونية مشوهة، وليس أكثرها تشويهًا إنتاج حلقة بأفضل معدات التصوير والإخراج لقصة تتحدث عن سيدة سعودية لم تستطع الخروج من مرآب السيارات، بسبب أن أحدهم أغلق البوابة بسيارته، لتدور أحداث الحلقة على مدار ساعة داخل سيارة السيدة عن محاولاتها اليائسة في الخروج.!
ويبدو أن هناك مشكلة أخرى تتعلق بـ “الشللية” واحتكار مجموعة بعينها للكتابة والتمثيل، ما أدى إلى غياب بعض الشبان المميزين عن الأعمال المنتجة خلال الأعوام الأخيرة، فضلاً عن عدم الاهتمام بالبحث عن كتَاب النص إلا في حدود ضيقة.