|


محمد البكيري
حوار مع السيدة (ملعقة)!
2024-01-02
أذكر وأنا صغير قبل الوعي، كانت أمي بوجهها الضاحك تحكي عن تخيلاتي قبل النوم كيف كنت أفتح حوارات غاضبة مع (مخدتي) عند زعلي من أمر ما مثلًا، أو حوارات سعيدة مع مروحة السقف التي كان لها صوت مميز ما زال يرن في وجدان جيل الطيبين أمثالي.
كبرت ووعيت وما زالت هذه العادة تلازمني أحيانًا. أصبحت أجري حوارات مع أشيائي التي أحبها: سيارتي، مقتنياتي، مكتبي، كتبي، مقتنياتي القديمة وغيرها مما ينشط في ذاكرتي وقلبي.
صباح أمس استيقظت، وجلست وحيدًا أتناول إفطاري. أخذت أقلب ملعقة السكر في كوب الشاي. فتذكرت أن سلالة أحجام هذه الملعقة كيف يمكن أن تتسبب إحداها في خلق أزمة في حال فقدانها. والأسوأ لو تواجدت بالحجم المشبع في صحون المتواجدين على أطراف المائدة كما يظن الجميع. فيكتشف بعضهم أنها بخست حقه من الكمية. وأكرمت غيره!!
لذا سألت الملعقة: هل فعلًا تتباينون في كمية (الغرف) من شخص إلى شخص.
على الفور أجابت: نعم، أحيانًا! وأضافت لكننا مأمورون بيد من يحملنا.
قلت: كيف. وضحي أكثر؟ ضحكت وهي تقول لي: أولًا توقف عن تقليبي في فنجانك البارد. ثم قالت: عندما يضعني أحدهم في أي عمق وعاء بعد أن يختار حجمنا، بعدها تخرجني يده غالبًا ممتلئة، ثم أمامه خياران؛ إما يفرغني كاملة في المساحة التي يختارها، أو يُنقص الكمية.
قلت للملعقة: هل هذه حالة مزاجية أم متعمدة عند الشخص؟ قالت وهي تستند على حافة الفنجان: تقديرية لكن لا تخلو من المزاجية والغموض أحيانًا!
سحبت هذه الملعقة المتفلسفة من عنقها ووضعتها على الطاولة، التي كدت أيضًا أن أفتح معها حوارًا. وأسألها: متى تكونين مستديرة. الجميع عندك على مسافة واحدة؟ فتراجعت مللًا.
عزيزي القارئ، هذا الحوار أعلاه مع السيدة ملعقة التي تخيلتها معي. يمكنك أن تسقطه على من تشاء في وسطنا الرياضي.
فمن أول من خطر ببالك؟