|


صالح الخليف
نيمار ليس الدليل
2018-07-15
لم يتلقَ أحد هجومًا قاسيًّا وشرسًا في هذا المونديال كما حدث مع البرازيلي المدلل نيمار.. ما سلم من الكبار ولا سلم من الصغار ولا سلم من المراهقين والشباب.. المشجعون والمسؤولون واللاعبون والمدربون تجمعوا عليه وحاصروه بعبارات النقد وأمطروه بكلمات الاستغراب والملامة..
عشرات اللقطات المركبة التي تدفقت عبر الواتساب وجميع منصات التواصل الاجتماعي تسخر من مبالغته الكبيرة في السقوط التمثيلي خلال مباريات منتخب بلاده، ونيمار حقًا وبالفعل وبالتأكيد يستحق كل ما ناله من هجوم وشتائم، لكن بالنسبة لي ليس بسبب اهتمامه بقصات شعره الغريبة ولا بسبب امتهانه السقوط بلا معنى.. أظنه يستحق سيلاً من القدح والذم؛ لأنه مثّل دور اللاعب الذي يمكن أن يقود مجموعة كاملة لا للفوز والانتصار، وإنما على أن يظهر بمظهر الفريق الرزين المحترم لكنه فشل.. هناك لبس كبير عند الكثيرين عن أهمية الهوية الفردية لكل فريق أو منتخب يلعب كرة القدم، فيختلط عليهم الأمر بين ضرورة القدرة الفردية مع الأداء الاستعراضي.. يستهويني ويطربني أي فريق ومجموعة تعتمد على الأفراد حتى وإن كانوا حراسًا للمرمى.. اللعب الفردي في كرة القدم لا يعني الأنانية والاستحواذ بالاهتمام والضوء.. يعني أن يكون لديك لاعب واحد يساوي فريقًا بأكمله.. ضربت مثلاً في وقت سابق بمارادونا.. كان وحده يمثل الأرجنتين.. كل من كانوا معه إنما هم عوامل مساعدة يستوجب وجودهم ضرورة الطبيعة والنظام والقانون.. خسرت إنجلترا بسهولة في اختبار الكروات، وبعد المباراة اعترف مدربهم أنهم يفتقدون لمهارات اللاعب الصانع للفارق الفني.. ليس بين الإنجليز لاعب واحد يمكن أن ينقذهم حينما توصد في وجوههم أبواب المرمى.. حينما سقط نيمار شكلاً ومضمونًا تعالت الأصوات بانتهاء زمن اللاعب الفرد، فيما الحقيقة تقول إن نيمار لم يكن كفئًا أو مؤهلاً ليلعب أدوارًا مارادونية أبدًا.. الكرة الجماعية التي يتم تناولها والحديث عنها والتغني بأساليبها إنما هي قاتلة مأجورة لمتعة كرة القدم الحقيقية.. تخيلوا هذه الكرة تفتقد لمارادونا وميسي ورونالدو ورونالدينهو وبقية الجوقة المهرة.. نيمار بفشله لا يعني أن الكرة الفردية لا يمكنها النهوض أو الوصول إلى نقطة بعيدة.. المسألة تعتمد أولاً على هذا الفرد وهل يستحق أن يواجه الجماعة ويهزمهم.. الكثرة تغلب الشجاعة في كل شيء إلا في كرة القدم.. تحتاج أن يكون الفريق يدًا واحدة حتى تستمتع لنغمات التصفيق أنت بحاجة أن تساعد هذه اليد يد أخرى ليس بالضرورة أن تأتي بذات مقاييسها.. اللعب الفردي ليس استعراضًا.. وليس تسحيبًا.. وليس نيمار.. هو القوة التي يحتاجها الضعفاء في وقت الحاجة..!!