|


أحمد الحامد
أنتوني كوين1
2018-08-12
لن أكتب عن الممثل الشهير أنتوني كوين حتى أصل للنصيحة التالية: إن من يثابر في هذه الحياة سيصل إلى هدفه.. أنا لا أعلم عن حقيقة هذه النصيحة.. تبدو كعنوان جيد ولكن تطبيقها يحتاج إلى معرفة، بماذا تثابر؟ ما الذي يصلح لك.. أو ما الذي ستكون به قوياً متميزًا، قد تثابر طوال حياتك في الاتجاه الخاطئ.. حينها لن تبدو لك هذه النصيحة التقليدية منطقية.. ستضحك عليها.. وأتفق معك.. لكنك تنظر إليها من زاويتك التي وضعت نفسك بها.. لاحظ أنها الزاوية الخاطئة!

ولد أنتوني كوين في المكسيك عام 1915 وسط نيران الحرب التي اشترك بها والده ذو الأصول الإيرلندية.. يقول أنتوني عن مشاركة والده في الحرب: “أما أبي فقد شارك في الحرب بحثاً عن هوية.. فقد عانى الكثير من نظرة زملائه له على أنه أجنبي، وكانت رؤية أبي للحرب ذات طابع رومانسي”.

أما والدته فيقول عنها: “جدتي لأمي كانت من الهنود الحمر وكانت تعمل لدى أحد الأثرياء وأحبها ابن شقيق السيد الثري وحملت منه؛ فغضبت عليه أسرته وأرسلته إلى أمريكا لينسى الجنين الذي تركه في أحشاء الخادمة الهندية المكسيكية، وعندما جاء موعد الوضع كان المولود هو أمي التي تربت في مناخ من الفقر والقهر”.

في مثل هذه البيئة ولد أنتوني، في الوهلة الأولى يبدو أن مصيره بائس لأن البيئة بائسة، هذا أحد أنماط التفكير التقليدي لوصف حالة ما، لكن من يستطيع كسر التقليدية ويصنع مفهوماً مختلفاً هو إنسان صانع غير مصنوع، مؤثر غالباً.. وغالباً غير متأثر.

الخط العميق الأول الذي رسم في أعماق أنتوني كوين كان من جدته لأبيه عندما صحبته في سنواته الأولى إلى دور السينما: مع جدتي لأبي “دونا سابينا” بدأت أتعرف على الخيال والسحر والفن، كانت جدتي عاشقة للمسرح والسينما خاصة لأشهر ممثل في أمريكا اللاتينية في ذلك الحين أنتونيو مورينو، وأعتادت دونا سابينا أن تحكي لي كل ما شاهدته من أفلام، وأذكر أنها كانت تحدثني وأنا طفل صغير قائلة لا بد أن تكون ممثلاً عظيماً مثل مورينو، واصطحبتني جدتي ذات يوم لإحدى دور السينما التي كانت عبارة عن مجرد غرفة كبيرة بها صفوف من المقاعد.. وبمجرد إطفاء الأنوار انتقلت إلى عالم آخر، شاهدت الجياد والقطارات والناس تتحرك على الجدار، كان الفيلم من النوع الصامت، ولكن جدتي كانت تشرح لي الأحداث بحماس، وفي نهاية العرض احتضنتني بقوة وهي تتحدث وكأنها في عالم آخر وسمعت صوتها يكرر جملة: لا بد أن تكون أعظم وأشهر من أنتونيو مورينو.