|


أحمد الحامد⁩
أنتوني كوين 2
2018-08-13
عندما انطفأت الأنوار وبدأ الفيلم، دخل أنتوني كوين في عالم آخر، وفي نهاية الفيلم قالت له جدته: عندما تكبر لا بد أن تكون أعظم وأشهر من الممثل أنتونيو مورينو.

أعتقد أن جدته شاهدت في حفيدها موهبة مبكرة، لن يطلب أحد من شخص ما أن يكون مبدعاً دون أن يلاحظ أنه صالح لمثل هذا الطلب.

غادر كوين مع عائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وشاءت الأقدار أن يعمل والده في أحد الاستديوهات السينمائية، حينها شاهد كوين الممثل أنتونيو مورينو، لكن وفاة والد كوين بحادث سيارة جعلت منه مسؤولاً عن عائلته، باحثاً عن المال من جميع المهن التي تتوفر أمامه حتى الملاكمة.. ولولا تلك المباراة الأخيرة وخسارته لها، ربما لم نكن نشاهد أنتوني كوين نجماً سينمائياً عالمياً، كان عمره 16 عاما تقريباً ويقول عن تلك المباراة التي لم ينسها: بعد أن حققت الفوز في عدة مباريات وبدأت أكسب المال لعبت مباراة ضد ملاكم أسود.. في البداية كان المتفرجون تقريباً يشجعونني، ولما أنهكت الخصم وأخذ يترنح أخذت صرخات الجمهور تتعالى.. اقتل الزنجي.. اقتل الزنجي.. ولا أعلم لماذا لم أضربه وأنهي المباراة، في الجولة التالية استعاد خصمي قوته وبدأ بتوجيه الضربات القاسية نحوي، ثم تفاجأت بأصوات الجمهور تتعالى يشجعونه ويقولون له اقتل المكسيكي.. وسقطت على الأرض وخسرت المباراة، بعد ذلك قال لي مدربي وهو منزعج مني لأنني لم أقض على خصمي عندما كان يترنح، بأنني لا أصلح للملاكمة لسبب بسيط، وهو أن الملاكمة تحتاج لملاكم قاتل حتى ينتصر ويستمر، وإنني لست بملاكم قاتل، ولن أستطيع الاستمرار في هذه الرياضة.

بعد ذلك دخل كوين في عالم القراءة.. عن الفن والأدب.. دخوله هذا العالم بسبب شعوره بالجهل عندما تعرف على عائلة صديقته ذات الثقافة العالية.. بدأ يلتهم الكتب للدرجة التي بدأ يعمل ساعات أقل من أجل توفير ساعات أكثر للقراءة، كانت هذه المرحلة من أهم مراحل أنتوني كوين، قبل أن يحصل على أدواره في المسرح والسينما؛ لأنها خرّجت لنا فناناً مثقفاً وواعياً، وليس مجرد مؤدٍّ لا يعرف أبعاد الأدوار التي يؤديها، ولا يستطيع أن يفرز النصوص القوية من الضعيفة، في المقال القادم سأكتفي ببعض الومضات الفنية العبقرية لأسطورتنا أنتوني كوين.