|


أحمد الحامد⁩
سعيد صالح
2018-09-20
الموهبة وشخصية الموهوب توأم لا ينفصلان، وهما مكملان لبعضهما بعضًا، ومحاولة فصل الموهبة عن سلوكيات الشخصية سوف تؤدي إلى وفاة المشروع؛ لذلك على المتلقي ألا يحاول أن يختار إحداهما دون الأخرى؛ لأن محاولة الفرز هذه لن تكون واقعية، أو ستكون نتيجتها
غير صحيحة.
سمعت الكثير من المقارنات بين سعيد صالح وعادل إمام، وسمعت الكثير من عتب الجمهور على سعيد صالح، وأنه لم يهتم برعاية نفسه بالطريقة التي تتيح له أن يقدم أعمالاً بعدد ومستوى عادل إمام، رغم إعجابهم بسعيد وبأعماله التي قدمها لكنهم أرادوا منه أن يكون منضبطاً مثل عادل إمام، وهذا الطلب مرفوض في عالم الفن، وحتى في المجالات الأخرى التي تعتمد على إبداع اللحظة وصناعة المتعة دون إعلان مسبق، لو لم يكن سعيد صالح كما عاش سعيد فلن يكون سعيد صالح، ربما يكون شخصاً آخر وقد لا نحبه.
موهبة سعيد صالح الكبيرة حركتها شخصيته وسلوكياتها، هي نفسها الشخصية التي أدخلت موهبته إلى السجن لأمر لا يعني الجمهور بشيء، وهي نفسها الشخصية التي أعلنت أنها استمتعت بفترة السجن واستفادت منها، وهي نفسها شخصيته التي عندما تم إلقاء القبض عليها قالت لضابط الشرطة: انت متعرفش أنا مين.. أنا سعيد صالح كلية زراعة!! الإضحاك في كل مكان وزمان، يقول الكاتب محمود السعدني: سعيد صالح يِضحك طوب الأرض! بمعنى أن سعيد الذي يضحكك على خشبة المسرح هو نفسه الذي يضحكك وأنت تجلس معه في المقهى، وهو نفسه الذي يحب عادل إمام ولا ينافسه؛ لأنه مختلف عن عادل، وحتى في تعليقاته عندما يريد أحد الوقيعة بينهما كان وفياً لعادل وكان عادل أيضاً كذلك، وكانت ردوده على من يريد أن يصنع الخلافات بينهما: سعيد يقول اللي هو عاوزه، إشارة منه إلى حجم المحبة بينهما وإلى فهم عادل لسعيد الذي لم يرفض أداء بعض المشاهد القصيرة في بعض أفلام عادل مثل فيلم الجردل والكنكة، أحب سعيد صالح المسرح أكثر من السينما، المسرح لعبة الموهبة والقدرة على إنطاق الصمت وتحويله إلى لغة نادرة راسخة، سعيد أسطورة كوميدية صنعتها موهبته وشخصيته التي لا تنفصل عنه؛ لذلك أصبح سعيد صالح هو سعيد صالح.