|


أحمد الحامد⁩
الأغنية والإنسان
2018-09-24
كثير من أغنياتنا نرجسيتها مرتفعة، خصوصاً عندما تكون كلمات الأغنية تتحدث عن خيانة ونكران الحبيب ونسيانه للعطاء والسماح والتضحيات التي قدمت إليه والسنين التي ضاعت في سبيله.
مثل هذه الأغاني عادة تكون ناجحة لأنها توافق طبيعة الإنسان الذي يرى نفسه عادة على حق، بينما هم على خطأ تام، طبيعة بشرية لدى غالبية لا ترى عيوبها، بينما ترى العيوب في من حولهم، بعض البشر أحياناً يتنازل ويقول بأنه ليس بالشخص الكامل لأن الكمال لله، لكنه بمجرد أن يقول بأنه ليس كاملاً يكون قد وضع نفسه أقل من الكمال بقليل والقليل بسيط جداً أمام ما يملكه من عبقرية في كل شيء، في الفهم، في قوة الشخصية، في التسامح والشجاعة. أما عيوبه التي لم توصله للكمال فهي مثل الطيبة الزائدة والنية الطيبة التي دائماً يحصدها جحود من الناكرين.
نسبة الأغاني التي يعترف بها المغني بأخطائه قليلة، تكاد توازي العدد القريب من الواقع، عدد أولئك المتصالحين مع أنفسهم يعرفون بأنهم يؤثرون ويتأثرون ويصيبون ويخطئون، يندفعون ويندمون ويتراجعون ويعتذرون، وحتى عندما يحققون النجاح لا ينسون أهل الفضل وبعض العقلاء لا يناقشون الذين يعتقدون بأنهم دائماً على حق، حتى لا يضيع وقتهم ولا يثقلون على أنفسهم ويضعونها في الموقع الذي لا يليق بهم في موجة أغان جديدة وصلت نرجسيتها ودرجة سوء أخلاقها إلى الدرجة التي يطلب بها المغني مخاطباً حبيبته أو مخاطبة حبيبها بضرب الرأس بالجدار إن لم يكن يعجبه أو يعجبها، عن تلك الشخصيات يبتعد العقلاء على أرض الحياة، في الحقيقة نوع وكلمات الأغنية تمثل المغني نفسياً وأخلاقياً، هو من اختار كلماتها وأشرف على صناعتها، لو لاحظنا كل مغنٍّ وما يغنيه لوجدنا شبهاً كبيراً بينه وبين أغنيته، بين مضمونها ودرجة وعيه ومستوى تفكيره، الفنان المحترم عادة يقدم أغنية محترمة؛ لذلك تنطبع الكثير من الأغاني بالصورة الذهنية لدينا بالفنان الذي قدمها حتى إن لم يكن كذلك في حقيقته، لكنه قدم أغنية محترمة فأضفت عليه ما حملته من قيمة.
مستوى كلمات الأغنية هو ما يبقيها في الذاكرة أو يمحوها مهما لعب اللحن، لكن روح الكاتب التي تظهر توازنه وطريقة تفكيره هو ما يصنفها كمستوى، صداقة المغني مع شعراء يفكرون خارج المعتاد يضمن له على الأقل أغنية أخلاقها جيدة.